49
توضيح المقال في علم الّرجال

من غيرها مع تمكّنهم منها ومن تميّز ما هو المعتبر عن غيره غاية التمكّن ، مع علمهم بعدم اعتبار الظنّ في الأحكام الشرعيّة مع التمكّن من العلم والتبيّن .
والمعلوم من وثاقتهم وجلالتهم عدم التقصير في ذلك ، كيف وأهل التواريخ لايأخذون القصص من كتاب أو شخص غير معتمد مع التمكّن من الأخذ عن المعتمد ، فما الظنّ بهؤلاء المشايخ العظام!؟ وعلى فرض أخذهم من غير الكتب المعتبرة كيف يدلّسون! بل يشهدون بصحّة جميع ما نقلوه وكونه حجّةً بينهم وبين ربّهم» . ۱
وثانيها :
«أنّ مقتضى الحكمة الربّانية وشفقة الرسول والأئمّة عليهم السلام أن لايُضيَّع مَنْ في أصلاب الرجال من الأمّة ، ويُتركوا حيارى يلتجئون إلى التشبّث بظنون واهية وغيرها ، بل يمهّد لهم اُصول معتبرة يعملون بها في الغيبة ، كما هو الواقع والمعلوم بالتتبّع في أحوالهم والتأمّل في الأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّهم أَمروا أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم وتأليفه والعمل به في الحضور والغيبة بالنصّ عليها بقولهم : «سيأتي زمان لايستأنسون فيه إلاّ بكتبهم» وفي الأحاديث الكثيرة الدالّة على اعتبار تلك الكتب والأمر بالعمل بها ، وعلى أنّها عُرضت على الأئمّة عليهم السلام ، فمدحوها ومدحوا صاحبها .
وقد نصّ المحقّق بأنّ كتاب يونس بن عبدالرحمن وكتاب الفضل بن شاذان كانا عنده . ۲ وذكر علماء الرجال أنّهما عرضا عليهم عليهم السلام ، فما الظنّ بأرباب الأربعة .
وقد صرّح الصدوق في مواضع بأنّ كتاب محمّد بن الحسن الصفّار ، المشتمل على مسائل وجوابات العسكري عليه السلام كان عنده بخطّه الشريف ، وكذا كتاب عبداللّه بن عليّ الحلبي ، المعروض على الصادق عليه السلام . ۳
ثمّ رأيناهم يرجّحون كثيراً مّا حديثاً مرويّاً في غير الكتاب المعروض على الحديث الذي فيه،وهذا لايتّجه إلاّ بأنّهم جازمون بكونه فيالاعتبار وصحّه الصدور كالكتاب المعروض.

1.. خاتمة الوسائل ، ج ۳۰ ، ص ۲۵۲ ـ ۲۵۳ .

2.. اُنظر المعتبر ، ج ۱ ، ص ۷ .

3.. الفقيه ، ج ۴ ، ص ۱۵۱ ، ح ۵۲۳ ، وقال الصدوق رحمه الله في ذيل الحديث : «وهذا التوقيع عندي بخطّه عليه السلام» . أي : بخطّ الإمام أبي محمد الحسن بن عليّ عليهماالسلام .


توضيح المقال في علم الّرجال
48

ومنها : نقل العالم الثقة الورع في كتابه المؤلَّف للإرشاد ورجوع الشيعة إليه .
ومنها : كون راويها ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، على المعنى الظاهر الذي عليه الأكثر كما يأتي .
ومنها : كونه مِمَّن نصَّ في الروايات على توثيقه وأمر بالأخذ منه ومن كتابه أو أنّه المأمون في أمر الدين والدنيا . ۱
ومنها : وجودها في أحد الكتب الأربعة : الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار ؛ لشهادة مؤلّفيها بصحّة ما فيها من الأخبار ، وأنّهم أخذوها من الكتب المعتمدة والاُصول المعتبرة التي إليها المرجع وعليها المعوّل .
ومن ذلك ما ذكره الشيخ الفاضل الكامل الحرّ العامليّ في الوسائل قال :
«الفائدة التاسعة : في ذكر الاستدلال على صحّة أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتابَ وأمثالها ووجوب العمل بها فقد عرفت الدليل على ذلك إجمالاً ، ويظهر من ذلك ضعف الاصطلاح الجديد ۲ على تقسيم الأحاديث إلى صحيح وموثّق وحسن وضعيف ، الذي تجدّد في زمان العلاّمة وشيخه أحمد بن طاوس ، والذي يدلّ على ذلك وجوه» . ۳
قلتُ : المناسب لهذا المختصر الاقتصار على نقل عمدتها ولو بالمعنى ، وجمع ما هو من باب واحد أو بعضه متفرّع على بعض في أمر واحد ، فنقول :

أحدها :

«أنّ المعلوم بالتواتر والأخبار المحفوفة بقرائن القطع أنّه كان دأب القدماء في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ضبط الأحاديث وتدوينها في مجالس الأئمة عليهم السلام وغيرها ، وكانت هِمَمُهم على تأليف ما تعمل به الطائفة المحقّة ، وعرضه على الأئمة عليهم السلام ، وقد استمرّ ذلك إلى زمن تأليف الكتب الأربعة حتّى بقيت جملة منها بعد ذلك .
وهذه الأربعة منقولة من تلك الأُصول المعتمدة ، بشهادة أربابها الثقات ، ولغاية بُعْد تأليفهم

1.. اُنظر : خاتمة الوسائل ، ص ۲۲۰ وما بعدها (الفائدة السابعة ، التوثيقات العامّة) .

2.. في النسخ : «الاستدلال» بدل «الاصطلاح الجديد» و ما أثبتناه من المصدر .

3.. خاتمة الوسائل ، ص ۲۵۱ و۲۵۲ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67526
صفحه از 344
پرینت  ارسال به