377
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

رواجها، وكساد سوقها .
وقراءة «تبكي» على بناء الفاعل من باب الإفعال بحذف المفعول ؛ أي تبكي الحكمة أهلها، احتمال .
وقال بعض الشارحين :«الظاهر أنّ الحَكَمة ـ بالتحريك ـ جمع الحاكم، وهو صاحب الحكم والقدر والمنزلة من عند اللّه ، كالحَفَظة جمع الحافظ» . ۱
(وأنتم بالضحك تهجرون) أي تَهزؤون، أو تستهزؤون، أو تتكلّمون بالفحش والقبيح، أو تعرضون عن الحكمة، وتهجرون أهلها ملتبسا بالضحك .
في القاموس: «الهجر، بالضمّ: القبيح من الكلام. وأهجر في منطقه إهجارا وهُجرا. وبه: استهزأ، ورماه بهاجرات ومهجرات؛ أي بفضائح . وهجرَ في نومه ومرضه هجُرا، بالضمّ» . ۲
وفي الصحاح: «الهجر: الهَذيان» . ۳
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرا تَهْجُرُونَ»۴ :
من الهَجْر ـ بالفتح ـ إمّا بمعنى القطيعة، أو الهذيان ؛ أي تعرضون عن القرآن، أو تهذون في شأنه . والهجر، بالضمّ: الفحش . ويؤيّد الثاني قراءة نافع: «تُهجِرون» من أهجر . وقرئ: «تهجّرون» على المبالغة. ۵
(أتتكم بَراءتي) أي جاءكم من عندي تخلّص من عذابي، من قولهم : بَرِئت منك ومن الديون والعيوب براءةً .
(أم لديكم) .
في بعض النسخ : «أم كذبكم» ، ولعلّه تصحيف .
وعلى تقدير صحّته يحتمل أن يكون على صيغة المصدر، أو الفعل الماضي من التكذيب .
وحينئذٍ قوله : (أمانٌ من عذابي) فاعل له. فتدبّر .
(أم تعرّضون لعقوبتي) ؛ يحتمل كونه من التعرّض بحذف إحدى التائين . يُقال : تعرّض له،

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۳ .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ (هجر) .

3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۵۱ (هجر) .

4.المؤمنون (۲۳) : ۶۷ .

5.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۶۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
376

وهذا نظير قوله تعالى : «وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»۱ .
(وشاركهم فيها) أي فعل الحسنة .
(وكُن عليهم شهيدا) .
قيل : أي شهيدا تمنعهم من المهلكات، وتبعثهم على الصالحات، وتشهد لهم بها يوم القيامة . ۲
وقوله : (يا أخدان السوء) .
في الصحاح: «الخدِن والخَدِين: الصديق» . ۳
وفي القاموس: «الخِدن، بالكسر، كأمير: الصاحب، ومن يخادنك في كلّ أمرٍ ظاهر وباطن» . ۴
وقد مرَّ تفسير السوء بما لا مزيد عليه .
وقيل : يحتمل أن يكون إطلاقه «أخدان إلى السوء» من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة، كما هو الشائع في مثله، وأن يكون المراد أنّهم محبّون للسوء مخادنون له .
ولعلّ قوله : (والجلساء عليه) بهذا أنسب وأوفق؛ فإنّ الضمير راجع إلى السوء، فيكون بضمّ السين . ۵
وقوله تعالى : (الحكمة تبكي فرقا منّي) .
في القاموس: «الحكمة، بالكسر: العدل، والعلم، والحلم، والنبوّة، والقرآن، والإنجيل» . ۶
وفي الصحاح : «الفَرق، بالتحريك: الخوف . وقد فرِق بالكسر، تقول منه: فرِقت منك، ولا تقل: فرقتك» . ۷
وأقول : لعلّ المراد ببكاء الحكمة بكاء أهلها ، والإسناد إليها مجاز باعتبار أنّها سببه . و«الفرق» منصوب على أنّه مفعول لأجله .
ولعلّ ذلك الخوف لمشاهدة عظمته تعالى، أو لاحتمال التقصير في طاعته . أو لعدم

1.الشعراء (۲۶) : ۲۱۵ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۳ .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۱۰۷ (خدن) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۱۸ (خدن) .

5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۳۲ .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۸ (حكم) .

7.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۴۱ (فرق) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 200775
صفحه از 624
پرینت  ارسال به