67
توضيح المقال في علم الّرجال

وأمّا أنّه مسألة اُصوليّة ، فإن اُريد أصل الاصطلاح ، فواضح البطلان . وإن أُريد الحكم باعتبار محلّ اصطلاح دون آخر ، فهو كذلك ، إلاّ أنّ دليله الكتاب والسنّة .
ففي الاعتبار آيات حجّيّة الأخبار كآية النبإ والسؤال والإنذار ، والأخبار الدالّة على اعتبار قول الثقة ، خصوصاً وعموماً ، بالتصريح أو التعليل وغير ذلك ، وقد جُمع أكثرها في الوسائل ، مضافاً إلى الإجماع والسيرة .
وفي العدم الآيات والأخبار الناهية عن العمل بالظنّ وتقليد الآباء ، مضافاً إلى الإجماع أيضاً مع عدم الاعتضاد بأمرٍ خارج ، وليس المقام مقام التفصيل .
وأمّا استلزامه لضعف أكثر الأحاديث المعلوم نقلها من الاُصول المُجْمَع عليها فممنوع بعد ثبوت كونها من الأصل المجمع على اعتبار تمام ما فيه ، كيف! والعمل بالضعيف المجبور بالشهرة مشهور عندهم إن لم يكن مجمعاً عليه فكيف بالمجبور بالإجماع على العمل به!؟
نعم ، هو كذلك مع عدم ثبوت ما ذكر إمّا بعدم ثبوت كونها من الأُصول أو عدم كون الأصل مُجمعاً عليه أو مجمعاً على جميع ما فيه مع فقد سائر أسباب الاعتضاد . وظاهر أنّه لايرد في ذلك شيء من اللوازم المزبورة في هذا الوجه .
ومع التسليم فإنّما هو في بعض الأحاديث لا أكثرها .
ثمّ إنّ في دعوى الإجماع على الأُصول القديمة مع فرض وجودها أن محقّقه غيرُ ثابتٍ ، خصوصاً إن أُريد بغير فَقْدٍ وانتخاب . أو قطعيّة الصدور ، ومحكيّه غيرُ نافعٍ في إثبات هذا المرام ، مع وهنه بردّ أكثر الأصحاب أو جميعهم لكثيرٍ ممّا فيها ، وقد اعترف في الوجه الثاني من وجوهه بترجيحهم كثيراً مّا للحديث المرويّ في غير الكتاب المعروض على المعصوم عليه السلامعلى المرويّ فيه ، كيف! ولازمه كون أرباب الأُصول ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، لاخصوص المذكورين في الرجال .
مضافاً إلى ما قيل من أنّ وجه الإجماع والعمل غير معلوم أنّه من جهة مطلق الظنّ أو كونه بناء العدل أو غير ذلك ، ومثله غير حجّة ، لا لاختلاف مستند الفتوى ، بل لاختلاف المفتى به ، ومن هنا سمّي إجماعاً تقييديّاً .


توضيح المقال في علم الّرجال
66

بالاجتهاد ، بخلاف الثاني غالباً ، والاكتفاء في الأخير بقاعدة الانسداد ، المجوّزة للعمل بالظنّ المستقرّ دون غيره ، وأنّه غير حاصل في الأوّل ، بل هو تقليد مع تمكّن الاجتهاد . ۱
ومنه يظهر الفرق بين ما حدّدوه بالسماع والقراءة ونحوهما وبين ما اجتهدوا في اعتباره وصحّته ثمّ أخبروا عن مختارهم .
وبه يتّجه منع صدق الرواة عليهم بالاعتبار الأخير إذا انفكّ عن الرواية على الوجه المتعارف .
وفي الرابع أنّ إحداث الاصطلاح ليس من البدعة أو المحرّمة منها ، وإلاّ فإحداث الوضع في الحقيقة عند المتشرّعة وغيرها منها ، وأمّا كونه من الاجتهاد أو الظنّ الوارد في ذمّهما الأخبار فكلاّ ؛ لوضوح المغايرة ، مع أنّ الاجتهاد الممنوع هو العمل بالظنون التي لم يثبت اعتبارها أو ثبت عدمه كالقياس والاستحسان ، والكلام فيه خارج عن وظيفة المقام .

1.. قال في وافية الأُصول (ص ۲۹۴ و ۲۹۵) : واعلم أنّ الاجتهاد كما يطلق على استعلام الأحكام من الأدلّة الشرعية ، كذلك يطلق على العمل بالرأي والقياس ، وهذا الإطلاق كان شائعاً في القديم . قال الشيخ الطوسي رحمه الله في بحث شرائط المفتي من كتاب العدّة : «إنّ جمعاً من المخالفين عدُّوا منها العلم بالقياس والاجتهاد وبأخبار الآحاد وبوجوه العلل والمقاييس وبما يوجب غلبة الظنّ» . ثمّ قال : «إنّا بيّنّا فساد ذلك وذكرنا أنّها ليست من أدلّة الشرع» . وظاهرا أنّ الاجتهاد الذي ذكره أنّه ليس من أدلّة الشرع ليس بالمعنى المتعارف ؛ إذ لايحتمل كونه من جنس الأدّلة . والسيّد المرتضى في كتاب الذريعة ذكر أنّ الاجتهاد : «عبارة عن إثبات الأحكام الشرعيّة بغير النصوص والأدلّة أو إثبات الأحكام الشرعية بما طريقه الأمارات أو الظنون» . وقال في موضع آخر منه : «وفي الفقهاء مَنْ فرّق بين القياس والاجتهاد ، وجعل القياس ما له أصل يقاس عليه ، وجعل الاجتهاد ما لم يتعيّن له أصل ، كالاجتهاد في طلب القبلة وفي قيمة المتلفات بالجنايات ، ومنهم مَنْ عدّ القياس من الاجتهاد وجعل الاجتهاد أعمّ منه» . وقال : «وأمّا الرأي فالصحيح عندنا أنّه عبارة عن المذهب والاعتقاد الحاصل من الأدلّة غير الحاصلة من الأمارات والظنون» هذا حاصل كلامه . وظاهر أيضاً أنّ الاجتهاد في كلامه ليس بمعناه المعروف ، وقد ورد ذمّ الاجتهاد في بعض الأخبار ، وهو بهذا المعنى الثاني ، وكأنّ هذا هو الباعث لإنكار الاجتهاد للقائل المذكور ، وهو غلط ناشئ من الإشتراك اللفظي» . انتهى . (منه) .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67520
صفحه از 344
پرینت  ارسال به