63
توضيح المقال في علم الّرجال

الاجتهاد والرجوع إلى الرجال وغيره من أسباب الظنّ بالاعتبار أو الدلالة .
نعم ، إن أرادوا بذلك قطعيّة الحجّيّة في كثير ممّا فيها لا في الجميع ، فهو حقّ لاشكّ فيه حتّى عند العاملين بالظنّ المطلق ، إلاّ أنّ ذلك ـ كما مّر ـ من مقدّمات الافتقار إلى الرجال لا من الأدلّة على خلافه .
وأمّا من استدلّ بأقوالهم في أوائلها على الصحّة بأنّها شهادة منهم عليها والبيّنة معتبرة مطلقاً ، خصوصاً وهي منهم متضمّنة لتعديل رواة ما في كتبهم من الأخبار ، وأنّها لاتقصر إن لم تكن أولى من شهادة واحد أو أكثر من علماء الرجال على وثاقة راوٍ ، فيدفعه :
أوّلاً : ما عرفت من منع كونها شهادةً ، كيف ويعتبر فيها العلم بلا خلاف!؟ وعرفت أنّ عملهم من باب الترجيح والرجوع إلى أحوال الرجال وغير ذلك ممّا غايته الظنّ غالباً .
وثانياً : منع اعتبار الشهادة في أمثال هذه الموارد التي هي بالفتوى أقرب ، بل هي منها ؛ لكونها إخباراً عمّا اجتهد فيه في المسألة الاُصوليّة ، وهي مسألة حجّيّة أخبار الآحاد .
وثالثاً : منعه ؛ لكونها شهادةً علميّة على تسليمها وتسليم أخبارهم بطريق الجزم ، وفي اعتبارها خلاف وإشكال .
ورابعاً : لعدم تعيين المشهود به من الروايات والرواة .
وخامساً : لكونها كتبيّةً .
وسادساً : لإعراض المشهور عن الاكتفاء بها ، كما يشهد له بناؤهم على الاصطلاح الجديد ، وتعليله بتميّز المعتبر عن غيره بعد دعوى إخفاء القرائن المفيدة لذلك .
ويشهد له أيضاً مخالفة بعض المشايخ لبعض وعدم اكتفائه بشهادة مَنْ سبقه .
وسابعاً : بأنّ مرادَهم بالصحيح ـ كما يجيء في الباب الثاني بل الثالث ـ هو ما اعتمدوا بكونه من المعصوم سواء قطعوا أو ظنّوا لجملة من الأمارات التي كانت


توضيح المقال في علم الّرجال
62

ومَنْ لاحظ أوّل الاستبصار المتأخّر عن جميع هذه الكتب مصنِّفاً وتصنيفاً ، وهو في الحقيقة لسان غيره ، عَلِم علماً قطعيّاً أنّ هذا الإسنادَ إليهم توهّمٌ صرف أو صرفُ افتراء ؛ لأنّه ـ بعد أن ذكر المتواتر وما أوجب العلم ، وجعل القسم الآخر كلّ خبر لايكون متواتراً ويتعرّى من واحدة من القرائن التي ذكرها ـ قال :
«إنّ ذلك خبر واحد ، ويجوز العمل به على شروط ، فإذا كان الخبر لايعارضه خبر آخر ، فإنّ ذلك يجب العمل به ، لأنّه من الباب الذي عليه الإجماع في النقل ، إلاّ أن يعرف فتاواهم بخلافه فيترك لأجلها العمل به . وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارِضَيْنِ ، فيعمل على أعدل الرواة» ۱ .
إلى أن قال :
«وأنت إذا فكرتَ في هذه الجملة ، وجدتَ الأخبار كلّها لاتخلو من قسم من هذه الأقسام ، ووجدتَ أيضاً ما عملنا عليه في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا في الفتاوى في الحلال والحرام لايخلو من واحد من هذه الأقسام ، ولم نُشر في أوّل كلّ باب إلى ذكر ما رجّحنا به الأخبار التي عملنا عليها وإن كنّا قد أشرنا في أكثرها إلى ذكر ذلك ، طلباً للإيجاز والاختصار» . ۲ انتهى .
وهل يقدر العاقل أن يقول : الآحاد التي عمل بها الشيخ ، وادّعى عليه الإجماع المفيد لكون عمل مَنْ سبقه أيضاً عليه ، ونظر فيه مع التعارض إلى ما لايعلم أو يظنّ إلاّ بالرجال؟ وكان بناؤه في كتبه جميعاً على الترجيح بالأسباب التي يعلم ممّا ذكر منها أنّها ممّا يعرف بالرجال ، وغايتها إفادة الظنّ أنّي مع كلّ ذلك عالم بصدور هذه الأخبار عن المعصوم عليه السلام أو بمفادها من غير رجوع إلى الرجال ، بل التحقيق عدم حصول الظنّ بذلك أيضاً إلاّ في جملة منها معيّنة أو مجملة كما لايخفى على المتأمّل فيما مرّ . ومنه يظهر أنّ تنزيل بعضهم لدعوى القطعيّة على إرادة العلم العادي كالعلم بأنّ الجبل لم ينقلب ذهباً أو على ما يسمّى به في العرف العامّ أو الخاصّ بالمبتدئين في العلم ، وهو الظنّ القويّ كما عن آخر أيضاً ، واضح الفساد، خصوصاً والأخير لايغني عن

1.. الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴ .

2.. الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۵ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67528
صفحه از 344
پرینت  ارسال به