أسانيد الكافى - صفحه 350

التعليق في الإسناد:

درسنا في أصول علم الحديث في فصل (المسند) أن الخبر المعلق هو ـ في واقعه ـ من المسند، لأنّه من الأصل هو مسند لكن حذف من أول إسناده راوٍ واحد، وربما أكثر من واحد.
ولأن ذلك المحذوف معروف، والمحذوف المعروف في قوة المذكور يبقى الخبر على إسناده.
وقد وقع مثل هذا في (الكافى) بسبب توخى الاختصار، اعتمادا على ما قبله، فقد كان مؤلفه ـ رحمه اللّه ـ يذكر الإسناد كاملاً في حديث، ثم بعد هذا يروي بنفس الإسناد حديثا آخر، ويختصر السند بحذف أوله اعتمادا على المتقدم.
وقد توهم البعض بسبب هذا التعليق الذي لم يلتفت إليه بأن الخبر مرسل، كما حدث هذا من الشيخ الطوسي، قال صاحب المعالم في (المنتقى): «إعلم أنه اتفق لبعض الأصحاب توهم الانقطاع في جملة من أسانيد الكافى، لغفلتهم عن ملاحظة بنائه لكثير منها على طرق سابقة؛ وهي طريقة معروفة بين القدماء.
والعجب أن الشيخ ـ رحمه اللّه ـ ربما غفل عن مراعاتها فأورد الإسناد من الكافى بصورته ووصله بطرقه عن الكليني من غير ذكر للواسطة المتروكة، فيصير الإسناد في رواية الشيخ له منقطعا، ولكن مراجعة الكافى تفيد وصله.
ومنشأ التوهم الذي أشرنا إليه فقدُ الممارسة المطلعة على التزام تلك الطريقة». ۱
وعلق عليه الشيخ السبحاني بقوله: «وقد تعجب صاحب (سماء المقال) من الشيخ في تهذيبه، حيث نقل رواية عن الكليني، وادّعى أنها مرسلة مع أنه من باب التعليق.
والرواية موجودة في باب الزيادات في الزكاة من (التهذيب) بهذا السند:
«محمّد بن يعقوب مرسلاً عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ».
والرواية موجودة في (الكافى: كتاب الزكاة: باب منع الزكاة: الحديث 3)، ولكنها مبنية على الرواية التي نقلها قبلها بهذا السند:
«علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن ابن مسكان، يرفعه، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام ».
فما رواه الشيخ عن الكليني عن يونس ليس مرسلاً، كما أن المحدث الحر العاملي التفت إلى التعليق، وأتى بتمام السند، هكذا:
«محمّد بن يعقوب عن علي، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ...» ۲ .
ولا يُعرف هذا ـ وكما أوضح الشيخ صاحب المعالم ـ إلّا بالممارسة التي تفيد معرفة طريقة وكيفية الإسناد عند الشيخ الكليني في كتاب (الكافى).

1.كليات في علم الرجال، ص ۴۵۱، عن المنتقى، ج ۱، ص ۲۴ ـ ۲۵.

2.كليات في علم الرجال، ص ۴۵۱ ـ ۴۵۲.

صفحه از 358