غفلوا عمّا تحته من التناقض» ۱ يعني أنّ العمل بما مرّ من الأخبار مع غيرها مطلقاً موجب للتناقض ؛ لوضوح أنّ العمل بغيرها إنّما يتمّ مع الإعراض عن هذه ، وإلاّ فهي تنهى عن العمل .
ثمّ إنّك قد عرفت أنّه لا خلاف في حصول التميّز بالرجال ، وحصوله بغيره كلّيّاً غير ثابت ، بعد مايأتي في تضعيف دعواه ، فلابدّ من الرجوع إليه في امتثال النواهي المزبورة [مع أوامره العمل بها] . ۲
خامسها : الأخبار العلاجيّة المشتملة على الرجوع عند التعارض إلى الأعدل والأورع والأفقه . ۳ وهذه الصفات لايُعلم ثبوتها في الرواة إلاّ بملاحظة الرجال ؛ لفقد المعاشرة معهم ، وانتفاء الشهادة اللفظية عليها فيهم ، فانحصر في الكتبيّة الموجودة في الرجال وإن لم نقل بكونها من باب الشهادة الشرعية .
والترجيح بالشهرة وموافقة القرآن ونحوهما ممّا لامدخل للرجال فيه لايغني عن الأوّل ، وإلاّ لما أمر ۴ بالجميع ، كيف! وهي أحد أسباب الترجيح ، ولا ترجيح لها على غيرها ، فلتُحمل الأخبار على تعيين كلٍّ في طائفة أو عند تعذّر الآخر أو التخيير .
وليس الأمر هنا كما سبق في تخيير سبب معرفة المعتبر ؛ لعدم سبق أحد الأمرين على الآخر ، فالافتقار إلى الرجال في عرض الافتقار إلى الخارج . فثبت الافتقار في الجملة إلاّ أنّا بصدد الحصر ولو في الجملة .
فنقول : من المعلوم عدم جريان الترجيح الأخير في جميع الأخبار المتعارضة ، وحينئذ يتعيّن غيره ، كما يتعيّن كلّ مخبَر عند تعذّر غيره .
ولْنكتَفِ في هذا المقام بهذا المقدار ؛ لأنّ ما في المقام الثاني يدلّ على هذا المرام وزيادة وإن كان بعض الوجوه المزبورة بل جميعها ـ ولو بضمّ الإجماع المركّب ممّن
1.. المعتبر ، ج ۱ ، ص ۲۹ .
2.. كذا في الأصل ، والعبارة لا تخلو من تشويش وإيهام ولعلّ الصحيح : «مع أوامره بالعمل بها» .
3.. عوالي اللآلى ، ج ۳ ، ص ۱۲۹ ، ح ۱۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ ، ح ۵۷ .
4.. أي الإمام عليه السلام .