39
توضيح المقال في علم الّرجال

غفلوا عمّا تحته من التناقض» ۱ يعني أنّ العمل بما مرّ من الأخبار مع غيرها مطلقاً موجب للتناقض ؛ لوضوح أنّ العمل بغيرها إنّما يتمّ مع الإعراض عن هذه ، وإلاّ فهي تنهى عن العمل .
ثمّ إنّك قد عرفت أنّه لا خلاف في حصول التميّز بالرجال ، وحصوله بغيره كلّيّاً غير ثابت ، بعد مايأتي في تضعيف دعواه ، فلابدّ من الرجوع إليه في امتثال النواهي المزبورة [مع أوامره العمل بها] . ۲
خامسها : الأخبار العلاجيّة المشتملة على الرجوع عند التعارض إلى الأعدل والأورع والأفقه . ۳ وهذه الصفات لايُعلم ثبوتها في الرواة إلاّ بملاحظة الرجال ؛ لفقد المعاشرة معهم ، وانتفاء الشهادة اللفظية عليها فيهم ، فانحصر في الكتبيّة الموجودة في الرجال وإن لم نقل بكونها من باب الشهادة الشرعية .
والترجيح بالشهرة وموافقة القرآن ونحوهما ممّا لامدخل للرجال فيه لايغني عن الأوّل ، وإلاّ لما أمر ۴ بالجميع ، كيف! وهي أحد أسباب الترجيح ، ولا ترجيح لها على غيرها ، فلتُحمل الأخبار على تعيين كلٍّ في طائفة أو عند تعذّر الآخر أو التخيير .
وليس الأمر هنا كما سبق في تخيير سبب معرفة المعتبر ؛ لعدم سبق أحد الأمرين على الآخر ، فالافتقار إلى الرجال في عرض الافتقار إلى الخارج . فثبت الافتقار في الجملة إلاّ أنّا بصدد الحصر ولو في الجملة .
فنقول : من المعلوم عدم جريان الترجيح الأخير في جميع الأخبار المتعارضة ، وحينئذ يتعيّن غيره ، كما يتعيّن كلّ مخبَر عند تعذّر غيره .
ولْنكتَفِ في هذا المقام بهذا المقدار ؛ لأنّ ما في المقام الثاني يدلّ على هذا المرام وزيادة وإن كان بعض الوجوه المزبورة بل جميعها ـ ولو بضمّ الإجماع المركّب ممّن

1.. المعتبر ، ج ۱ ، ص ۲۹ .

2.. كذا في الأصل ، والعبارة لا تخلو من تشويش وإيهام ولعلّ الصحيح : «مع أوامره بالعمل بها» .

3.. عوالي اللآلى ، ج ۳ ، ص ۱۲۹ ، ح ۱۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ ، ح ۵۷ .

4.. أي الإمام عليه السلام .


توضيح المقال في علم الّرجال
38

ففي النبويّ المعروف : «ستكثر بعدي القالة عَلَيّ» . ۱
وفي المرويّ عن الصادق عليه السلام : «أنّ لكلّ رجل منّا رجلاً يكذب عليه» . ۲
وفي الآخر عنه عليه السلام : «إنّا أهل بيت صادقون لانخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه» . ۳
وفي الآخر : «أنّ المغيرة بن سعيد دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي فاتّقوا اللّه ولاتقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا وسنّة نبيّنا» .
وعن يونس أنّه قال : وافيتُ العراق فوجدت قطعة من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبداللّه عليهماالسلاممتوافرين ، فسمعت منهم وأخذت كتبهم ، وعرضتها من بعدُ على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبداللّه عليه السلام ، وقال : إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبداللّه عليه السلام ، لعن اللّه أبا الخطّاب وكذلك أصحاب أبي الخطّاب ، يدسّون من هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبداللّه عليه السلام ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن» . ۴
وفي جملة من الأخبار العلاجيّة : «أنّ ما خالف القرآن» وفي بعضها : «ما خالفه وخالف السنّة أنّي ما قلته» وفي آخر : الأمر بضرب مخالفه وجه الجدار . ۵ إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا المضمار .
فنقول : إنّ إخراج الموضوعة عمّا في أيدينا من الأخبار غيرمعلوم ، وادّعاؤه ـ كما يأتي ـ غير مسموع ، فالعمل بالجميع من غير تميّز الموضوع عن غيره بالمقدور قبيح ، بل منهيٌّ عنه بهذه الأخبار .
ومن هنا قال المحقّق في المحكيّ عن المعتبر ـ بعد حكاية مذهب الحشويّة ـ : «إنّهم

1.. نقله المحقّق في : المعتبر ، ج ۱ ، ص ۳۰ ، ولم نعثر عليه في المجامع الروائية .

2.. نقله أيضا في : المعتبر ، ج ۱ ، ص ۲۹ .

3.. رجال الكشّي ، ص ۳۰۵ ، الرقم ۵۴۹ .

4.. رجال الكشّي ، ص ۲۲۴ ، الرقم ۴۰۱ .

5.. وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۰۶ وما بعدها (باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة) .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67482
صفحه از 344
پرینت  ارسال به