والخنفساء والديدان البدنيّة التي تتولّد في البطن من البلغم ، والديدان المنتنة التي تقع على الزروع والأشجار ، والضفادع والحلزونات إلى غير ذلك .
وبعد الإحاطة بما ذكرنا ظهر لك حقيقة قوله تعالى : «كُونُواْ قِرَدَةً خَـسِـ?ينَ»۱ وقوله : «وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ»۲ ، وما ورد في الأخبار الكثيرة من أنّ بني اُميّة مُسخت بصورة الوزغة ، وعُلم أنّ العبرة بطينة النفوس ، وأمّا الأبدان فهي لباس لها، وقد يبدّل اللباس لحكمة ومصلحة ، وكلا صنفي الخبيث اُبيح في الحكمة ذلّهما ، وهو أنّهما من جهة نفس خباثة النفس ، وكونها مؤذيةً بالإرادة المنبعثة عن خبث ذاتي ، واختصّ صنفٌ منهما بالنكال والإذلال في النشأة الآخرة من جهة سوء الأفعال أيضا لمزيد قوّة لقوّته المدركة ، لا لكونه خارجا عن سنخ تلك الخبائث ، ولا استبعادَ أن يكون بعض أصناف سنخ واحد قابلاً للأدب والتعليم ، وفي عرضة الخطاب والعتاب ، ألم تر تعلّم الجَدْي وتأدّبَه من سائسه وكذلك القردة ، وقد شوهدت من كلّ منهما أفعال على وجه القصد والإرادة ، كانت بها في سلك حذّاق الإنس . وحسبك حجّةً قاطعةً في هذا الباب قوله تعالى : «وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ»۳ .
والحاصل أنّ الصورة الإنسانيّة لهذا الصنف في هذه النشأة لباس عارية لهم ، وسيحشرون بصورهم الأصليّة التي هي صور القردة والخنازير والكلاب ، وناهيك في هذا الباب ما حكى اللّه تعالى عمّن قال: «لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَ قَدْ كُنتُ بَصِيرًا»۴ وغيرها من الآيات .
وما يصل إليهم في النشأة الآخرة من جهتين : خباثة ذواتهم ، وسيّئ أعمالهم التي تصدر عنهم بشوق وإرادة لانتفاع الأبدان، أو لمحض دعوة خباثتهم الذاتيّة ، ولا خير فيهم؛ «وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأََّسْمَعَهُمْ» ، ۵ والأمر والنهي بالنسبة إليهم من أسباب هيجان شوقهم الذاتي إلى المضادّة والاستكبار والمخالفة ، كما أنّهما بالنسبة إلى النفوس الطيّبة من أسباب