لشرائط التأثير . وسيجيء في باب الاستطاعة زيادة بسط في أحوالها .
ثمّ إنّ متعلّق القدرة ۱ في هذا المقام تدبير العالم على النهج الواقع ، لا جزء من الأجزاء حتّى يتصوّر الشركة في تدبير الكلّ بدلالة قوله عليه السلام : «ويتفرّد بالتدبير» .
وإذ قد ظهر معنى القوّة علم أنّ القديمين القويّين من المستحيلات ؛ لأنّ دفع كلّ واحدٍ منهما اللازمَ للقوّة بالمعنى المذكور ـ وقد أشار عليه السلام إليه بقوله : «فلِمَ لايدفع» إلى آخره ـ يستلزم دفعَ المغلوب حين هو مغلوب للغالب ، والدفع في صورة التكافؤ غير معقول ، فكيف في صورة المغلوبيّة؟
فكأنّه عليه السلام يقول : إنّ كون القديمين قويّين مستحيل هذا ، وأمّا الضعيفان فإذ كان كلّ منهما فاقدَ الاستطاعة على تدبير العالم ، فيجوز في جليل النظر أن يكونا واقعين ، وكان هذا التدبير منهما معا ؛ إمّا بالمشاركة والمشاورة ، أو بتفويض أحدهما الأمرَ إلى صاحبه، وكفّ الممانعة والمضادّة ، والاحتياج في التدبير غير منافٍ للقِدَم ، وإنّما المنافي الاحتياج في الذات ولوازم الذات ، فلابدّ من التعرّض لإبطال هذا الشقّ ، ولعلّه عليه السلام أخّر ذلك ليدرجه في شقوق قوله فيما بعد : «فإن قلت : إنّهما اثنان» كما سيظهر عند شرحه ، فشقّ الضعيفين مبطل بالقوّة ، وكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا موجب المقصود من أنّ المدبِّر واحد، وما عداه مدبّر بتدبيره عاجز عن المشاركة ؛ لأنّ القويّ دافعه ، فهو عاجز عن المشاركة والمضادّة ، ولذا قال عليه السلام : «العجز الظاهر من الثاني» وإن أراك تزعم أنّ ظهور العجز في الثاني من جهة فرض كونه ضعيفا ، وليس الأمر كذلك ؛ لأنّ الضعف ـ كما عرفت من تفسير القويّ ـ عدمُ الاستطاعة على تدبير العالم ، أي إيجاد كلّ جزء منه في الموضع اللائق به على وجه الصواب والحكمة ، ومن لم يستطع على ذلك بانفراده أمكن أن يكون قد فعل بشركة غيره ، والعجز بمعنى المقهوريّة غير الضعف بالمعنى المذكور ، فلا يمتنع أن يكون التدبير الواقع في العالم، الموجبُ لاتّصال جميع أجزائه بعضِها ببعض من قديمين ضعيفين ، فلا يثبت أنّ المدبّر واحد .