قال الجوهري : «نزع عن الاُمور نزوعا: انتهى عنها» . ۱
وفي القاموس : «نزع الشيء نزوعا: كفّ، وأقلع عنه» . ۲
(ولا إلى ما تركوا رجوعا) أي لم يجدوا سبيلاً للرجوع إلى ما تركوا من المساكن والأموال والأهل والأولاد .
أو المراد أنّ رحيلهم من الدُّنيا إلى الآخرة، وقطع عقبات الموت وما بعده أمرٌ اضطراري، وليس لهم قدرة على الرجوع إلى الدُّنيا بعد الخروج منها، وتدارك ما فات منهم من الأعمال الصالحة .
(جُدّ بهم فجدّوا) .
الباء للتعدية. والفعل الأوّل على بناء المفعول، والثاني على بناء الفاعل .
قال الجوهري : «الجدّ: نقيض الهزل. تقول منه: جَدّ في الأمر يجدّ ـ بالكسر ـ جدّا. والجِدّ : الاجتهاد في الاُمور. تقول منه: جدّ في الأمر يَجِدّ جدّا» ۳ انتهى.
أي حُثّ بهم، ودعوا على المضيّ والإسراع في السير، فاجتهدوا فيهما اضطرارا .
قال بعض الفضلاء :
فيه استعارة تمثيليّة، شبّه سرعة زوال القوى وتسبّب أسباب الموت وكثرة ورود ما يوجب الزوال من الأسباب الخارجة والداخلة برجال يحثّون المراكب، والأجساد بتلك المراكب، والعمر بالمسافة التي يقطعها المسافر، والأجل بالمنزل يحلّ فيه . ۴
وقيل : قوله عليه السلام : «أنتم فيها كركب» إلى قوله : «وركنوا إلى الدُّنيا» شبّههم أوّلاً في نفسه بمن مضى من أمثالهم، ثمّ شبّه من مضى من أمثالهم بالركب الذين وصفهم بما وصفهم، إلى قوله : «فجدوا».
ثمّ انتقل من وصف الركب إلى وصف من مضى؛ أعني من وصف المشبّه به إلى وصف المشبّه ، فقال : (وركنوا إلى الدُّنيا) ؛ تنبيها على التشبيه الأوّل الذي كان في نفسه . انتهى . ۵
1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۸۹ (نزع) مع اختلاف يسير في اللفظ .
2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۸۸ (نزع) .
3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۵۴ (جدد) .
4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۴۸ .
5.حكاه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۴۸ .