57
توضيح المقال في علم الّرجال

المعلومة من مصنّفيها يوجب عدم إعمالهما للرجال أصلاً ، أو في غير أرباب الاُصول ، وهو بعيد جدّاً . ولو كان ثبوتها لديهما بالوسائط المتوقّف معرفتهم على الرجال فقد قام هنا الاحتمال .

ونقول في المقام الثاني إجمالاً :

إنّ ما ذكر في هذا الوجه بأجمعه غيرُ مفيدٍ للقطع بالصدور ؛ إذ لا أقلّ من قيام احتمال السهو والغفلة ؛ لوضوح عدم عصمة الرواة والمؤلّفين للأُصول والكتب المأخوذة منها ، ومع التسليم فلا يوجب الغنى عن الرجال على الإطلاق ؛ لوضوح وجود الأخبار المعارضة في جملة هذه الأخبار كأخبار التقيّة ، ومن المعلوم المدلول عليه بالأخبار العلاجيّة منها وغيرها توقّف تميّز الراجح المعتبر منها على مراجعة الرجال ، فأين الغنى المدّعى على كلّ حال؟
إلاّ أن يقال : نختار حينئذٍ التخيير الموجود في بعض هذه الأخبار ، كما هو مختار ثقة الإسلام ، ۱ ومعه لا افتقار إلى علم الرجال ، لا في نفس الأخبار المتعارضة في الأحكام ولا في المتعارضة منها في العلاج ، إلاّ إذا اخترنا التخيير في القسم الأخير لأخبار الترجيح ، فيقع الافتقار في الجميع أو في القسم الأوّل إلاّ أنّه بالفرض .
ويُدفع أوّلاً : أنّ المختار حتّى لأكثر الأخباريّة الترجيح دون التخيير .
وثانياً : بأنّ اختيار التخيير إنّما هو بعد ترجيح أخباره على أخبار الترجيح ، والترجيح يلتمس الرجحان الذي عمدته في الرواة ، المتوقّف معرفتها على الرجال .
وثالثاً : بأنّ المستفاد من الأخبار ترتّب التخيير على تعذّر الترجيح ؛ لفقد سببه أو وجوده في الجانبين ، فهو في الحقيقة في مقابل التوقّف والرجوع إلى الاُصول والقواعد لا الترجيح .
مضافاً إلى أنّ الظاهر ـ كما قيل ـ أنّ كلّ مَنْ قال بالافتقار إلى علم الرجال قال به عيناً ، فإذا ثبت الافتقار تخييراً بينه وبين التخيير بأخباره ، ثبت مطلقاً بالإجماع

1.. الكافي ، ج ۱ ، ص ۸ ، خطبة الكتاب .


توضيح المقال في علم الّرجال
56

المستقرّ الحاصل بالفحص والبحث عن أسبابه ، ولذا أوجب القائلون بها في الاُصول البحث في الأخبار وغيرها من الأدلّة ، ولم يكتفوا بالظنّ الحاصل لغيره ولو شهد بالحكم مَنْ شهد ، كيف! وإلاّ لزم جواز اكتفاء المجتهد بفتاوى أمثاله ، وحَلَّ له التقليد الممنوع في حقّه بالإجماع ، ومجرّد تسميته اجتهاداً لاينفع ، وأيّ فرق حينئذٍ بينه وبين التقليد بناءً على اعتباره للظنّ كما يقول به كلُّ أو جُلُّ البانين على هذه القاعدة؟
ولايرد مثله علينا في الرجوع إلى علماء الرجال في الجرح والتوثيق ؛ لمنع كونهما باجتهادهم ، بل الظاهر أنّ ذلك بنقل اللاحق عن السابق كما في اللغة ، أما سمعت ما مرّ من التعليقة في حقّ ابن فضّال أو بشياع الحال المكتفى به في العدالة والجرح ، كما في كثير من متقاربي العصر أو مُتَّحِديه مع فقد الملاقاة والمعاشرة أو بقرائن أُخر مفيدة للظنّ المعتبر؟ ومع التسليم فمثله نادر .
على أنّ الرجوع إلى اجتهاد لا نتمكّن نحن من مثله لابأس به بعد البناء على الظنّ ؛ لأنّ الحاصل من مثله مستقرّ معتبر بالقاعدة المزبورة ، بخلاف ما نتمكّن من مثله .
فأمّا كون شهادتهم كَتْبِيّةً في غير موضع اجتهادهم وفرعاً أو فرعَ فرع فهو كذلك ، لكن أشرنا إلى أنّ الرجوع لاستفادة الظنّ لا الشهادة ـ ويجيء التفصيل ـ ولا ريب في حصول الظنّ بأيّ قسم كانت الشهادة .
مضافاً إلى ما يأتي في التتمّة من إمكان الاكتفاء بنحو هذه الشهادة في خصوص المقام ؛ للعمل والإجماع .
فأمّا الإرسال والخطإ الخَفِيّان من الشيخ أو غيره فمع ما مرّ ـ من كون البناء على الظنّ وعدم اقتضائهما الغنى عن الرجال لو لم يثبتانه لوضوح حصول معرفتهما به ـ أنّ البحث في الفحص الموجب للتميّز المتوقّف على معرفة الطبقات بالمميّزات ، وليس المدار على ظنّ الجاهل ، مع أنّهما محتملان في الحكم بصحّة ما في الكتب بالنسبة إلى ما صحّح بالسند .
وتخيّل نفي وجوده فيها رأساً ـ مع كونه رجماً بالغيب ـ منافٍ لخبرة الصدوق والشيخ بالرجال غاية الخبرة ؛ لوضوح أنّ اقتصارهما على الأخذ من الأُصول المعروفة

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67484
صفحه از 344
پرینت  ارسال به