أسانيد الكافى - صفحه 351

تعيين بعض الرواة:

جاءنا في بعض أسانيد الكافى أسماء لرواة لم يستوفِ الشيخ الكليني بياناتها فاكتفى بالاسم الأوّل للراوي، أو بالاسم الأول والثاني، أو بالكنية فقط.
ومنهجيا هذا مما يحتاج معه إلى التعيين، إمّا لرفع الجهالة، وإما لرفع الاشتراك، ليعرف بعد هذا قيمة الراوي.
ومن هذه الأسماء:
1 ـ الحسين.
2 ـ حماد.
قال السيد بحر العلوم في الفائدة الرابعة عشرة (4 / 129 ـ 130): «في الكافى: (محمّد عن أحمد عن شاذان بن الخليل النيسابوري عن يونس عن حماد عن الحسين). ۱
الظاهر أن الحسين ـ هذا ـ هو الحسين بن مختار القلانسي، وأن حمادا هو حماد بن عيسى الجهني، لما فيه (النجاشي) في ترجمة الحسين بن مختار: (له كتاب يروي عنه حماد بن عيسى وغيره).
ولم يذكر رواية حماد عن الحسين إلّا هاهنا، وهو دليل على تعيينهما معا».
وقال الشيخ ابن داود الحلي في رجاله: التنبيه الرابع: «إذا ورد عليك الإسناد من ابراهيم بن هاشم إلى حماد فلا تتوهم أنه حماد بن عثمان، فإن ابراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان بل حماد بن عيسى».
وقال العلامة الحلي في (الخلاصة: الفائدة التاسعة): «قد يغلط جماعة في الإسناد من إبراهيم بن هاشم إلى حماد بن عيسى فيتوهمونه حماد بن عثمان، وهو غلط فإن ابراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان بل حماد بن عيسى».
3 ـ علي بن محمّد:
جاء هذا الاسم في مبتدأ جملة من أسانيد الكليني في الكافى، وقد اختلف العلماء ـ حديثين ورجاليين ـ في تعيينه وتحديد المقصود منه.
والمشهور أنه يتردد بين شخصين، هما:
ـ علي بن محمّد بن ابراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف ب(علّان)، خال الشيخ أبي جعفر الكليني وأستاذه.
قال في (التنقيح، ج 2، ص 302): «وهو الذي يروي عنه الكليني بغير واسطة كثيرا، وهو داخل في العدة التي يروي بتوسطهم عن سهل بن زياد».
ـ علي بن محمّد بن أبي القاسم عبداللّه بن عمران البرقي، المعروف أبوه ماجيلويه.
وفي ضوء التعليق والتحقيق الذي أفاده صاحب القاموس من أن (أذينة) من الاسم الثاني في العدة الثانية هو محرّف كلمة (ابنته)، وأن الضمير يعود على البرقي، أي ابن بنت البرقي، يكون علي بن محمّد في العدة الثانية الذين يروي الكليني عنهم بتوسط البرقي هو المذكور هنا (علي بن محمّد بن عبداللّه بن عمران البرقي).
وذهب الشيخ المازندراني في شرحه على الكافى إلى أن المراد به هو الأول علي بن محمّد الكليني المعروف بعلّان. ۲
«واختار العلامة المجلسي في مواضع من مرآة العقول كون المراد منه علي بن محمّد بن عبداللّه بن أذينة الذي ذكره العلامة في العدة التي تروى عن البرقي». ۳ أي أنه علي بن محمّد ماجيلويه ـ على الترجيح المذكور.
والذي يسهل الأمر في الوصول إلى الغاية من معرفة قيمة الراوي ـ هنا ـ من حيث الوثاقة وعدمها، أن كلاً من الشخصين ثقة، فلا ثمرة مهمة في البين، إذ لا يختلف الأمر من حيث تقييم السند بين أن يكون الراوي هو محمّد بن علي الكليني أو محمّد بن علي ماجيلويه.
4 ـ محمّد بن إسماعيل:
جاء هذا الاسم في مبتدأ جملة من أسانيد الكليني في الكافى يروي عنه عن الفضل بن شاذان، قال أستاذنا السيد الخوئي في (المعجم، ج 15، ص 84): «رواية محمّد بن يعقوب عن محمّد بن إسماعيل وروايته عن الفضل بن شاذان كثيرة جدا، وقد بلغت سبعمائة وواحدا وستين موردا.
وهو ـ كما يقول المشكيني في (الوجيزة، ص 48) ـ : «مشترك بين ثلاثة عشر رجلاً:
ـ ثلاثة من الثقات: البرمكي والزعفراني ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع.
ـ وبعضها مذموم كمحمد بن إسماعيل بن جعفر.
ـ وواحد محل الخلاف وهو النيسابوري.
ـ والباقي من المجاهيل».
ولتردده بين هذه المجموعة من الأشخاص ترددت الأقوال في تعيينه، وأهمها الأربعة التالية:
1 ـ عدم تعينه، فيبقى مشتركا بين الثقة وغير الثقة.
وذهب أصحاب هذا القول إلى التضعيف ما يرويه الكليني عن طريقه للاشتراك المذكور، وعدم التمييز.
2 ـ إنه محمّد بن إسماعيل البرمكي، وهو ثقة.
قال بهذا الشيخ البهائي في (مشرق الشمسين). ۴
3 ـ محمّد بن إسماعيل النيشابوري
وهو ظاهر صاحب المعالم، وقواه الكلباسي في (سماء المقال)، والتستري في (قاموس الرجال). ۵
وإليه أيضا ذهب الدربندي في (القواميس). ۶
وبه صرح أستاذنا السيد الخوئي في (المعجم، ج 15، ص 89 ـ 90).
4 ـ إنه مردد بين البرمكي والنيشابوري.
ذهب إلى هذا الميرزا المشكيني في (الوجيزة، ص 52).
وتقدم أن محمّد بن إسماعيل النيشابوري موضع خلاف من حيث توثيقه.
وممن وثقة:
ـ الميرزا المشكيني، لأنه من شيوخ الإجازة.
ـ وأستاذنا السيد الخوئي، لوقوعه في إسناد كامل الزيارات.
ـ وآخرون، لكثرة رواية الكليني عنه.
والمسألة ـ فيما يبدو من أدلتهم وتقريباتهم ـ تعتمد على معرفته من خلال معرفة طبقته وعلاقته بالفضل بن شاذان التي قد تكشف عن هويته.
ومن هذا ما أفاده أستاذنا السيد الخوئي قال في (المعجم، ج 15، ص 90): «أقول: محمّد بن إسماعيل، هذا روى عنه الكشي بلا واسطة، وهو يروي عن الفضل بن شاذان، في ترجمة سلمان الفارسي: 1، مرتين، وفي ترجمة أبي حمزة الثمالي: 81، والمذكور في هذه الموارد: هو محمّد بن إسماعيل مطلقا، إلّا أنه صرح في ترجمة أبي يحيى الجرجاني: 409، بأن محمّد بن إسماعيل الذي يروي عنه: هو النيسابوري.
وأوضح من ذلك: ما ذكره في ترجمة الفضل بن شاذان: 416، قال: ذكر أبو الحسن محمّد بن إسماعيل البندقي النيسابوري أن الفضل بن شاذان بن خليل نفاه عبداللّه بن طاهر النيسابوري، فيظهر من ذلك أن محمّد بن إسماعيل الذي يروي عن الفضل، ويروي عنه الكشي بلا واسطة هو محمّد بن إسماعيل النيسابوري».
وبما أن الكشي قريب الطبقة من الكليني قدس سره بمحمّد بن إسماعيل الذي يروي عن الفضل، ويروي عنه الكليني كثيرا ينطبق على هذا، ويحكم بوثاقته، لا لإكثار الكليني الرواية عنه، بل لوقوعه في إسناد كامل الزيارات».
5 ـ محمّد بن الحسن:
اختلف فيه بين محمّد بن الحسن الصفّار، وآخرين، هم:
ـ محمّد بن الحسن بن علي المحاربي.
ـ محمّد بن الحسن القمي.
ـ محمّد بن الحسن بن بندار.
ـ محمّد بن الحسن البرناني.
وقد أشبع الميرزا النوري في (المستدرك، ج 3، ص 543) المسألة بحثا، فذكر القائلين بأنه الصفّار وما أفادوه في ذلك، ثم ذكر رأيه، وهو أنه مردد بين المذكورين في أعلاه جميعا.
فممن ذهب إلى أنه الصفّار:
ـ السيد الأسترابادي في (منهج المقال)، قال في ذكر عدة سهل بن زياد: «والظاهر أن محمّد بن أبي عبداللّه هو محمّد بن جعفر الأسدي الثقة، وأن محمّد بن الحسن هو الصفّار».
ـ السيد الأعرجي الكاظمي في (عدة الرجال) قال: «ومحمّد بن الحسن، الظاهر أنه الصفّار الثقة الجليل، فإن الكليني يروي عنه».
ـ السيد حجة الإسلام الأصفهاني، قال في رسالته في العدة في شرح كلام الأسترابادي: «وأما كون المراد بمحمد بن الحسن هو الصفّار فلكونه في طبقة ثقة الإسلام (الكليني)، وعمّر بعد موته بتسع أو ثمان وثلاثين سنة لأن النجاشي والعلامة قالا: إن محمّد بن الحسن هذا مات في سنة تسعين ومائتين، وقد تقدم أن موت ثقة الإسلام في سنة تسع أو ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وأيضا إن رواية ثقة الإسلام عن محمّد بن الحسن في أول سند الكافى أكثر من أن يحصى، ولم يقيده في شيء من المواضع، ويظهر من عدم تقييده في موضع بقيدٍ أنه واحد، وهو إما الصفّار أو غيره، والغير الذي يحتمل ذلك هو الذي يروي عنه الكشي، وهو محمّد بن الحسن البرناني ونحوه ممن كان في طبقته، ويبعد في الغاية أن يقتصر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن البرناني مع مجهولية حاله، ولم يرو عن الصفّار الذي هو من أعاظم الحديث والعلماء وكتبه معروفة مثل بصائر الدرجات ونحوه.
وأيضا قد أكثر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد بن بندار، عن ابراهيم بن إسحاق، منه في باب قلة عدد المؤمنين من الأصول (يعني أصول الكافى) حيث قال: (محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد بن بندار عن ابراهيم بن إسحاق)، ومنه ما في الخضاب من كتاب الزي والتجمل من الفروع (يعني فروع الكافى) قال: (علي بن محمّد بن بندار ومحمّد بن الحسن عن ابراهيم بن إسحاق)، ومنه ما في باب النبيذ من كتاب الأشربة، قال: (محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد بن بندار جميعا، عن ابراهيم بن إسحاق).
وابراهيم بن إسحاق هذا، هو ابراهيم بن إسحاق الأحمر، للتصريح به في كثير من المواضع.
وقد ذكر شيخ الطائفة (الطوسي) في (ست = الفهرست) في ترجمة ابراهيم هذا أن محمّد بن الحسن الصفّار يروي عنه، حيث قال ـ بعد أن أورد جملة من كتبه ـ ما هذا لفظه: «أخبرنا بها أبو الحسن بن أبي جيد القمي عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفّار عن ابراهيم بن إسحاق الأحمر».
وأيضا أن محمّد بن الحسن بن الوليد الذي تكون وفاته بعد وفاة ثقة الإسلام بأربع عشرة سنة لما في (جش = النجاشي) من أن محمّد بن الحسن بن الوليد مات في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، وقد مر عن (جش) أن وفاة ثقة الإسلام في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة يروي عن الصفّار كما صرح به شيخ الطائفة في رجاله، فروايه ثقة الإسلام عنه أولى».
أما أدلة النوري على نفي أن يكون المراد به هو الصفّار وحده، فهي، وعلى نحو الاختصار والتصرف:
1 ـ عدم وجود رواية للصفار عن سهل بن زياد في كتاب (بصائر الدرجات)، فكيف يكون الصفّار من رجال سهل بن زياد ولا يروي عنه في كتابه هذا.
2 ـ إن الرجاليين الذين ترجموا للصفار وذكروا كتبه والطرق إليها لم يوردوا فيها ذكر الشيخ الكليني، فلو كان الكليني ممن يروي عن الصفّار بلا واسطة لقدموه في الذكر على غيره.
3 ـ الظاهر من النجاشي في (الرجال) والطوسي في (الفهرست) و(المشيخة) أن محمّد بن يحيى العطار يروي عن الصفّار، وقد روى الكليني في (الكافى) عن محمّد بن يحيى هذا أخبارا بدء سندها بهذا اللفظ: (عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن)، وهذه الأخبار موجودة في كتاب (بصائر الدرجات) أيضا، وهو يعني أن الكليني يروي عن الصفّار بالواسطة لا مباشرة.
4 ـ وهو أهمها، ولذا رأيت نقله كاملاً وبلفظه، قال: «الرابع: إن الشيخ محمّد بن الحسن الصفّار يروي عن جماعة كثيرة من المشايخ والثقات وغيرهم، ومذكور في طرق جماعة من أرباب الأصول والمصنفات، مثل: أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، وابراهيم بن هاشم، ويعقوب بن يزيد، وعلي بن حسان، والحسن بن علي بن النعمان، ومحمّد بن الحسين، وعمران بن موسى، وعبداللّه بن جعفر، وعلي بن محمّد القاساني، وعبداللّه بن محمّد، والحسن بن موسى الخشاب، وابراهيم بن إسحاق، والعباس بن معروف، وعباد بن سليمان، والسندي بن محمّد، ومحمّد بن الجعفي، وعبداللّه بن عامر، وسلمة بن الخطاب، وأحمد بن موسى، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، ومحمّد بن أحمد، وأحمد بن جعفر، ومحمّد بن عيسى، وعلي بن الحسين، ومحمّد بن عبد الجبار، وعلي بن إسماعيل، وسلام بن أبي عمرة، ومحمّد بن يعلى، وموسى بن جعفر، وعلي بن محمّد بن سعيد، وعلي بن خالد، وأحمد بن إسحاق، ومحمّد بن إسحاق، والحسن بن أحمد، وأيوب بن نوح، ومحمّد بن عبدالحميد، ومعاوية بن حكيم، ومحمّد بن إسماعيل، ومحمّد بن خالد الطيالسي، وغير هؤلاء مما لا يحصى.
فلما راجعنا أسانيد الكافى رأينا محمّد بن الحسن الذي يروي عنه ثقة الإسلام بالواسطة يروي عن تلك الجماعة متفرقة، ولم يرو عن سهل بن زياد قط في موضع.
ومحمّد بن الحسن الذي في أول السند منفردا، أو مع علي بن محمّد لم نر روايته عن غير سهل بن زياد الذي مر عدم وجوده في أسانيد البصائر، وعدم وجود الصفّار في طرق المشايخ إليه إلّا في مواضع نادرة منها باب أدنى المعرفة، وباب جوامع التوحيد، وباب آخر من معاني الأسماء من كتاب التوحيد، فروى فيها عن عبداللّه بن الحسن العلوي.
وعن ابراهيم بن إسحاق في مواضع قليلة، وإن نسب إلى الكثرة في كلام السيد المعظم، فلو كان من الصفّار لما كان لاقتصار روايته عن الرجلين الغير المذكورين في مشايخه، وعن ابراهيم، وعدم روايته عن مشايخه المعروفين وجهٌ.
وهذه قرينة تورث سكون النفس ووثوقها بعدم كونه هو».
ولأن الوجوه الثلاثة الباقية لا ترقى من حيث الأهمية إلى ما قبلها أعرضتُ عن نقلها أو الإشارة إليها، وللطالب أن يرجع إليها لاستزادة الفائدة.
وقد نقول ـ موازنةً بين تقريبات وترجيحات القائلين بأنه الصفّار وحده، والقائلين بنفي ذلك وتعميمه إلى الآخرين ـ : إن الشيخ النوري بإشارته إلى وجود محمّد بن الحسن يروي عن عبداللّه بن الحسن العلوي الذي عده من طرق محمّد بن الحسن الصفّار كما في الرواية المذكورة في باب أدنى المعرفة رقم 1 من الكافى، والنص الشاهد منها هو قوله: «محمّد بن الحسن عن عبداللّه بن الحسن العلوي»، وكذلك روايته عن ابراهيم بن إسحاق الذي هو الآخر من طرق الصفّار يجعل الباحث يميل إلى أنه الصفّار لأن القلة في موضع لا تعني عدم الكثرة في موضع آخر.

1.في هامشه: راجع كتاب الطهارة: باب مسح الرأس والقدمين: الحديث ۳.

2.كليات في علم الرجال، ص ۴۵۳.

3.م. ن.

4.انظر: كليات في علم الرجال، ص ۴۵۷.

5.م. ن.

6.انظر: المنتقى من درر القواميس، الرقم ۵۴.

صفحه از 358