41
توضيح المقال في علم الّرجال

بقرائن الصدق منافٍ للحاجة إلى علم الرجال ؛ لعدم الحاجة حينئذٍ إلى التعديل ، وذلك لأنّ منشأ الحاجة ليس خصوص إثبات العدالة ، بل مطلق الوثاقة والمدح المعتبر ، وهما لايُعلمان إلاّ بالرجال . نعم هو منافٍ لعموم أدلّة المنع عن قبول قول الفاسق ومخصّص له .
وإليه ينظر جوابهم ـ بعد اشتراط العدالة في اعتبار الرواية ـ عن الإيراد بمنافاته لاعتبار الموثّق وغيره ، بأنّ المراد اعتباره بغير تبيّن وتثبّت ، لدلالة آية النبإ على عدم الاشتراط حينئذٍ ، فهي المخصّصة لما ذكر ، وأنّ الرجوع إلى ما قيل في حقّ الراوي الفاسق أو بالنسبة إلى روايته من التوثيق والمدح وغيرهما من المعاضدات نوعُ تثبّت ؛ لأنّه أعمّ من القطع والظنّ ، والأخير حاصل بالرجوع .
وما يتوهّم وروده على هذا ـ بأنّ لازمه توقّف اعتبار قول العدل أيضاً عليه ، إذ لا اعتبار به قبل معرفة عدالته ، والرجوع إلى تعديله تثبّت كما ذكر ، والحاصل أنّ مع فقد هذا التثبّت لا يعتبر قولهما معاً ، ومعه يُعتبر كلٌّ منهما معاً . فأين موضع الاشتراط ؟ ـ فمندفع : بأنّ الرجوع في التعديل لإحراز الشرط ، وفي غيره للتثبّت وإن كان هذا لازمَ الحصول للأول أيضاً ، ومع ذلك لا يخلو من نظر .
والأَولى التزام التخصيص بأدلّة اعتبار ما ذكر من عمل الطائفة كما ذكره الشيخ والمحقّق وغيرهما ، وغير ذلك ، أو حمل الفسق على المخالفة في الفروع كما لعلّه الظاهر منه عند الإطلاق وكان مورد الآية وإن لم يوجب تخصيص العموم ، وهذا مقابل العدالة في المذهب وإن كان الظاهر من إطلاقها الإطلاق ، كما صرّحوا بذلك فيها وفي التوثيق .
ولا يلزم هذا فساد من جهة التقابل بينهما ؛ لأنّه بين المعنيين الأصليّين دون ما ينصرف إليه الإطلاق ، فالتقابل بين مطلق أحدهما ومقيّد الآخر ، كما لايخفى .
ومنها : أنّ سيرة العلماء قديماً وحديثاً على تدوين كتب الرجال وتنقيحها وتحصيلها بالاشتراء والاستكتاب ، وعلى مطالعتها والرجوع إليها في معرفة أحوال الرواة ، والعمل بها في الاعتداد برجالٍ ، والطعن في آخرين ، والتوقّف في طائفة ثالثة ،


توضيح المقال في علم الّرجال
40

يعتدّ بشأنه أو عدم القول بالفصل أو مقدّمة اُخرى ـ ممّا يكتفى به في المقام الثاني .
فلنا على هذا المقام ـ أي الثاني ـ أيضاً وجوه :
منها : ما مرّ بضمّ أحد الأخيرين إلى الأخير وغيرهما في غيره ، وهو أنّه لامخرج عن الأصل والعموم المتقدّمين إلاّ مع الرجوع على الإطلاق ؛ لما يأتي في تضعيف ما ادّعي الإخراج به ، وأنّ الحقّ بقاء التشكيك والترديد إلاّ مع الرجوع كذلك ؛ لما ذكر ، وأنّ احتمال الوضع قائم في أكثر الأخبار أو جميعها وإن ضعف في بعض لقرائن خارجيّة ، فلابدّ من الرجوع في الجميع .
ومنها : أنّ قول الفاسق مع العراء عن قرائن الصدق والجابر غير معتبر شرعاً ، والعمل به منهيّ عنه ومذموم كذلك ، بدليل الإجماع حتّى من الأخبارية ؛ فإنّهم يدّعون عدم العراء عمّا ذكر ، ولازمه بل صريحه الموافقة مع العراء .
نعم ، هو من الحشوية ، ولا اعتناء بخلافهم خصوصاً ، وفي اتّفاق غيرهم كفاية ، ولبناء العقلاء وطريقة العلماء كما يعلم بتتبّع أقوالهم وأحوالهم ، ومن اعتذار العامل به في مقام بدعوى ترجيح خارجي ، وللأصل والعموم السابِقَيْنِ ، والأخبار المفيدة بالمنطوق أو المفهوم على اعتبار الوثاقة فيمن يعتبر قوله شرعاً ، ولمنطوق آية النبإ خصوصاً بعد ملاحظة عموم التعليل فيها ، وحيث إنّ الفسق كالعدالة من الاُ?ور النفس الأمريّة الموضوع لها اللفظ من غير اعتبار أمر آخر من علم ونحوه ممّا هو من الطرق ، لاجزء موضوع اللفظ ولا ما يراد منه ، فالمنهيّ عنه هو قول المتّصف بذلك في نفس الأمر لا في علمنا ، فمجهول الحال قبل الفحص أو بعده لايعتبر قوله ؛ لاحتمال كونه فاسقاً ، فلابدّ في كلّ مقام يعمل من سدّ هذا الاحتمال ولو بطريق شرعي ، لا اطّراد العمل إلاّ فيما ثبت فسقه كما قد تخيّل .
ولا ريب في قيام هذا الاحتمال في أكثر الرواة قبل الرجوع إلى الرجال ، وفي توقّف سدّه وكشف الحال بثبوت عدالتهم أو فسقهم على التأمّل في أحوالهم المزبورة في علم الرجال .
ولايُتَوَهَّم أنّ مصير الأكثر إلى اعتبار الموثّق بل الحسن ، بل الضعيف إذا اعتضد

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67499
صفحه از 344
پرینت  ارسال به