فى عدّة الكلينى - صفحه 403

بقي أمران:

أحدهما: أنّ الكلينيّ قد يروي عن محمّد بن أبي عبداللّه ـ الذي مرّ استظهار كونه الأسديّ ـ بواسطة، ففي باب الحركة والانتقال من كتاب التوحيد: «عنه عن محمّد بن أبي عبداللّه ». ۱
وفيه أيضا: «عنه عن محمّد بن جعفر الكوفيّ» ۲
وهو الأسديّ.
لكنّ الظاهر زيادة لفظة «عنه» و «عن» إذ مرجع الأوّل محمّد بن أبي عبداللّه فكيف يروي عن نفسه!؟ ومرجع الأخير وإن كان عليّ بن محمّد الراويّ عن سهل إلّا أنّه لم يعهد روايته عن الأسديّ، بل الأسديّ يروي مثله عن سهل وعن البرمكيّ على ما ذكره الكاظمي، وعلى فرضه فلا يضرّ بالمقصود.
ثانيهما: في توضيح قول الميرزا: «فلا يضرّ إذَنْ ضعف سهل مع وجود ثقة مع سهل في مرتبته» ۳ فإنّه لا يخلو عن إجمال بل خلل خصوصا مع ذكر قوله: «وأيضا اتّفاق الجماعة المذكورة على الكذب بعيد جدّا» وذلك لأنّ توثيق بعض الجماعة عن سهل لا ينفع في دفع قدح ضعف سهل؛ لأنّه ليس في مرتبتهم، كما أنّه لا ينفع فيه بعد اتّفاق الجماعة على الكذب، لكنّ الظاهر إرادته من قوله: «مع وجود ثقة مع سهل» مع فرض وجوده معه في مرتبته بأن تكون رواية العدّة عنه وعن ذلك الثقة.
وقوله: «وأيضا» متعلّق بالسابق عن التفريع، فمراده تصحيح العدّة مرّة بتوثيق بعضهم وأُخرى بالبُعْد المزبور، فتكون الرواية معتبرةً وإن لم تكن صحيحةً على الاصطلاح المتأخّر.
وقد حكي عن حاشية ممّن سمعها منه تفسيره بقوله: «إن وجد معه ثقة».
قلت: ومن الفرض المزبور ما في باب مُدمن الخمر من كتاب الأشربة من الفروع، ففيه: «عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ويعقوب بن يزيد» ۴ إلى غير ذلك.
ويحتمل تعلّق قوله: «وأيضا» بنفس التفريع، أي يبعد اتّفاق الجماعة على الرواية من الكاذب.
وهذا نظير ما يُوَجّه استفادة التوثيق من قولهم: «إنّ فلانا وجه من وجوه أصحابنا» أو «عين» أو «شيخهم» ونحو ذلك.
بقي هنا أمر ثالث، وهو: أنّ الشيخ رحمه الله قد يروي عن الحسين بن عبيداللّه ، عن عدّة من أصحابنا، عن محمّد بن يعقوب، كما في باب سؤر ما لا يؤكل لحمه من الاستبصار. ۵
قال بعض أجلّاء العصر: «الظاهر أنّ المراد من العدّة هنا ـ على ما يظهر من شيخ الطائفة في الفهرست في ترجمة محمّد بن يعقوب أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري وأبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه وغيرهما ـ ما ذكر فيه حيث قال في جملة طرقه إلى ثقة الإسلام ما هذا لفظه: أخبرنا الحسين بن عبيداللّه قراءةً عليه أكثر كتاب الكافيعن جماعة، منهم: أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري، وأبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، وأبو عبداللّه أحمد بن إبراهيم الصيمريّ المعروف بابن أبي رافع، وأبو محمّد هارون بن موسى التلعكبريّ، وأبو المفضل محمّد بن عبداللّه بن المطلّب الشيبانيّ، كلّهم عن محمّد بن يعقوب. وقد صرّح به في باب وجوه الترتيب في الأعضاء الأربعة في الوضوء من الاستبصار» إلى أن قال ـ بعد ذكرهم مكرّرا وبيان أحوالهم وأنّ ضعف بعضهم غير مضرّ فيما نحن فيه ـ : «نعم، قد اتّفق رواية شيخ الطائفة في أواسط السند تقريبا عن عدّة من أصحابنا، ولم يظهر لي إلى الآن مَنْ هُم. رواه في باب صلاة الكسوف من زيادات التهذيب عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن عدّة من أصحابنا، عن محمّد بن عبد الحميد عن عليّ بن الفضل الواسطيّ قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام ، إلى آخر الحديث». ۶

1.الكافي، ج ۱، ص ۱۲۵، ح ۲ و ۳.

2.الكافي، ج ۱، ص ۱۲۶، ذيل ح ۴.

3.منهج المقال، ص ۴۰۱، الخاتمة، الفائدة الاُولى.

4.الكافي، ج ۶، ص ۴۰۵ (كتاب الأشربة، ح ۵، باب مدمن الخمر).

5.الاستبصار، ج ۱، ص ۲۵، ح ۶۴.

6.تهذيب الأحكام، ج ۳، ص ۲۹۱، ح ۸۷۸.

صفحه از 404