۲۵۹۳.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام:أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللّهِ؟
قَالَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللّهِ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه و آله أَفْضَلَ مِنْ بُغْضِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ لِذلِكَ لَشُعَباً كَثِيرَةً، وَ لِلْمَعَاصِي شُعَبٌ :
فَأَوَّلُ مَا عُصِيَ اللّهُ بِهِ الْكِبْرُ ، مَعْصِيَةُ إِبْلِيسَ حِينَ «أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» .
ثُمَّ الْحِرْصُ ، وَ هِيَ مَعْصِيَةُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عليهماالسلام حِينَ قَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ لَهُمَا: «فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ» فَأَخَذَا مَا لَا حَاجَةَ بِهِمَا إِلَيْهِ، فَدَخَلَ ذلِكَ عَلى ذُرِّيَّتِهِمَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ ذلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَطْلُبُ ابْنُ آدَمَ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ.
ثُمَّ الْحَسَدُ ، وَ هِيَ مَعْصِيَةُ ابْنِ آدَمَ حَيْثُ حَسَدَ أَخَاهُ، فَقَتَلَهُ، فَتَشَعَّبَ مِنْ ذلِكَ: حُبُّ النِّسَاءِ، وَ حُبُّ الدُّنْيَا، وَ حُبُّ الرِّئَاسَةِ، وَ حُبُّ الرَّاحَةِ، وَ حُبُّ الْكَلَامِ، وَ حُبُّ الْعُلُوِّ وَ الثَّرْوَةِ؛ فَصِرْنَ سَبْعَ خِصَالٍ، فَاجْتَمَعْنَ كُلُّهُنَّ فِي حُبِّ الدُّنْيَا، فَقَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذلِكَ : حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ؛ وَ الدُّنْيَا دُنْيَاءَانِ: دُنْيَا بَلَاغٍ، وَ دُنْيَا مَلْعُونَةٍ».
۲۵۹۴.وَ بِهذَا الْاءِسْنَادِ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:«فِي مُنَاجَاةِ مُوسى عليه السلام : يَا مُوسى، إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عُقُوبَةٍ، عَاقَبْتُ فِيهَا آدَمَ عِنْدَ خَطِيئَتِهِ، وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَا مَا كَانَ فِيهَا لِي؛ يَا مُوسى، إِنَّ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ، وَ سَائِرَ الْخَلْقِ رَغِبُوا فِيهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ؛ وَ مَا مِنْ أَحَدٍ عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَيْنَاهُ فِيهَا، وَ لَمْ يُحَقِّرْهَا أَحَدٌ إِلَا انْتَفَعَ بِهَا».
۲۵۹۵.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:«مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا ـ وَاحِدٌ فِي أَوَّلِهَا، وَ هذَا فِي آخِرِهَا ـ بِأَفْسَدَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِي دِينِ الْمُسْلِمِ».
۲۵۹۶.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُهَاجِرٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «مَرَّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام عَلى قَرْيَةٍ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا وَ طَيْرُهَا وَ دَوَابُّهَا،
فَقَالَ:أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَمُوتُوا إِلَا بِسَخْطَةٍ، وَ لَوْ مَاتُوا مُتَفَرِّقِينَ لَتَدَافَنُوا.
فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللّهِ وَ كَلِمَتَهُ، ادْعُ اللّهَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ لَنَا، فَيُخْبِرُونَا مَا كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ؟ فَنَجْتَنِبَهَا .
فَدَعَا عِيسى عليه السلام رَبَّهُ، فَنُودِيَ مِنَ الْجَوِّ: أَنْ نَادِهِمْ، فَقَامَ عِيسى عليه السلام بِاللَّيْلِ عَلى شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ هذِهِ الْقَرْيَةِ، فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ مُجِيبٌ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللّهِ وَ كَلِمَتَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ، مَا كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ؟ قَالَ: عِبَادَةَ الطَّاغُوتِ، وَ حُبَّ الدُّنْيَا مَعَ خَوْفٍ قَلِيلٍ، وَ أَمَلٍ بَعِيدٍ، وَ غَفْلَةٍ فِي لَهْوٍ وَ لَعِبٍ.
فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ حُبُّكُمْ لِلدُّنْيَا؟ قَالَ: كَحُبِّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ عَلَيْنَا فَرِحْنَا وَ سُرِرْنَا، وَ إِذَا أَدْبَرَتْ عَنَّا بَكَيْنَا وَ حَزِنَّا.
قَالَ: كَيْفَ كَانَتْ عِبَادَتُكُمْ لِلطَّاغُوتِ؟ قَالَ: الطَّاعَةُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي.
قَالَ: كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِكُمْ؟ قَالَ: بِتْنَا لَيْلَةً فِي عَافِيَةٍ، وَ أَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ، فَقَالَ: وَ مَا الْهَاوِيَةُ؟ فَقَالَ: سِجِّينٌ.
قَالَ: وَمَا سِجِّينٌ؟ قَالَ: جِبَالٌ مِنْ جَمْرٍ تُوقَدُ عَلَيْنَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَمَا قُلْتُمْ، وَ مَا قِيلَ لَكُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: رُدَّنَا إِلَى الدُّنْيَا فَنَزْهَدَ فِيهَا، قِيلَ لَنَا: كَذَبْتُمْ.
قَالَ: وَيْحَكَ، كَيْفَ لَمْ يُكَلِّمْنِي غَيْرُكَ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ قَالَ: يَا رُوحَ اللّهِ، إِنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ، وَ إِنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ عَمَّنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ بِشَعْرَةٍ عَلى شَفِيرِ جَهَنَّمَ لَا أَدْرِي أُكَبْكَبُ فِيهَا، أَمْ أَنْجُو مِنْهَا؟
فَالْتَفَتَ عِيسى عليه السلام إِلَى الْحَوَارِيِّينَ، فَقَالَ: يَا أَوْلِيَاءَ اللّهِ، أَكْلُ الْخُبْزِ الْيَابِسِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ، وَ النَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ خَيْرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَ الْاخِرَةِ».