37
توضيح المقال في علم الّرجال

أحدهما : في إثبات الافتقار في الجملة الذي به تتمّ اُمور المقدّمة ، سواء أوجبناها فيها أم لا ، وهذا في قبال منكري الحاجة على الإطلاق ؛ لوضوح ارتفاع السالبة الكلّيّة بالموجبة الجزئيّة .
وثانيهما : في إثباته مطلقاً بجعل الجزئيّة كلّيّةً في محلّ النزاع ، أعني في مقابل القول بالتفصيل لا مطلقاً ؛ لوضوح أنّه لا افتقار في الأخبار العلميّة صدوراً أو مفاداً ، وهذا لاخلاف فيه .
ولنا على المقام الأوّل وجوه :
أحدها : الأصل . وتقريره : أنّ العمل بأخبار الآحاد لازم ولو لكونها من أسباب الظنّ بل أقواها ، للأدلّة التي أُقيمت عليه في الاُصول ، فبطل قول السيّد ومَنْ تبعه .
ثمّ العمل بها والاستنباط منها بعد الرجوع إلى علم الرجال وتعيين المعتبر من الأخبار به في الجملة ممّا لا خلاف فيه ، بل الإجماع من الجميع واقع عليه .
وأمّا العمل بها قبل ذلك فهو محلّ الإشكال والخلاف .
ومقتضى الأصل عدم الجواز بمعنى عدم الاعتبار ؛ لوضوح أنّه على خلاف الأصل ، ويأتي ما في المخرج عنه ، فلابدّ من الوقوف عليه .
وثانيها : أنّ العمل بالآحاد لايفيد مطلقاً أو غالباً إلاّ الظنّ ، وقد وقع النهي عنه في الكتاب والسنّة ، بل عليه بناء العقلاء وسيرة العلماء ، والثابت في الخروج عن عموم النهي بالنسبة الى الآحاد إنّما هو بعد الرجوع إلى الرجال في الجملة ، وأمّا قبله فلا ، ويأتي ما في المخرج عنه بدعوى قطعيّة الصدور والاعتبار أو الأخير أو غير ذلك .
وثالثها : أنّ مصير عامّة المجتهدين إلى الافتقار إلى علم الرجال ولو في الجملة مع ما يأتي في تضعيف طريقة الأخباريّين والمفصّلين إن لم يفد القطع بذلك فلا أقلّ من حصول الظنّ ولا أقلّ من الشكّ والترديد ، فالإقدام على العمل في هذه الحالة من غير مراجعة قبيح مذموم عقلاً ونقلاً .
ورابعها : أنّ من المعلوم الوارد على طبقه أخبار مستفيضة أنّ في رواياتنا كانت جملة من الأخبار الموضوعة .


توضيح المقال في علم الّرجال
36

والأخبار المفيدة للعلم بتواتر أو استفاضة أو غير ذلك ممّا لا مدخل لعلم الرجال في حصوله ، كالسيّد وابن إدريس وأضرابهما . ۱
ومنهم : المدّعون لقطعيّة الصدور في كتب الأخبار المتداولة بين أصحابنا أو خصوص الأربعة المعروفة منها ، بزعم استفادته من اُمور تأتي إلى بعضها الإشارة ، ومحصّلها القطع بأخذ ما فيها عن الاُصول الأربعمائة المعروفة في عصرهم عليهم السلام ، وعليه أكثر الأخبارية .
ومن هؤلاء مَنْ راعى بعض الإنصاف ، وتحرّز عن هذا الجزاف ، لكن بنى على اعتبار جميع ما في الكتب الأربعة ؛ لشهادة مصنّفيها الثقات بذلك ، فأخبارها وإن لم تكن قطعيّة الصدور إلاّ أنّها قطعيّة الاعتبار فتوافقهم في الأخير .
ومَنْ خلط بين الطريقتين ، فجمع في الحكاية بين الطائفتين فقد خبط واضحاً إلاّ بالنسبة إلى مَنْ قال من الأوّلين بمقالة الآخرين بطريق التنزّل .
ومنهم : المكتفون بتصحيح الغير مطلقاً والمعلوم حصوله من أكثر العلماء في كتبهم الفقهيّة وغيرها ، وأمّا الاكتفاء به في حال الاضطرار ـ لفقد كتب هذا الفنّ في سفر ونحوه ـ فليس على خلاف مذهب المشهور .
ومنهم ـ من الأخباريّة في حكايةٍ ومطلقاً في أُخرى ۲ ـ : مَنْ فصّل بين صورة التعارض وغيرها ، فاقتصر في نفي الافتقار على الأخير .
ويمكن تسبيع الأقوال المخالفة بالتفصيل بين صورة وجود الشهرة محقّقة أو محكّية في خصوص بعض الأخبار المفيدة لبعض الأقوال ، أو اختصاص الراجحة منها بجانب ، وبين غيرها ، فيقتصر في الافتقار على الأخير .
ولعلّ عليه عمل بعضٍ أو جماعة ، وإن لم أقف على مَنْ اختاره أو حكاه عن واحد . فالواجب أو الأَوْلى التكلّم هنا في مقامين :

1.. اُنظر : الفوائد الحائرية ، ص ۲۲۹ .

2.. أي من الأخباريّة وغيرهم في حكاية أُخرى .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67464
صفحه از 344
پرینت  ارسال به