المعلومة من مصنّفيها يوجب عدم إعمالهما للرجال أصلاً ، أو في غير أرباب الاُصول ، وهو بعيد جدّاً . ولو كان ثبوتها لديهما بالوسائط المتوقّف معرفتهم على الرجال فقد قام هنا الاحتمال .
ونقول في المقام الثاني إجمالاً :
إنّ ما ذكر في هذا الوجه بأجمعه غيرُ مفيدٍ للقطع بالصدور ؛ إذ لا أقلّ من قيام احتمال السهو والغفلة ؛ لوضوح عدم عصمة الرواة والمؤلّفين للأُصول والكتب المأخوذة منها ، ومع التسليم فلا يوجب الغنى عن الرجال على الإطلاق ؛ لوضوح وجود الأخبار المعارضة في جملة هذه الأخبار كأخبار التقيّة ، ومن المعلوم المدلول عليه بالأخبار العلاجيّة منها وغيرها توقّف تميّز الراجح المعتبر منها على مراجعة الرجال ، فأين الغنى المدّعى على كلّ حال؟
إلاّ أن يقال : نختار حينئذٍ التخيير الموجود في بعض هذه الأخبار ، كما هو مختار ثقة الإسلام ، ۱ ومعه لا افتقار إلى علم الرجال ، لا في نفس الأخبار المتعارضة في الأحكام ولا في المتعارضة منها في العلاج ، إلاّ إذا اخترنا التخيير في القسم الأخير لأخبار الترجيح ، فيقع الافتقار في الجميع أو في القسم الأوّل إلاّ أنّه بالفرض .
ويُدفع أوّلاً : أنّ المختار حتّى لأكثر الأخباريّة الترجيح دون التخيير .
وثانياً : بأنّ اختيار التخيير إنّما هو بعد ترجيح أخباره على أخبار الترجيح ، والترجيح يلتمس الرجحان الذي عمدته في الرواة ، المتوقّف معرفتها على الرجال .
وثالثاً : بأنّ المستفاد من الأخبار ترتّب التخيير على تعذّر الترجيح ؛ لفقد سببه أو وجوده في الجانبين ، فهو في الحقيقة في مقابل التوقّف والرجوع إلى الاُصول والقواعد لا الترجيح .
مضافاً إلى أنّ الظاهر ـ كما قيل ـ أنّ كلّ مَنْ قال بالافتقار إلى علم الرجال قال به عيناً ، فإذا ثبت الافتقار تخييراً بينه وبين التخيير بأخباره ، ثبت مطلقاً بالإجماع