كيفية ذكر الأسانيد فى الكتب الأربعة - صفحه 363

الفائدة الثانية عشرة:

يأتى فى أوائل أسانيد الكافى أيضا «محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان». و أمر محمد بن إسماعيل هذا ملتبس لأنّ الاسم مشترك فى الظاهر بين سبعة رجال ذكرهم الأصحاب فى كتب الرّجال و هم: محمد بن إسماعيل بن بزيع الثقة الجليل، و محمد بن إسماعيل البرمكى، و محمد بن إسماعيل الزعفرانى، و هذان ۱
وثّقهما النجاشى. و محمد بن إسماعيل الكِنانى، و محمد بن إسماعيل الجعفرى: و محمد بن إسماعيل الصيمرى القمى؛ و محمد بن إسماعيل البلخى، و كلّهم مجهولوا الحال.
و الأول لايتحه ارادته هنا من وجوه: احدها أن الفضل بن شاذان دون ابن بزيع فى الطبقة لأنّ الفضل لم يذكره الشّيخ فى كتاب الرّجال الا فى أصحاب أبى الحسن الثالث عليه السلام : و ربما احتمل من كلام النجاشى أن يكون يورى عن أبى جعفر الثانى: و محمد بن إسماعيل ۲ ذكر فى أصحاب الكاظم و الرّضا عليهماالسلام قال النجاشى: و أدرك أبا جعفر الثانى عليه السلام .
و مما يوضح هذا الوجه أنّه لم توجد قط رواية عن محمد بن إسماعيل بن بزيع بالتصريح عن الفضل بن شاذان بعد التتبّع و الاستقراء.
و ثانيها أنّه روى فى الكافى، عن ابن بزيع أخبارا كثيرة بواسطتين، لأنّه يروى عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عنه، و هذا لايلاقى الرّواية عنه من غير واسطة بحسب العادة قطعا.
و ثالثها أن وفاة محمد بن إسماعيل بن بزيع كانت فى زمن أبى جعفر الثّانى عليه السلام فكيف يتصوّر لقاء الكلينى له؟! و بالجملة فاحتمال ارادته هنا أوضح فى الانتناء من أن يبيّن.
و أمّا الثانى و الثالث فكذلك، لأنّ البرمكى يروى عنه فى أسانيد كثيرة بالواسطة، ۳ و الزّعفرانى متقدم أيضا، فانّهم ذكروا أنّه أدرك أصحاب أبى عبداللّه عليه السلام ، فلم يبق الا احتمال كونه أحد المجهولين؛ و يحتمل كونه غيرهم بل هو أقرب فان الكشّى ذكر فى ترجمة الفضل بن شاذان حكاية عنه.
و قال: انّ أبا الحسن محمد بن إسماعيل البندقىّ النيسابورىّ ذكرها. ۴
و لا يخفى ما فى التزام صاحب الاسم المبحوث عنه للرواية عن الفضل بن شاذان من الدّلالة على الاختصاص به. و نقل الحكاية عن الرّجل المذكور يؤذن بنحو ذلك فيقرب كونه هو.
و فى فهرست الشّيخ حكاية عنه أيضا ذكرها فى ترجمة أحمد بن داود الفزارىّ و قال فى صدر الحكاية: ذكر محمد بن إسماعيل النيسابورى.
ثم انّ حال هذا الرجل مجهول أيضا اذ لم يعلم له ذكر الا بما رأيت فليس فى هذا التعيين كثير فائدة، و لعل فى إكثار الكلينى من الرواية عنه شهادة بحسن حاله كما نبّهنا عليه فى الفائدة الثامنة مضافا الى نقاءة حديثه و قد وصف جماعة من الأصحاب اوّلهم العلامة أحاديث كثيرة هو فى طرقها بالصحة.
و ذكر الشّيخ تقى الدين ابن داود فى كتابه ما هذا لفظه: «اذا وردت رواية عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل ففى صحّتها قولان، فإنّ فى لقائه له اشكالاً فتقف الرّواية بجهالة الواسطة بينهما و إن كانا مرضيّين معظّمين».
و فهم بعض الأصحاب من هذا الكلام انه ابن بزيع، و وجه الإشكال فى اللّقاء على هذا التقدير واضح لكنّك قد عرفت فساد هذا الاحتمال من غير الوجه المذكور. و يزيد ما أشار اليه ابن داود من أنّ فى البين واسطة مجهولة أنّ مقام هذا الشيخ العظيم الشأن أجلّ من أن ينسب اليه هذا التّدليس الفاحش؛ و الصّواب ما حقّقناه، و يقوى فى خاطرى ادخال الحديث المشتمل عليه فى قسم الحسن.

1.ذكر الشيخ هذين الرجلين فى أصحاب أبى الحسن الثالث عليه السلام من كتاب الرجال (منه رحمه الله).

2.يعنى ابن بزيع.

3.حكى عن مقدمة مشرق الشمسين: أن هذا غير قادح فى المعاصرة فان الرواية عن الشيخ تارة بواسطة و اخرى بدونها أمر شايع متعارف لا غرابة فيه. (غ).

4.قلنا فى هامش الكافى ذيل الخبر الذى رواه على بن ابراهيم عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان: «هو محمد بن إسماعيل أبوالحسن النيشابورى البندقى أو بندفر الذى يروى عنه أبوعمرو الكشى عن الفضل بن شاذان و يصدر به السند». و قد أطنب الكلام الشيخ البهائى رحمه الله فى مقدمة مشرق الشمسين و قوى أن ذلك الرجل هو البرمكى الثقة. (غ)

صفحه از 364