عدّة الكلينى و أسناده - صفحه 454

فى بيان أحوال جماعة من الرّواة الكلينى

فى بيان أحوال جماعة من الرّواة الّذين أكثر ثقة الإسلام الكلينى فى الكافى الرّواية عنهم و عبّرهم فى تضاعيف كلامه بالعدّة و لما كان التعرّض لتفصيل حالهم معيّنا فى كيفية معرفة حال غيرهم ممّن ذكر فى كتب الرّجال و هاديا إلى الاطّلاع على طريقة الاستنباط فى ساير الأحوال فلا بأس أن نتصدّى بذكرهم مع البسط فى المقال و الكلام هنا يقع فى مقامين:
المقام الأوّل فى ذكر العدة و تعدادهم و ذكر ما يوجب مدحهم و توثيقهم من كلمات علماء الرّجال و المعروف و المتداول منها ثلاث نظرا إلى ما قيل من انّه يروى بواسطة العدة تارة عن أحمد بن محمد بن عيسى و اُخرى عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقى و ثالثة عن سهل بن زياد و ليس أشخاص العدّة فى تلك المواضع الثلاثة متّحدة حتّى يقتضى التعرّض لواحد منها الاستغناء عن البحث عن الأخيرين بل أشخاصها فيها مختلفة فلابدّ أن تتصّدى عن كلّ واحد منها بذكر ما قيل فى حقّهم من الأقوال حتّى نطلع بما ينفعنا من الأحوال فنقول:
أمّا العدّة الأولى فهم على ما حكى عن «صه» خمسة أحمد بن إدريس القمى الأشعرى و علىّ بن إبراهيم القمى و محمّد بن يحيى العطّار و داود بن كورة و علىّ بن موسى الكمنذانى و أكثر هذه الأشخاص من الثقات المركون إلى أخبارهم و المعوّل على رواياتهم لنصّ جماعة من علماء الرّجال على التوثيق الثلاثة ألاوّل و هذا القدر كاف فى الاعتماد على أخبارهم بل وثاقة أحدهم كافية فى الاعتماد عليها فضلاً عن ثبوتها فى أكثرهم و عن «جش» فى أحمد بن إدريس القمى الأشعرى كان ثقة فقيها فى أصحابنا كثير الحديث صحيح الرّواية له كتاب النوادر و مثله عن «صه» و «ست» ولكن زاد فى الأخير بعد كتاب النوادر كبير كثير الفوائد و عنه الشيخ فى «لم» كان من الفواد و عن «تعق» الأشعرى أبو قبيلة باليمن كما عن القاموس بل فى الصّحاح أيضا لا المنتسب إلى المذهب المعروف من أبى الحسن الأشعرى و عن «جش» عن علىّ بن إبراهيم القمى انّه ثقة فى الحديث ثلاث معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر و صنفّ كتبا و اضرّ فى وسط عمره أخبرنا محمّد بن محمّد عن الحسن بن حمزة عن علىّ بن عبيداللّه قال كتب إلى علىّ بن إبراهيم بإجازة أحاديثه و كتبه و مثله عن «صه» إلّا أخبرنا محمّد بن محمّد الخ و عن «ست» أخبرنا بجمع كتبه جماعة عن أبى محمّد الحسن بن حمزة العلوى الطبرى زيادة عمّا فى «جش» و عن «صه» فى محمّد بن يحيى العطّار القمى شيخ أصحابنا فى زمانه ثقة عين كثير الحديث و عن «جش» له كتب منها كتاب مقتل الحسين عليه السلام و كتاب النوادر.
و أمّا داود بن كوره فالمحكى عن العلّامة فى ضبطه انّه بالكاف المضمومة و الواو السّاكنة و الرّاء المهملة المفتوحة و ذكر الاستاد سلّمه اللّه تعالى بانّى لهم أقف له على توثيق لكنّه ممدوح بأن له كتاب الرّحمة مثل كتاب سعد بن عبداللّه و انّه بوّب كتاب النوادر لأحمد بن عيسى و كتاب المشيخة للحسن بن محبوب انتهى كلامه. و الظاهر من كلماتهم فى ترجمته لا يدلّ على ازيد من المدح كما فهمه الاستاد سلّمه اللّه تعالى هذا و يمكن استفادة التوثيق بالمعنى الأعّم بعد التأمّل فيما ذكر فى ترجمته مضافا إلى ما فى التعليقة من أنّه من مشايخ الكلينى الظاهر فى جلالته.
و أمّا علىّ بن موسى الكميذانى فعن العلّامة فى ضبطه فى «صه» انّه بضمّ الكاف و الميم و إسكان النون و فتح الذال المعجمة قرية من قرى قم و ذكر الاستاد سلّمه اللّه تعالى انّه لم يذكر له مدح و لا قدح و فى «سا» يظهر من رواية ثقة الإسلام عنه تعويله عليه انتهى و قد عرفت سابقا أن ثبوت الوثاقة فى واحد من العدة كاف فى صحّتها فضلاً عن ثبوتها فى أكثر من الواحد كالثلاثة ألاوّل حيث نصّوا على توثيقهم.
و أمّا العدة الثانية ۱ فهم كما عن «صه» أربعة علىّ بن إبراهيم و علىّ بن الحسين و أحمد بن عبداللّه بن اُميّه و علىّ بن محمّد بن عبداللّه بن اُذينة. أمّا علىّ بن إبراهيم فقد عرفت عن «جش» و «صه» ما يوجب وثاقته من كونه ثقة فى الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب إلى آخر ما عرفته.
و أمّا الثّانى أعنى علىّ بن الحسين السّعدابادى فالكلام فيه يقع تارة فى تعيين لفظه و اُخرى فيما يوجب وثاقته و صحّة روايته:
أمّا الأوّل فعن «سا» ما ملخّصه ان نسخ الخلاصة التى عثرنا بها مطبقة على علىّ بن الحسن يعنى بكر اذ لا يبعد ان يكون ذلك من تصرّف النسّاخ إذ لم أجد من علماء الرّجال من جعل ثقة الإسلام راويا عن علىّ بن الحسن و لا علىّ بن الحسن راويا عن البرقى قال فالظاهر انّه علىّ بن الحسين السّعداباذى الّذى ضبطه العّلامة بالّذال المعجمة و ذلك لأنّ الشيخ ذكر فى رجاله ان الكلينى روى عنه و انّه يروى جميع كتب أحمد بن أبى عبداللّه و رواياته و أحمد بن أبى عبداللّه هو أحمد بن محمّد بن خالد البرقى و يظهر ذلك من طريق الصّدوق أيضا إلى أحمد بن محمّد البرقى و كذا من طريقة جماعة آخرين منهم أبى إسحاق بن يزيد فى بزيع المؤذن و الحسن بن زياد الصّيقل إلى غير ذلك إذ فى جميع ذلك روى على بن الحسين السّعداباذى عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقى و بالجملة روايته عن البرقى أكثر من أن تحصى و يدلّ على رواية الكلينى عنه و روايته عن البرقى ما فى روضة الكافى عند رواية خطبة اميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال علىّ بن الحسين المؤدبّ و غيره عن أحمد بن محمّد بن خالد إلى آخر ما ذكر و يظهر من جميع ذلك ان الذى يروى عنه ثقة الإسلام الكلينى و يروى هو عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقى هو علىّ بن الحسين السّعداباذى لا الحسن.
و أمّا الثانى فالقدر المسلّم بينهم و الظاهر من كلماتهم هو ثبوت المدح له و كونه ممدوحا و أمّا صحّة رواياته و وثاقة أخباره فغير صريح فى كلماتهم نعم ذكرها بعض الأجلّاء احتمالاً و نفى البعد عنه و عن المجلسين فى ترجمته انّه من مشايخ الإجازة و قد عرف سابقا انّه لا يدلّ على التوثيق بالمعنى الأخصّ بل و لا بالمعنى الاعمّ بل غاية الأمر كونه من أمارات المدح و استشهد فى رسالة له لاعتبار روايته بما عن أحمد بن محمّد بن سليمان الزرارى المكّنى بأبى غالب من انّه قال حدّثنى مؤدّبى أبوالحسن علىّ بن الحسين السّعدابادى بتقريب انّ أحمد بن محمّد بن سليمان ممّن وثّقه فى غير واحد من الكتب كما عن «ست» و «صه» انّه كان شيخ أصحابنا فى عصره و استادهم وثقتهم و عن «جخ» فى «لم» انّه جليل القدر كثير الرّواية ثقة و من كان هذا شأنه فما ظنّك بمؤدّيه و معلّمه نظرا إلى انّ من كان جليلاً فشيخه يجب أن يكون أجلّ و أنت خبير بأنّه لا شاهد فيما ذكره إذ لا ملازمة فيما ذكره إذ ربّ أجلّ و أوثق يتلمّذ عند من لا جلالة له و لا وثوق به و لا يلزم أن يكون جليلاً و ثقة فضلاً عن أن يكون أجلّ و أوثق نعم حكى عن العلامة التقى المجلسى رحمه الله انّه نفى البعد عن جعل حديثه صحيحا بعد ان نسب جماعة انهم عدّوا حديثه حسنا معلّلاً فى موضع بأنه لكثرة الرّواية و فى آخر بأنّه من مشايخ الإجارة لكنّه ليس قولاً بل احتمالاً و مثل ذلك عن «سا» و قد مرّ سابقا انّه لا يلزم فى صحّة العدة كون جميع أشخاصه صحيح الرّواية معتمد الحديث بل يكفى فى ذلك كون الواحد منهم كذلك و على هذا فيكفينا فى المقام وقوع علىّ بن إبراهيم الّذى ثبت وثاقته و صحّة روايته من تنصيص جماعة من علماء الرّجال حيثما مرّت الاشارة إليه فى الشخص الأوّل من تلك العدّة و إن لم يثبت وثاقة الباقين.
و أمّا الثّالث أعنى أحمد بن عبداللّه بن اُميّة فيقع الكلام فيه تارة من جهة الاختلاف الواقع فى لفظ اُميّة و اخرى من جهة تعيين أبيه و انّه ابن من و ثالثة عن جهة توثيقه و توثيق أبيه و تصحيح رواياتها.
أمّا الأوّل فنقول انّه قد صرّح غير واحد من الأجلّة بأنه لم يذكر فى كتب الرّجال و قد تصفّحنا بعضها وجدناه خاليا عن ذكره و احتمل بعض علماء الرجال انّه أحمد بن عبداللّه بن بنت البرقى و استظهر من كلام الشيخ فى «ست» فى ترجمة أحمد بن خالد البرقى بأنه يروى عن أحمد بن خالد البرقى حيث قال بعد ذكر كتب البرقى أخبرنا هؤلاء الثّلاثة عن الحسن بن حمزة العلوى الطّبرى قال حدثنا أحمد بن عبداللّه بن بنت البرقى قال حدّثنا جدّى أحمد بن محمّد و على ما ذكره هذا البعض يكون لفظ اميّة تصحيف لفظ ابنته و يكون أحد أشخاص العدّة الرّاوين عن البرقى هو أحمد بن عبداللّه بن ابنته البرقى لكن المذكور فى كتب الرّجال فى عنوان أحمد هكذا أحمد بن عبداللّه بن أحمد بن عبداللّه البرقى كما عن الصدوق أيضا فى بيان طريقة إلى محمّد بن مسلم حيث قال: فقد رويته عن علىّ بن أحمد بن عبداللّه بن أحمد بن أبى عبداللّه فالعبارة المذكورة فى ذلك العنوان تحتمل وجهين:
أحدهما أن يكون ابن أحمد وصفا لأحمد بن عبداللّه لا لعبد اللّه .
و ثانيها أن يكون وصفا لعبداللّه لا لأحمد الذى هو ابنه.
امّا على الأوّل فيكون أحمد ابنا لعبداللّه و عبداللّه صهرا لأحمد البرقى على ابنته فإضافة ابن إلى أحمد البرقى من الإضافة إلى الجدّ و أمّا على الثانى فيكون أحمد ابنا لعبد اللّه كما فى الأوّل و عبداللّه ابنا لبنتا أحمد البرقى و أبوعبداللّه غير معلوم لكونه غير مذكور فالإضافة أيضا من الإضافة إلى الجدّ كالأوّل إلا انّ الأوّل كان من جهة الاُمّ و هنا كان من جهة الاب و كلا الاحتمالين لايخلو من بعد و لا قرب.
أمّا الأوّل من الأوّل فلكونه خلاف الظاهر و خلاف المعهود فى كلماتهم اذ الظاهر المعهود كون الإبن وصفا للاسم السّابق المتّصل به لا لما بعد منه.
و امّا الثانى منه فلأنّ رواية أحمد حينئذٍ عن أحمد البرقى لا تكون بعيدة لأنه كما عرفت يكون جدا قريبا له و لا استبعاد فى رواية ابن بنت رجل عنه.
أمّا الأوّل من الثانى فلكون أحمد البرقى جدّا بعيدا لأحمد بن عبداللّه و يبعد رواية أحمد عن جدّه البرقى.
و امّا الثانى منه فلمّا مرّ من أن الظاهر المعهود كون الإبن وصفا للاسم السابق المتّصل به لا لما بعد منه لكن الاستاد سلّمه اللّه تعالى جعل ارتكاب الثانى ۲ أولى معلّلاً بأن الرّواية عن الجدّ البعيد ليست بذلك البعيد و ظنّى انّ ارتكاب ما هو خلاف الظاهر كما فى الاحتمال الأوّل أولى و أسهل من الارتكاب بما يلزم فى الاحتمال الثانى من رواية أحمد عن جدّه البعيد نظرا إلى أنّ وجود الجدّ مع ابن ابن بنته و اجتماعهما فى زمان ممّا يندر و يقلّ.
و أمّا الكلام فى الثانى فعن «جش» فى علىّ بن أبى القاسم عبد اللّه بن عمران البرقى المعروف أبوه بماجيلويه يكنّى أبا الحسن ثقة فاضل فقيه أديب رأى أحمد بن محمّد البرقى و تأدّب عليه و هو ابن بنته انتهى و الظاهر من هذا الكلام أن أبا القاسم المسمّى بعبد اللّه هو صهر أحمد البرقى على ابنته و على ابنه منها فيكون أحمد الّذى نحن فيه أيضا ولده منها فيكون عبداللّه المكنّى بأبى القاسم أبا له كما كان أبا لعلىّ فيكون كلّ واحد من أحمد و على أخا لآخر من طرف الأب و الاُمّ و كانت اُمّهما بنت أحمد البرقى و هو يؤيّد كون ابن أحمد الواقع فى عبارة علماء الرّجال فى عنوان أحمد و عبارة الصّدوق فى بيان طريقه إلى محمد بن مسلم وصفا لأحمد لا لعبداللّه كما هو احتمال الأوّل من الاحتمالين المذكورين فى العنوان المزبور و عن «جش» أيضا فى محمّد بن أبى القاسم قال فيه محمّد بن أبى القاسم عبيد اللّه بن عمران الجنابى البرقى أبو عبد اللّه الملقّب بماجيلويه و أبوالقاسم يلقّب بهذا سيّد من أصحابنا القميّين ثقة عالم فقيه عارف بالأدب و الشّعر و الغريب و صهر أحمد بن أبى عبداللّه البرقى على ابنته و ابنه علىّ بن محمّد منها و كان أخذ عنه العلم و الادب انتهى. فظاهر هذا الكلام ينافى ما استظهرناه من كلامه السابق حيث كان الظاهر من الأوّل انّ أبا القاسم هو صهر أحمد البرقى و الظاهر من هذا انّ ابن أبى القاسم محمّد صهره لا هو مع ان الظاهر انّ أبا القاسم فى هذا الكلام هو الّذى ذكره آنفا فى كلامه الأوّل فى ترجمة على بشهادة اتّحادهما فى الأب و هو عمران و الوصف و هو البرقى و ما يتراى من اختلافهما فى الاسم حيث ان أبا القاسم فى كلامه الأوّل كان عبداللّه على لفظ المكبر و هنا كان على لفظ المصغّر فيمكن التوجيه عنه بإمكان أن يكون زيادة الياء من غلط النسّاخ مع ان المحكى عن «صه» انّه نقل قولاً بأنّه بغير الياء حيث قال محمّد بن أبى القاسم عبيد اللّه بالياء أو قيل عبداللّه بغير الياء انتهى. و ان يكون لأبى القاسم اسمان عبيد اللّه مع الياء و بدونها و لا استبعاد فى ذلك و بالجملة الظاهر ان أبا القاسم فى الموضعين شخص و ان اسمه عبد اللّه و انّه صهر البرقى فيلزم من الكلامين المنقولين عن «جش» محذور هو كون أبى القاسم صهرا على ابنة البرقى و ولده محمّد أيضا صهرا على ابنة البرقى و هو على شريعة التى اُنزل على نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله و تديّنا بها ممّا لا يتصور إذ ابنة البرقى إن كانت واحدة لزم كونها امّا و زوجة لمحمّد و إن كانت متعددة لزم كونها زوجة و خالة له و تصدّى الاستاد سلّمة اللّه للذّبّ عنه فقال و حينئذٍ فإمّا ان يقال ان محمّدا ابن لأبى القاسم ولكن لا من بنت البرقى بل من زوجة اُخرى فأخذ أبو القاسم بنتا من البرقى و ابنه محمد بنتا آخر فحصل لأبى القاسم من بنت البرقى على و أحمد و لمحمّد أيضا من بنته الاُخرى على الذى أشار إليه «جش» بقوله و ابنه علىّ بن محمّد منها فعلىّ بن أبى القاسم و علىّ بن محمّد كلّ منهما ابن خاله للآخر و للأّوّل عمّ للثانى أيضا و كذا أحمد بن عبداللّه الذى كلامنا فيه و هو أخ لعلىّ الأوّل فانّه ابن خالة لعلىّ الثانى و عمّ له أيضا.
و امّا بأن يقال انّ علىّ بن أبى القاسم الذى نقلنا عنه أوّلاً اسناد إلى الجدّ و المراد علىّ بن محمد بن أبى القاسم و عليه فأبو القاسم لا يكون صهرا للبرقى بل ولده محمّد صهر له و على يكون ولد محمّد من بنت البرقى و حينئذ فيتلائم كلمات «جش» فى ترجمة على و ترجمة محمّد و إن كان فيما ذكره فى الأوّل خروج من الظاهر من وجهين أحدهما الاسناد إلى الجدّ و ثانيهما قوله المعروف أبوه بماجيلويه مع أن أباه المعروف بذلك و هو محمّد غير مذكور فى الكلام إلّا ان يدفع بأن الاسناد إلى الجّد فى كلامهم شايع و ان قوله المعروف أبوه أيضا إشارة إلى أن أبا القاسم ليس ابا له بل أبوه الشخص المعروف بماجيلويه و حينئذٍ فلا حزازة فى كلماته انتهى كلامه سلمه اللّه . و على هذا يكون مراد بعلى بن أبى القاسم هو علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و يشهد له ما فى كلامه المنقول أخيرا فى محمّد بن أبى القاسم حيث لقبه بماجيلويه دون أبيه أبى القاسم و بذلك يقال ان ماجيلويه فى كلامه المنقول أوّلاً انّما هو لقب لمحمّد لا لأبى القاسم و حينئذٍ يلزم ان يكون أحمد الذى كلامنا فيه و ثبت ممّا مرّ أنّه ابن بنت البرقى ابنا لمحمّد الملقّب بماجيلويه لا لأبى القاسم المسمّى بعبداللّه فيكون اسناده إلى عبداللّه اسنادا إلى الجدّ نظرا إلى ما عرفت من أن أباه محمّد و هو ابن أبى القاسم المسمّى بعبد اللّه و قد يجعل عبداللّه أبا لأحمد لاجدّا لكن بتقريب ان يجعل عبداللّه فى ترجمة محمد اسما آخر له لا اسما لأبيه أبى القاسم و يكون أبوه أبو القاسم ابنا لعمران فيكون عبد اللّه فى كلامه الثانى فضلاً بين الموصوف و الصّفة أو أن يجعل عمران لقبا لأبى القاسم و يكون ابن عمران وصفا لعبد اللّه فيكون حينئذٍ عبداللّه بن عمران بدلاً عن محمّد بن أبى القاسم و كلاهما بعيدان أو أبعد منهما ما يقال من كون عبداللّه الذى هو والد أحمد رجلاً غير أبى القاسم و محمّد بأن يكون للبرقى صهر آخر مسمّى بعبد اللّه لعدم شاهد عليه كما اعترف الاستاد سلّمه اللّه بأنّه لم يقف له على شاهد و ذكر الاستاد سلّمه اللّه بأنه يمكن ان يقال ان عبداللّه الذى هو والد أحمد ابن لمحمّد بن أبى القاسم المذكور بقرينة ان كنيته محمّد أبو عبد اللّه و عليه فيكون عبداللّه هذا هو ابن بنت البرقى لا ولده أحمد انتهى كلامه. فتبيّن من جميع ذلك حال عنوان الذى ذكر فى مع ما يلزم من الاختلاف فى صورتى جعل ابن وصفا لأحمد و لأبيه عبداللّه و ظهر ممّا مرّ أيضا انّ والد عبداللّه إمّا محمّد بن أبى القاسم كما هو الظاهر من بعض الوجوه أو أبوالقاسم بن عمران أو الملقّب بعمران كما هو الظاهر من الآخر أو عمران كما هو الظاهر من الثالث ثم انّه لما انجرّ الكلام بذكر ماجيلويه فلا بأس ان انبسط الكلام فيه بذكر عددهم و ساير ما يتعلّق بأحوالهم لما فى ذلك من زيادة بصيرة و اطّلاع على أحوال بعض الرّجال فنقول و عن «سا» ما ملخّصه انّ ماجيلويه لقب لأربعة: الأوّل: محمّد بن علىّ بن أبى القاسم الثانى: عمّه محمّد بن أبى القاسم و الثالث: ابن عمّه علىّ بن محمد بن أبى القاسم الرّابع: ابن ابن عمّه محمّد بن علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و يشهد للأوّل اسانيد الصدوق رحمه اللهفى باب الواحد من الخصال فى غير موضع منه حيث قال محمد بن على ماجيلويه قال حدّثنى عمّى محمّد بن أبى القاسم عن أحمد بن أبى عبداللّه البرقى و كذا فى غيره ممّا لا يستقصى فلاحظ اسانيد العيون و الخصال و المجالس و التوحيد و كمال الدّين و مشيخه الفقيه و للثانى ما فى أواخر العلل و معانى الأخبار و غيرها حيث أكثر فيها من قوله حدّثنا أبى رحمه الله قال حدّثنا محمّد بن أبى القاسم ماجيلويه عن محمّد بن على الكوفى و للثالث ما فى غير موضع من العلل و المجالس و العيون من قوله: حدّثنا علىّ بن عيسى مثلاً قال حدّثنا علىّ بن محمّد ماجيلويه عن أحمد بن محمّد بن خالد و للرابع ما فى «جش» فى ترجمة محمّد بن أبى القاسم عند ذكر طريقه اليه من قوله: أخبرنا أبى علىّ بن أحمد الى أن قال حدّثنا محمّد بن على ماجيلويه قال حدثنا أبى علىّ بن محمّد عن أبيه محمّد بن أبى القاسم عن أبيه فانه بقرينة ما سمعت عن «جش» رواية الولد عن والده لا رواية ابن العمّ عن ابن عمّه و ظهر بما ذكرنا ان محمّد بن على ماجيلويه فى اوائل أسانيد الصدوق رحمه اللهمشترك بين الأوّل و الرّابع فإذا روى عن عمّه حمل على الأوّل و هو ظاهر و إذا روى عن أبيه كما فى مواضع من المجالس و العلل حيث قال فيها محمّد بن على ماجيلويه قال حدّثنا أبى عن أحمد بن أبى عبداللّه البرقى أو عن غيره ممّن هو غير العمّ أيضا حمل على الرابع. امّا إذا روى عن أبيه فلمّا مرّ عن «جش» آنفا فى ذكر طريقه إلى محمّد بن أبى القاسم حيث صرّح فيه بلفظ الأب و صرّح بأنّ الأب هو علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و أمّا علىّ بن أبى القاسم فلا ذكر له فى الأسانيد بهذا العنوان و بالجملة فرواية الرّابع عن والده علىّ بن محمّد بن أبى القاسم ثانية بخلاف رواية الأوّل عن والده علىّ بن أبى القاسم و يؤيّد ذلك انّ الأب فيما اُشير إليه من الأسانيد يروى عن البرقى و رواية على بن محمّد بن أبى القاسم و هو علىّ بن محمّد بن عبداللّه و علىّ بن محمّد بن بندار عن البرقى الّذى هو جدّه الاُمّى شابهه هذا و أمّا إذا روى عن غير الأب ممّن هو غير العمّ أيضا كمحمّد بن يحيى أو علىّ بن إبراهيم أو غيرهما و هو كثير أيضا منه فى باب الاثنين من الخصال حيث قال: حدّثنا محمّد بن على ماجيلويه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار و مثله فى باب الثلاثة منها الا انّ بدل محمّد بن يحيى علىّ بن إبراهيم فالظاهر انّه الأوّل لأنّه أكثر رواية من الرّابع كما لا يخفى على من تصفّح كتب الصّدوق و كذا إن وقع فى الطبقة الثانية فى أسانيد الصّدوق كما فى العيون فى باب ذكر ما كتب به الرّضا عليه السلام إلى محمّد بن سنان فى جواب مسائله قال: حدّثنا على بن أحمد بن عبداللّه البرقى و علىّ بن عيسى المجاور فى مسجد الكوفة و أبو جعفر محمّد بن موسى البرقى بالراى قالوا: حدّثنا محمّد بن على ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه فانّه يحمل حينئذٍ أيضا على الأوّل لأنّه مع الثالث و هو علىّ بن محمّد فى طبقة واحدة اذ كلّ منهما ابن عمّ للآخر و الرابع فى طبقة متأخّرة فإذا وقع هذا الاسم أعنى محمّد بن على ماجيلويه فى الطبقة الأولى اى الطبقة المتأخّرة القريبة من الصّدوق حمل على الرابع و إذا وقع فى الطبقة الثانية التى هى أبعد منه كما فيما ذكر آنفا حمل على الأوّل ولكن الظاهر ان محمّد بن على ماجيلويه فى السّند المذكور غلط و الصّحيح علىّ بن محمّد لأنّ المعهود فى الأوّل وقوعه فى أوّل أسانيد الصّدوق و لان الّذى يروى عنه علىّ بن عيسى المجاور هو الثانى كما فى عدة من الأسانيد و أيضا هو الّذى يروى عن أحمد بن محمّد بن خالد و يدلّ عليه أيضا ما فى باب آخر ممّا جاء عن الرّضا عليه السلام من الأخبار المتفرّقة قال حدّثنا علىّ بن أحمد بن عبداللّه بن أحمد بن أبى عبداللّه البرقى و محمّد بن موسى البرقى و محمّد بن على ماجيلويه و محمّد بن علىّ بن هاشم و علىّ بن موسى المجاور قالوا حدّثنا علىّ بن محمّد بن أبى القاسم ماجيلويه عن أحمد بن محمّد بن خالد. ثمّ انّه اعلى اللّه مقامه و نوّر اللّه مرقده على ما حكى عنه تصدى لما صدر عن بعض الاعلام من الشبهة و الغفلة فى الكلام فى هذا المقام و هو فى مواضع كثيرة:
منها ما قد عرفت قبل هذا عن الصّدوق رحمه اللهعن ذكر محمّد بن على ماجيلويه فى السّند المذكور مع ان الصحيح علىّ بن محمّد الّذى يروى عنه علىّ بن عيسى المجاور وقد عرفت ما يؤيّده بل يدلّ عليه أيضا.
و منها ما فى «جخ» فى باب لم حيث قال محمّد بن على ماجيلويه القمى روى عنه محمّد بن علىّ بن الحسين بن بابويه فإن ظاهره حيث لم يشر إلى التعدّد اعتقاد الوحدة مع أنّه متعدد لما عرفت من انّه مشترك بين ألاوّل و الرابع من أقسام ماجيلويه.
أقول: لعله رحمه اللهيشر إلى التعدّد تعويلاً على ظهوره و وضوحه مع إرادة أحدهما لنصوصه هنا بمعونته القرينة الخارجة كما سبقت الإشارة إليه منه أعلى اللّه مقامه.
و منها ما مرّ عن «جش» فى كلامه المنقول أوّلاً فى علىّ بن أبى القاسم حيث قال علىّ بن أبى القاسم عبداللّه بن عمران البرقى المعروف أبوه بماجيلويه و قد يستفاد منه ان الملقّب بماجيلويه أو المعروف به انما هو أبوه لا هو نفسه وقد عرفت انّه أيضا الملقّب كما هو الظاهر من أسانيد الصّدوق ذكر الاستاد سلّمه اللّه ان هذا الا يراد مبنىّ على انّ مراد «جش» بعلىّ بن أبى القاسم هو علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و انّه لم يتعرّض لعلىّ بن أبى القاسم الّذى هو أخو محمّد بن أبى القاسم نظرا إلى ما مرّ من انّه بهذا العنوان غير مذكور فى الأسانيد ولو قلنا باحتمال كلامه لهذا الشخص أيضا ورد انّ هذا الشخص ليس أبوه و هو أبوالقاسم ملقّبا بماجيلويه كما انّه نفسه ليس ملقبا به: وبالجملة إن أراد «جش» بعلى بن أبى القاسم علىّ بن محمّد بن أبى القاسم كما هو الظاهر ورد عليه انّ أباه محمّد كما هو ملقّب بماجيلويه فكذا هو نفسه أيضا فلا وجه للتخصيص و إن أراد علىّ بن أبى القاسم بلاواسطه و هو اخو محمّد ورد عليه ان احدا من الوالد و الولد ليس ملقّبا بذلك بل انما الملقّب به هو ولد هذا الولد و هو محمّد بن على بن أبى القاسم.
أقول: يمكن أن يعتذر بأن غرض «جش» المس حصر ذلك اللقب فى أبيه فحنب حتّى يردّ ذلك بل لعلّ مقصوده أن أباه كان معروفا بذلك اللّقب و هذا يستلزم أن لا يكون هو ملقّبا به غاية الأمر انّه ليس معروفا به كأبيه مع ما يمكن أن يدّعى الملازمة العادية بين كون شخص ملقبا بشى ء و كون ابنه أيضا ملقبا به ولكن لا ينعكس لجواز ان يكون ذلك نشأ منه الولد بخصوصه و لا يسرى إلى الوالد نعم يسرى منه إلى ولده كما هو المتعارف فى زماننا هذا.
و منها ما مرّ أيضا من «جش» فى كلامه المتقدم حيث ذكر الجدّ فى ترجمة الابن بلفظ عبداللّه بالباء الموحّدة و فى ترجمة الأب بالياء المثناة من تحت بعد الباء. أقول: قد مرّ فى ذيل كلام المنقول أخيرا عن «جش» ما ينفع فى المقام فتذكّر.
و منها ان ابن داود لم يذكره أى محمّد بن على ماجيلويه لا فى الجزء الأوّل من كتابه ولا فى الجزء الثانى منه و ينبغى ذكره. أقول: هذا وارد لو كان غرضه استيفاء ما فى الجزئين من كتابه و إلا فلا يرد عليه أمثال هذا فتأمّل.
و منها ان العلّامة رحمه اللهلم يذكره إلّا فى الباب الأوّل من «صه» و لا فى الثانى مع انّه و لا صحيح جملة من طرق الصدوق المشتملة على محمّد بن على ماجيلويه كطريقه إلى إسماعيل رباح و الحرث بن المغيرة و منصور بن حازم و معاوية بن وهب و هو يقتضى ايراده فى القسم الأوّل.
و منها ان المحقق الاسترآبادى قال فى الألقاب ماجيلويه يلقّب به محمّد بن علىّ بن محمّد بن أبى القاسم عبداللّه أو عبيد اللّه و جدّه محمّد بن أبى القاسم و هما ثقتان و قد علمت أن الملقّب بذلك شخصان آخران أيضا بل ألقابهما به اظهر اذ قد سمعت إكثار الصدوق التصريح برواية محمّد بن على ماجيلويه عن عمّه و قد وصف فى كثير من أسانيده علىّ بن محمّد أيضا بماجيلويه و لعلّ الموقع له فى ذلك الجمود كلام «جش» و قد أوضحنا حاله و أيّد الاستاد سلّمه اللّه ألقاب على بماجيلويه كون والده و ولده كليهما ملقّبين بذلك. أقول: لايخفى على ذى مسكه انّه تأييد متين لما عرفت من دعوى استلزام كون الوالد ملقّبا به كون الولد أيضا ملقّبا به.
و منها ما فى النقد من ان ماجيلويه اسمه محمّد بن أبى القاسم و يطلق على محمّد بن على ماجيلويه أيضا انتهى حيث ان الظاهر منه انّ هذا اللّقب فى محمّد بن أبى القاسم أشهر منه فى محمّد بن على و ليس كذلك و أيضا ظاهرها ان محمّد بن علىّ واحد مع انّه رجلان كما مرّ و أيضا ظاهرها عدم إطلاق هذا اللّقب على غير من ذكره مع انّه لقب لعلى بن محمّد أيضا.
و منها ما فى وجيزة العلّامة المجلسى رحمه الله حيث قال علىّ بن أبى القاسم ماجيلويه ثقة ثم قال بفاصلة علىّ بن محمّد بن بندار من مشايخ الكلينى انتهى فإن مقتضاه تغاير الشخصين مع انّهما متّحدان و أيضا مقتضى ما ذكره انّ عليّا ولد لأبى القاسم و ليس كذلك بل هو نسبة إلى الجدّ و أيضا انّه جعل ماجيلويه لقبا لأبى القاسم و ليس كذلك بل هو لقب لولده محمّد و الموقع له فى ذلك ظاهر ما مرّ عن «جش» من قوله علىّ بن أبى القاسم رحمه الله و هو إن كان يوهم ذلك إلّا ما مرّ عنه فى والده محمّد بن أبى القاسم صريح فى ان علىّ بن أبى القاسم نسبة إلى الجدّ و ان ماجيلويه لقب لمحمّد فقوله المعروف أبوه بماجيلويه معناه ان محمّد يعرف بماجيلويه و يمكن ان يكون المراد من عبارة الوجيزة ان ماجيلويه لقب لعلىّ و هو و إن كان مطابقا للواقع و مناسبا للعنوان لكن لما كان خلاف ما يقتضيه كلام «جش» يبعد حمله عليه.
و منها ان المحقق الاسترابادى و التفريشى و العلّامة السمى المجلسى حكوا عن «صه» انّه صحيح لطريق الصّدوق إلى الحسين بن زيد حيث قال الأوّل وإلى الحسين بن زيد صحيح على ما فى «صه» و مثله الاخيران مع أن العلّامة رحمه الله فى «صه» لم يتعرّض لحال طريقه إلى الحسين بن زيد أصلاً ثم انك بعد ما عرفت الأشخاص الملقّبين بماجيلويه و كونهم منحصرين فى الأربعة فلا ضير فى التصدّى بما ذكروا فى تراجمهم حتى يتحقق حالهم من الوثاقة المدح و القدح فنقول امّا الثالث اعنى علىّ بن محمّد بن أبى القاسم فقد مرّت الحكاية عن «جش» توثيقه حيث قال علىّ بن أبى القاسم عبداللّه بن عمران البرقى المعروف أبوه بماجيلويه يكنّى أبا الحسن ثقة فاضل فقيه أديب رأى أحمد بن محمّد بن البرقى و تأدّب عليه و هو ابن بنته انتهى و هو صريح فى توثيقه و مثله عن «صه» و هذا القدر كاف فيه مضاف إلى ما حكى عن «سا» من انّه من مشايخ الكلينى و كونه ممّن كثر روايته عنه.
و أمّا الثانى و هو محمّد بن أبى القاسم فقد مرّ عن «جش» توثيقه أيضا حيث قال محمّد بن أبى القاسم عبداللّه بن عمران الجنانى البرقى أبو عبداللّه الملقّب بماجيلويه و أبوالقاسم ملقّب ببندار سيّد من أصحابنا القميّين ثقة عالم فقيه عارف بالأدب و الشعر و الغريب و هو صهر أحمد بن أبى عبداللّه البرقى على ابنته و ابنه على بن محمّد انتهى. و صراحة هذا الكلام فى وثاقته غير خفيّة و عن «صه» مثل ذلك حيث قال محمّد بن القاسم عبيداللّه بالياء بعد الباء و قيل عبداللّه بغير ياء ابن عمران الجنانى بالخاء المعجمة المفتوحة و الباء المنقطة نقطة قبل الألف و بعدها البرقى أبو عبداللّه الملقّب بماجيلويه بالجيم و الياء المنقطة تحتها نقطتين قبل اللّام و بعد الواو أيضا و أبو القاسم ملقّب ببندار أيضا بالنون بعد الباء و الدال المهملة و الرّاء سيّد من أصحاب القميّين ثقة عالم فقيه عارف بالأدب و الشعر انتهى.
و أمّا الأوّل و الرابع و هما محمّد بن علىّ بن أبى القاسم و محمّد بن علىّ بن محمّد بن أبى القاسم فقد ذكر فى ترجمتها أشياء لايبعد حصول الوثاقة من جميعها و افادتها إيّاها و عن «سا» الظاهر انّ حديثهما يبعد من الصّحاح أيضا فهما ثقتان لكونهما من مشايخ شيخنا الصدوق و لذكرهما بطريق الترحّم و الترضّى فى المشيخة و الخصال و المجالس و العيون و العلل و التوحيد و المعانى بل لم نجد ذكرهما فى الكتب المذكورة إلّا كذلك و لتصحيح العلامة من طريق الفقيه إلى منصور بن حازم و معاوية بن وهب و فيها محمّد بن علىّ بن أبى القاسم و طريقه إلى الحرث بن المغيرة و إسماعيل بن رباح و فيه محمّد بن علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و لصدور التوثيق من المحقّق الاسترابادى له فى مباحث الألقاب فى رجاله الوسيط قال مشيرا إلى محمّد بن علىّ بن محمّد بن أبى القاسم و محمّد بن أبى القاسم و هما ثقتان انتهى. و بالجملة انّه لا يبعد ان يدّعى توثيقهما بملاحظة ما سمعت من كلماتهم فى ترجمتهما و ان ابيت عن ذلك فلا مرتبة فى كونه من امارة المدح القوىّ المقتضى لجعل أخبارهما من الحسان و إن أغمضنا عن جميع ذلك فيكفينا ثبوت الوثاقة فى أحد الأربعة و قد عرفت ثبوتها فى الاثنين منها كالأوّلين.
و أمّا الكلام فى الثّالث ۳ فنقول: انّه قد سبقت الاشارة إلى انّ أحمد بن عبداللّه بن اُميّة بهذا العنوان غير مذكور فى كتب الرّجال كما صرّح به جماعة ولكن كون ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله راويا عنه نظرا إلى كونه من العدة الذين يروى رحمه الله عنهم و اعتماده رحمه الله عليهم يفيد مدحا مضافا إلى ما عن التعليقة من انّ هذا كونه من مشايخه و ظاهره كونه من المعتمدين بل و الثقات أيضا انتهى. قال الاستاد سلّمه اللّه و مثله الكلام فيما إذا كان ابن اُميّة تصحيف ابن ابنته اى ابن بنت البرقى كما مرّ تفصيله إذ يصير الظاهر حينئذٍ كون هذا من مشايخ الكلينى رحمه الله مضافا إلى ما فى التعليقة فى أحمد بن عبداللّه بن أحمد بن أبى عبداللّه البرقى حيث قال قال جدى: الظاهر انّه ثقة عند الصّدوق لاعتماده فى كثير من الرّوايات عليه و يحتمل كونه ابن بنت البرقى إلى أن قال و فى المعراج و قد يعدّ من مشايخ الإجازات و هو غير بعيد انتهى. و امّا حال أبيه فقد عرفت انّه يحتمل أن يكون محمّد بن أبى القاسم أو أبوالقاسم بن عمران أو عمران فلا جدوى فى التعرض لبيان حالهم نظرا إلى عدم دخولهم فى السّند الذى نحن فيه مضافا إلى ان أقوى المحتملات هو الأوّل و قد عرفت توثيقه عن «جش» و «صه».
و أمّا الشخص الرّابع من الأشخاص الأربعة المذكورة فى العدّة الثانية و هو علىّ بن محمّد بن عبداللّه بن اُذينة فقد صرّح جمع غفير من الأصحاب بأنّه بهذا العنوان أيضا غير مذكور فى كتب الرّجال ولكن كونه من العدّة الّذين يروى عنهم ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله ممّا يقتضى تعويله عليه و هو من أقوى أمارة للمدح مضاف إلى ما احتمله الاستاد سلّمه اللّه من كون أذينة تصحيف ابنته اى علىّ بن محمّد بن عبداللّه بن ابنة البرقى و المراد علىّ بن محمّد بن أبى القاسم فعبّر عن جدّه أبى القاسم باسمه و هو عبداللّه و قد عرفت انّ عليّا هذا هو أحد الأربعة الملقّبين بماجيلويه الذى سمعت توثيقه عن «جش» و «صه» ولكن بقى هيهنا أمران يجب التنبيه عليهما:
أحدهما: ما عن صاحب المنتقى من التوهّم من فى ان عدّة البرقى خمسة بزيادة محمّد بن يحيى العطّار بالتقريب الذى ادّعى استفادة ذلك من كلامه فى الكافى لكنّه ممّا يضحك به الثكلى حيث قال فى العبارة المحكيّة عنه انّ محمّد بن يحيى أحد العدّة و هو كاف فى المطلوب و قد اتّفق هذا البيان فى أوّل حديث ذكره فى الكتاب و ظاهره انّه احال الباقى عليه و مقتضى ذلك عدم الفرق بين كون رواية العدّة عن أحمد بن محمّد بن عيسى و أحمد بن محمّد بن خالد و إن كان البيان انما وقع فى محلّ الرّواية عن ابن عيسى فانّه روى عن العّدة عن ابن خالد بعد البيان بجملة يسيرة من الأخبار و يبعد مع ذلك كونها مختلفة بحيث لا يكون محمّد بن يحيى فى العدّة عن ابن خالد و لا يتعرّض مع ذلك للبيان فى أوّل روايته عنه كما تبيّن فى أوّل روايته عن ابن عيسى هذا كلامه المحكى عنه بلفظه و لذا ضعّفه الاستاد سلّمه اللّه و جعله ظاهرا بتقريب ان الكلينى رحمه اللهبعد تصريحه على ما مرّ عن «صه» بأشخاص العدّة الذين هو الوسايط بينه و بين البرقى و كونهم أربعة معنيين لايصلح ما ذكره رحمه الله فى أوّل حديث الكافى حيث قال فيه: حدّثنى عدّة من أصحابنا منهم محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد عن الحسن بن محبوب الخ، لأن يكون قرينة على أنّ محمد بن يحيى من أشخاص العدّة البرقى أيضا ولو صلح ذلك لكان صالحا لان يكون من أشخاص عدّة سهل أيضا و الظاهر انّه لم يقل به و بالجملة فبعد تعيين أشخاص كلّ واحد من العدّة الرّاوين عن كلّ واحد من الأشخاص الثلاثة يتعيّن حمل كلّ عدّة فى كلامه رحمه الله عن على فى من عيّنه و قوله فى الحديث الأوّل منهم محمّد بن يحيى العطّار و إن لم يكن حاجة إليه بعد تصريحه بأن محمّد بن يحيى من أشخاص العدة الرّاوين عن أحمد بن محمّد بن عيسى إلّا أنه صرّح به فى الحديث الأوّل أيضا تأكيدا و تعظيما لشأنه حيث انّه من أجلّة المشايخ فى زمانه فلا يستفاد منه كونه أحد العدة مطلقا كما هو ظاهر المنتقى و لا يتجه قوله: و ظاهر انّه احال الباقى الخ، و لا قوله: و لا يبعد مع ذلك الخ، انتهى و الحاصل انّه إن كان غرضه رحمه اللهدخول محمّد بن يحيى العطار فى العدة ليكون دخوله سببا لاعتبارها و وصيلة لصحّتها و قد عرفت دخول علىّ بن إبراهيم فيها و هو كاف فى ذلك و إلّا فلا وجه لارتكاب اعتبارات لايستحسن لشى ء من التوجيهات.
و ثانيهما: ان المحقّق و المعلوم ان ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله يروى عن العدة المذكورة و الذى قبلها بل بعدها بلاواسطة ولكن المحكى عنه فى باب الحركة و الانتقال من الكافى انّه قال عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد و هذا صريح فى النقل عن العدة مع الواسطة و تصدى الاصحاب لإصلاحه و عن «سا» انّه قال: لا يبعد ان يقال لفظه عنه و عن بعدها زائدة من النسّاخ انتهى و حينئذٍ لا يكون روايته رحمه الله عنهم مع الواسطة.
و قد يقال ان لفظة الواو ساقطة بعد عنه و يكون العبارة فى الأصل هكذا: عنه و عن عدّة و على هذا فلا يكون روايته رحمه اللهعنهم مع الواسطة غاية ما فى الباب انّه رحمه اللهمع روايته عن العّدة بلاواسطة يروى عن غيرهم معها و لعلّه أقرب من الأوّل من جهة سهولة دعوى سقوط لفظه واحدة من دعوى زيادة لفظتين مع أنّ العادة بملاحظة حال النسّاخ قاضية على اعتبار السّقوط لا الزّيادة فضلاً عن زيادة اللفظين و ذكر الاستاد سلّمه اللّه بأن الرّواية عن شخص تارة بلاواسطة و اُخرى معها ممّا لا بعد فيه بل كثيرا ما يتّفق و رواية الكلينى رحمه الله خصوص هذا الخبر عن العدة بواسطة ليست بذلك البعيد و إن كان بعيدا فى الجملة نظرا إلى انّه لم يعهد منه ذلك فى غير هذا الموضع و إن كان لا يبعد أن يكون المتتبّع فى كلامه يطلع على مثل ذلك فى غير هذا الموضع أيضا انتهى كلامه. و ما ذكره الاستاد من نفى البعد فى الرّواية عن شخص تارة بلاواسطه و اخرى معها غير خفىّ على المتدرّب و المتصفح فى الأخبار فانّه واقع فى كثير من الموارد:
منها: رواية الكلينى عن محمّد بن جعفر الأسدى الّذى هو أحد أشخاص العدّة الثالثة فانّها كثيرا ما تكون بلاواسطة و قد تكون معها كما فى باب الحركة و الانتقال حيث قال: علىّ بن محمّد عن سهل بن زياد ثم قال فى السّند الّذى بعدها: و عنه عن محمّد بن جعفر الكوفى وظاهر المجرور رجوعه إلى علىّ بن محمّد و هو ابن علّان.
و منها: رواية الكلينى أيضا عن محمّد بن الحسن الصفّار فإنه قد يروى عنه بلاواسطة و قد يروى عنه بواسطة محمّد بن يحيى العطّار و غير ذلك من الموارد الواقعة فى الأسانيد الغير الخفيّة على المتتبّع فى هذا الفنّ ثم على تقدير توجهين آخرين من ثبوت الواسطة فى تلك الرّواية و عدم زيادة هاتين اللفظين فاختلفوا فيمن يرجع إليه الضمير المجرور و ذكر الاستاذ انّه راجع كالمجرور الآخر الذى قبله إلى علىّ بن محمد المذكور قبلها الرّاوى عن سهل و هو أحد أشخاص عدّه سهل كما سيأتى انتهى.
و قد يحتمل رجوعه إلى محمد بن أبى عبداللّه المذكور فى أوّل الباب و هو محمّد بن جعفر الأسدى أحد العدة عن البرقى و الراوى عن محمّد بن إسماعيل البرمكى و على هذا يراد بالعدة فى الخبر من عدا محمّد بن أبى عبداللّه بقرينة روايته عنهم و رواية أحد العدة عن الباقين غير منكرة و فيه:
أمّا أوّلاً فلأن عوده إلى محمّد بن جعفر الأسدى المذكور فى أوّل الباب مع وجود ما هو الأقرب بعيد جدّا مضافا إلى أن قضية الاسلوب بل طريقة المسلوك فيها الاصحاب شاهدة له.
و امّا ثانيا فلأن جعل محمّد بن جعفر الأسدى من أحد العدة البرقى مزية ما فيه مزية فانّه ليس من عدّة البرقى جزما بل هو من عدّة سهل و سيتّضح نك صدق ما قلنا فى عدّة سهل التى هى العدّة الثالثة الآتية بعيد هذا و بما ذكرنا يظهر فساد ما ذكره أخيرا من أنّه على هذا يراد بالعّدة الخ، و توضيح الفساد انّه مبنى و متفرّع على أوّل كلامه و قد عرفت حاله هذا هو الكلام فى العدّة الثانية.
و أمّا العدّة الثالثة الذين يروى بواسطتهم عن سهل بن زياد فهم على ما حكى عن «صه» أيضا أربعة: علىّ بن محمّد بن علّان و محمّد بن أبى عبداللّه و محمّد بن الحسن و محمّد بن عقيل الكلينى.
أمّا الأوّل فالكلام فيه يقع تارة بما يتعلّق لما عنون به كتب الرجّال و اخرى بما يتعلّق بحاله من المدح أو القدح. امّا الأوّل فعن الميرزا اتّفقت النسخ على علىّ بن محمّد بن علّان و الموجود فى الرّجال علىّ بن محمّد المعروف بعلّان فالظاهر انّه علىّ بن محمّد علّان انتهى. ذكر الاستاد سلّمه اللّه ان قوله فالظاهر انّه علىّ بن محمّد له فى جملة من النسخ بزيادة لفظة «ابن» قبل علّان وهولا يلائم فاء التفريع كما فى جملة النسخ بل كان اللائق حينئذٍ الواو بل الاختصار أيضا بأن يقول و الظاهر الأوّل و كيف كان فعلى وجود لفظة ابن يكون قوله: فالظاهر الخ، ترجيحا لما فى نسخ الخلاصة و تضعيفا لما فى الرجال انتهى ولكن المحكى عن «سا» انّه نقل الكلام المنقول آنفا عن الميرزا من دون زيادة لفظ ابن قيل علّان و على هذا ينعكس دلالة ما مرّ من الكلام ترجيحا و تضعيفا بالنسبة إلى الخلاصة و الرجال و الحاصل انّ النسخة التى وقعت فيها لفظة ابن يستظهر منها ان اللّقب المزبور انما هو لوالد محمد دون على و امّا النسخة التى سقطت فيها تلك اللفظة يستظهر منها ان الملقّب بذلك هو على لا غير فلمّا اشتبه الملقّب بذلك اللقب فلا ضير فى أن نستوفى جميع من هو ملقّب بذلك اللقب من بين الرّواة و الذى يظهر من بعضهم انّه لقب لأربعة:
الأوّل: محمّد بن إبراهيم لما عن «جخ» و «صه» حيث قالا محمّد بن إبراهيم المعروف بعلّان الكلينى خيّر.
الثانى: اخوه أحمد كما عنهما أيضا حيث قالا أحمد بن إبراهيم المعروف بعلّان الكلينى خيّر فاضل من أهل الرى.
الثالث: ابنه على كما عن «جش» و «صه» حيث قالا على محمّد بن علىّ بن إبراهيم بن أبان الرّازى الكلينى المعروف بعلّان يكنّى أبا الحسن ثقة.
و الرابع: أبوه إبراهيم كما عن التعليقه حيث قال فى الألقاب علّان الكلينى علىّ بن محمّد بن إبراهيم و أبوه محمّد و عمّه أحمد و الظاهر انّه لقب إبراهيم نفسه ذكر الاستاد سلّمه اللّه كونه لقبا لإبراهيم و إن كان يحتمله مامرّ عن «جخ» و «صه» فى الأوّلين ولكنه لا يخلو عن بعد من كلماتهم إذا الظاهر ان ما يذكرونه من الأوصاف بعد ذكر الآباء انّها أوصاف لمن ذكر فى العنوان حيث انّ المقصود بيان أحواله إلّا إذا قامت قرينة على خلافه على انّ قول «جش» و «صه» المعروف بعلّان فى ترجمة الابن لا يصلح كونه لقبا لإبراهيم لظهور انّ الوصف إمّا للشخص الأوّل أو الأخير دون الوسط فهو فى كلامهما وصف للاوّل إذ لم أقف على من جعل أبانا أيضا معروفا بعلّان و هذا يعطى كون اللفظ المذكور فى ترجمة محمّد و أحمد أيضا وصفا لهما لا لإبراهيم و لاسيّما فى عبارة «صه» نظرا إلى وحدة المتكلّم أيضا فى المواضع الثلاثة مضافا إلى وحدة اُسلوب الكلام فيها و بالجملة فالعبارة المذكورة لا ظهور لها فى كون علّان لقبا لإبراهيم و قول «صه» فى بيان العدّة علىّ بن محمّد بن علّان و إن أمكن دعوى ظهوره فى ذلك بأن يكون قد جعل علمان لقبا لإبراهيم الذى هو و اللّه محمّد ثم عبّر عنه بلقبه إلّا أنّ الكلام فى صحّة العبارة المذكورة لاحتمال كون «ابن» قبل علّان من طغيان القلم كما يشعر به ما مرّ من عبارة الميرزا على ما نقل عنه فى «سا» حيث قال و كأنه علىّ بن محمّد علّان بإسقاط ابن ليكون علّان وصفا لعلى فيطابق ما فى الرّجال و حينئذٍ فلم يثبت كون علّان لقبا لأربعة بل لثلاثة كما استظهرناه أو اثنين اذ بناء على كونه لقبا لإبرهيم فى كلماتهم لا يكون فى تلك الكلمات لقبا لابنيه محمّد و أحمد و لم نقف على شى ء آخر يدلّ على كونه وصفا لهما أيضا فينحصر هذا اللّقب فى إبراهيم و على انتهى كلامه. ثمّ إن علىّ بن محمّد الذى يروى عنه ثقة الإسلام الكلينى رحمه اللهالمذكور فى هذه العدّة لم يذكره فى كلامه رحمه الله مع لفظ علّان مسبوقا بلفظة «ابن» و عدمه بل عن «سا» انّه بعد الفحص و البحث و التتبع التام فى كلامه رحمه اللهانّه لم يذكره إلّا على أحد أنحاء ثلاثه:
أحدها: الرّواية عنه من غير تقييد سوى روى بواسطته عن سهل و هو الأكثر أو عن غيره كالبرقى و غيره و هو الأقل كما لا يخفى على من تتبع فى الكافى.
و ثانيها: الرّواية عنه مقيّدا بابن عبداللّه ففى باب العقل و الجهل علىّ بن محمّد بن عبداللّه عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر و فى باب فضل العلم و وجوب طلبه علىّ بن محمّد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن خالد إلى غير ذلك.
و ثالثها: الرّواية عنه مقيّدا بابن بندار فانّه رحمه اللهكثيرا ما يقول على بن محمّد بندار عن إبراهيم عن إسحاق الأحمر أو عن أحمد بن أبى عبداللّه كما فى باب السّواك من كتاب الطهارة و فى باب الخضاب من كتاب الزىّ و التجمّل و باب الفيروزج منه و باب اللباس منه إلى غير ذلك و الظاهر المحكى عن صريح جماعة ان الأوّل يروى عن سهل كثيرا هو علىّ بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازى الكلينى المعروف بعلّان و ان هذا هو الذى يروى عنه الكلينى كثيرا و انّه الذى يكون خال الكلينى كما ذكروه فى ترجمة الكلينى محمّد بن يعقوب و انّ خاله علّان الكلينى و انّه هو الذى يكون واحدا من العدة كما مرّ عن «صه» بناء على كون «ابن» زائدا فى كلامه و على عدم كونه زائدا يكون من فى العدّة هو هذا الشخص أيضا و إن لزم حينئذٍ كون علّان لقبا لإبراهيم أيضا كما مرّ عن التعليقة و ذلك لما عن «سا» من اطّراد عادة ثقة الإسلام بإطلاق علىّ بن محمّد حال الرواية عنه أى عن سهل بخلاف ما إذا كانت الرواية عن غيره فانّه قد يطلقه و قد يقيّده بابن بندار أو ابن عبداللّه و هو الأكثر و عن «سا» انّه استظهر منه انّ الراوى عن سهل غير ابن بندار فهو العلّان.
و أمّا الكلام فى الثانى فنقول ان المتحصّل فى المقام و المستنتج من الكلام ان علىّ بن محمّد المذكور فى أوّل سند الكافى فى اثنان و هما ثقتان:
أحدهما: على بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازى الكلينى المعروف بعلّان و هو ثقة كما مرّ عن «جش» و «صه» بل عن وجيزة ثقة يروى عنه الكلينى.
و ثانيهما: علىّ بن محمّد بن بندار الّذى قد يعبّر عنه بعلىّ بن محمّد بن عبداللّه و قد يعبّر عنه بعلى بن محمّد بن أبى القاسم بل بعلىّ بن أبى القاسم بالإضافة إلى الجدّ و هذه التعبيرات كلّها تعبير عن شخص واحد و هو ثقة أيضا كما عن «جش» و «صه» و قد مرّ الحكاية عنهما فى توثيقه فى تضاعيف أشخاص ماجيلويه و كيف كان فعدم التميز بينهما فى بعض المواضع غير مضرّ بعد ثبوت الوثاقة لهما مضافا إلى ما ذكره الاستاد من أنّ ما نحن فيه و هو الرّاوى عن سهل يكون الظاهر انّه الأوّل المعروف بعلّان كما مرّ مثل ذلك عن «صا» أيضا.
تذييل فى بيان أحوال من ذكر من الأشخاص الملقّبين بعلّان من جهة المدح و القدح فنقول: امّا محمّد بن إبراهيم و أحمد بن إبراهيم فقد سمعت عن «صه» و «جخ» خيّر فيهما بل فى الأخير فاضل أيضا و ذكر الاستاد انّا لم نقف لهما على مدح آخر و هو كذلك إذ لم يذكر فى ترجمتهما غير ما مرّ و أمّا علىّ بن محمّد فقد عرفت الحكاية عن «جش» و «صه» بأنه ثقة بل المحكى عن النقد فى ترجمته هكذا علىّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازى الكلينى المعروف بعلّان يكنّى أبا الحسن ثقة عين له كتاب أخبار القائم عليه السلام روى عنه جعفر بن محمد و قتل علّان بطريق و كان استأذن الصاحب عليه السلام فى الحجّ فخرج: «توقّف عنه فى هذه السنة» فخالف «جش» انتهى و لا يذهب عليك انّ مخالفته له عليه السلام ينافى ما ادّعيته فى حقّه من التوثيق إذ الظاهر من الأمر بالتوقّف إرشاد فمخالفته لاتقدح فى وثاقته و لذا ترى الأصحاب حيث لم يجعلوا ذلك سببا للقدح بل صرّحوا مع ذلك بوثاقته كما سمعته بل عن الوجيرة توثيقه. و أمّا إبراهيم بن أبان فالظاهر منهم انّه مهمل غير مذكور فى الرّجال و قد صرّح الاستاد بأنّا لم نقف له على عنوان فيما عندنا من كتب الرّجال ثم ان المحكى عن الايضاح فى ضبط العلّان هو بالعين المهملة المفتوحة و اللام المشدّدة و النون و هو يحتمل أن يكون علَما و أن يكون صفة و حينئذٍ إمّا أن يكون مأخوذا من علن حتى يكون الألف زائدة أو من علّ فتكون الألف و النون كلتاهما زائدتين و على الأوّل ينصرف و على الثانى فلا ينصرف.
و امّا الثانى من أشخاص العدة و هو محمّد بن أبى عبداللّه فالكلام فيه يقع فيه تارة فى تشخيصه و اُخر فى حاله من القدح و المدح.
أمّا الأوّل فعن المنهج الظاهر انّه هو محمّد بن جعفر الأسدى الثقة انتهى و استشهد له شواهد:
منها: ما عن «جش» و «صه» فى ترجمة محمّد بن جعفر المذكور من انّه يقال له محمّد بن أبى عبداللّه فمضافا إلى انّ الكلينى رحمه الله يروى فى غير موضع من الكافى عن سهل بن زياد بواسطة محمّد بن أبى عبداللّه كما فى باب الاستطاعة و قبله و بعده و قد ذكر فى ترجمة سهل ان محمّد بن جعفر بن عون يروى عنه و هو يعطى اتّحادهما و إن كان الأب قد يذكر باسمه و قد يذكر بكنية.
و منها: انّه كثيرا ما يروى الكلينى عن محمّد بن إسماعيل البرمكى بواسطة محمّد بن أبى عبداللّه و قد يروى عنه بواسطة محمّد بن جعفر الأسدى و قد ذكروا فى ترجمة البرمكى أيضا انّ محمّد بن جعفر الأسدى يروى عنه بل عن التعليقة انّه جزم باتّحادهما حيث قال محمّد بن عبداللّه الكوفى عن محمّد بن إسماعيل البرمكى هو محمّد بن جعفر الأسدى و نقل فى المنتهى ذلك عن خالد فى الوجيزة و عن جدّه فى حواشى النقد و قال كما يظهر من ملاحظة ترجمة محمّد بن إسماعيل البرمكى و فى موضع آخر و يظهر من مشيخة «يه» عند ذكر محمّد بن إسماعيل البرمكى و يظهر من «جش» أيضا ثم نقل عن الفاضل عبد النبى و هو بعد ما قال ذلك قال أخذت ذلك عن ملاحظة حديثين فى «فى» أحدهما فى باب إطلاق القول بأنّه بشى ء و الآخر فى باب حدوث العالم و إثبات المحدث و من كلام «جش» أيضا انتهى و ذكر الاستاد سلّمه اللّه فى وجه أخذ هذا الفاضل ذلك من ملاحظة حديثين فى «فى» بأن الظاهر انّه أراد بالحديث المذكور فى باب حدوث العالم ما ذكره الكلينى رحمه اللهفى باب المذكور من قوله: حدّثنى محمّد بن جعفر الأسدى عن محمّد بن إسماعيل البرمكى الرازى عن الحسين بن الحسن بن البرد الدينورى و بالحديث المذكور فى باب اطلاق القول بأنه شى ء و هو بعد الباب السابق ما ذكره فيه من قوله رحمه الله: محمّد بن أبى عبداللّه عن محمّد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن فاستظهر من ملاحظة الحديثين أى الطريقين انّ الأشخاص الثلاثة المذكورين فى هذا السند هم الثلاثة المذكورون فى الأوّل فمحمّد بن أبى عبداللّه هو محمّد بن جعفر الأسدى و هو محمّد بن إسماعيل هو البرمكى و الحسين بن الحسن هو الدينورى و هو كذلك و فى باب النوادر أيضا مثل السند الأخير بعينه و فى باب الحركة و الانتقال محمّد بن أبى عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل البرمكى فى موضع، و فى موضع آخر بعده بدون البرمكى و كأنه تركه اعتمادا على ما سبق و بالجملة فالظاهر ممّا ذكرنا ظهورا تامّا ان محمّد بن أبى عبداللّه هو محمد بن جعفر الأسدى كما انّ الظاهر انّ محمّد بن إسماعيل الذى يروى عنه محمّد بن أبى عبداللّه أو محمّد بن جعفر الذى عرفت انّه هو البرمكى و إن لم يصرّح فيه بهذا اللّقب انتهى كلامه.
و أمّا أخذ الفاضل المذكور ذلك من كلام «جش» فكأنه أراد أخذه ممّا مرّ من كلام «جش» فى تضاعيف ما استشهد على المطلوب من قوله فى ترجمة محمّد بن جعفر انّه يقال له محمّد بن أبى عبداللّه و مثله قد مرّ عن «صه» أيضا فيه و بالجملة ان اتحادهما لعلّه غير خفىّ على المتصفّح فى كتب الرّجال بل المحكى عن «سا» فى إثبات ذلك المطلب كلام كأنه برهان عليه و هو انّه ذكر ما ملخّصه انّ الظاهر من تتبّع الرّجال ان محمّد بن أبى عبداللّه اثنان أحدهما هو محمّد بن جعفر الأسدى لما عرفت.
و ثانيهما: من ذكره فى «ست» و هو محمّد بن أبى عبداللّه الّذى يروى حميد بن زياد عن أبى إسحاق إبراهيم بن سليمان عنه و ليس محمّد بن أبى عبداللّه الّذى يروى عنه الكلينى فى ضمن العدّة أو غيرها هو هذا التقدّم طبقته على طبقته الكلينى و ذلك لأنّ وفاة حميد كما ذكر فى ترجمته كان فى سنة عشرة و ثلاثمائة و وفاة الكلينى رحمه اللهفى سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة فكان وفاة الأوّل قبل وفاة الثانى بتسع عشرة سنة فيستعدّ درك الكلينى رحمه اللهلإبراهيم بن سليمان فكيف لمن يروى إبراهيم عنه فلا يكون المذكور فى صدر سند الكافى هو هذا الرّجل بخلاف محمّد بن جعفر الأسدى الذى عرفت انّه يقال له: محمّد بن أبى عبداللّه فإنه كان فى عصر الكلينى و كان وفاته كما ذكر فى ترجمته سنة اثنى عشرة و ثلاثمائة فإن قيل: كلام «جش» يدلّ على انّ الراوى عن الأسدى أحمد بن محمد بن عيسى الذى لايروى عنه الكلينى إلّا بواسطة فكيف يمكن روايته عمّن يروى عنه أحمد من غير واسطة قلت: كلام «جش» حيث قال محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدى أبوالحسين الكوفى ساكن الرى يقال له محمّد بن أبى عبداللّه كان ثقة صحيح الحديث إلّا انّه روى عن الضّعفاء و كان يقول بالجبر و التشبيه و كان أبوه وجها روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى له كتاب الجبر و الاستطاعة انتهى. و إن يتوّهم منه ذلك نظرا إلى انّ قوله روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى فى ترجمة محمّد بن جعفر يوهم إرجاع الضمير إليه سيّما بعد كونه من دأب علماء الرّجال و خصوصا بعد عود الضمير فى قوله له كتاب الجبر و الاستطاعة إليه لأن الظاهر ان هذا الكتاب للابن لا للأب و الظاهر انّ هذا الكتاب هو الذى ذكره فى «ست» حيث قال فى ترجمة محمّد بن جعفر له كتاب الرّد على أهل الاستطاعة لكن الظاهر انّ الضمير فى قوله: روى عنه عايد إلى أبوه فى قوله: و كان أبوه وجها بل هو مقطوع به عند من له تتبع بالأخبار و لذا ترى العلّامة مع ذكره هذا الكلام فى ترجمة الابن ذكره فى ترجمة الأب أيضا حيث قال جعفر بن محمّد بن عون الأسدى وجه روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى انتهى ملخّص ما نقل عنه. و ذكر الاستاد رحمه الله انّه يظهر ممّا حقّقه رحمه الله انّ ما استظهره فى المنهج حيث قال محمّد بن أبى عبداللّه المذكور فى «ست» انّ هذا هو ابن جعفر بن محمّد بن عون الأسدى فيكون ثقة غير ظاهر بل الظاهر خلافه و ان ما عن مشتركات الكاظمى من قوله فى محمّد بن أبى عبداللّه المذكور ما هذا كلامه عنه إبراهيم بن سليمان و روى عنه الكلينى و هو عن محمّد بن جعفر بن عون الأسدى انتهى غير متّجه أيضا لأنه قد جعل الكلينى راويا عنه و قد عرفت ان محمّد بن أبى عبداللّه الذى يروى عنه الكلينى هو غير الرّجل و جعله راويا عن الأسدى و قد سمعت ان الأسدى معاصر للكلينى رحمه الله و محمّد بن أبى عبداللّه المذكور متقدّم فى الطبقة عليه فيستبعد أن يكون راويا عن الأسدى المتأخر عنه و لعلّ كلمة «عن» زائدة عن النسّاخ فيكون مراده اتحاد محمّد بن أبى عبداللّه المذكور مع الأسدى كما عرفت استظهاره من المنهج و سمعت ما فيه أيضا أو كلمة «هو» زائدة فيكون المراد ان الكلينى رحمه الله روى عنه و عن محمّد بن جعفر أيضا ولكنّه بعيد إذ ليس هنا مقام ذكر من يروى الكلينى عنه و مثله إرجاع المجرور فى قوله و روى عنه الكلينى إلى إبراهيم بن سليمان إذ ليس هنا مقام بيان حالهما مع ما سمعت من استبعاد درك الكلينى لإبراهيم بن سليمان انتهى كلامه الشّريف هذا تمام الكلام فى تشخيصه.
و امّا الثانى الّذى مهّد لبيان حاله فنقول الاصحّ انّه ثقة لتصريح جماعة من الثقات من الرجال على وثاقة كما عن «جش» فى ترجمته محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدى أبوالحسين الكوفى ساكن الرّى يقال له محمّد بن أبى عبداللّه كان ثقة صحيح الحديث إلّا انّه روى عن الضّعفاء و كان يقول بالجبر و التشبيه و كان أبوه وجها انتهى و مثله عن «صه» أيضا و عن التعليقة ذكر «ق» عنه انّه من وكلاء الصّاحب عجّل اللّه فرجه و عن الشيخ تبجيله ايّاه و ترحّمه عليه و انّه مات على العدالة و لم يطعن عليه و انّ له كتابا فى الردّ على أهل الاستطاعة و عن الفاضل «ع ب» أيضا ذكر فى القسم الثقات و صرّح بوثاقته فى الخاتمه و كذا عن الميرزا رحمه الله و عن الوجيزة ثقة و كذا عن غيرهم من المتأخّرين و بالجملة انّ غير واحد من أهل الرّجال صرّحوا بوثاقته من غير إظهار للقدح بل لاتعريض و لا تلويح فى كلامهم عليه و حينئذٍ فلا عبرة بكلام بعضهم من قدحه ببعض الوجوه كما سمعت عن «جش» فانّه لايبعد أن يكون ذلك اشتباها منه كما استظهره فى المنتهى بأن حكم «جش» بما حكم توهّم من كتبه كما تشاهد فى أمثال زماننا عن رمى الفضلاء بالعقايد الفاسدة بالتوهّم و كيف كان فلو اغمضنا عن جميع ذلك ليكفينا ما حكم عن «سا» ملخّصا بأن الّذى يظهر من النصوص المرويّة فى إكمال الدّين و كتاب الغيبة للشيخ انّه من الأجلّة و نقل عن الشيخ انّه قال: و قد كان فى زمان السّفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسّفارة من الأصل منهم أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدى رحمه الله أخبرنا أبو الحسين بن أبى جيّد القمى عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن صالح بن أبى صالح قال: سألنى بعض الناس فى سنة تسعين و مائتين فنض شى ء فامتنعت من ذلك و كتبت استطلع الرأى فأنا فى الجواب بالرّى محمّد بن جعفر العربى فليدفع إليه فانّه من ثقاتنا و عنه رحمه الله انّه بعد ان ذكر حكايات اُخر أيضا تدلّ على جلالته قال و مات الأسدى على ظاهر العدالة لم يتغيّر و لم يطعن عليه فى شهر ربيع الآخر سنة اثنتى عشرة و ثلاثمائة قال رحمه اللهفى «سا» و لا يبعد أن يكون هذا الكلام يعنى قول الشيخ و مات الأسدى رحمه اللهتعريضا على «جش» حيث حكم بأنه كان يقول بالجبر و التشبيه و فيها ان قول «جش» هذا يعارضه جميع ما مرّ عن الشيخ و الترجيح له لأنّه أدلّ و أبلغ فى المدح مع ظهوره فى شدّة تعويله عليه و أيضا ظاهر الكلينى المعاصر للأسدى ان له كمال التعويل عليه حيث أكثر الرّواية عنه و ذكره مترحّما عليه و عن بعض الأعلام أنه كان من مشايخه و لو كان ممّن يقول بالجبر و التشبيه كيف لم يطلع عليه تلميذه و اطلع عليه «جش» المتأخّر عنه بكثير و قد ذكره الصّدوق رحمه الله أيضا مترضّيا و أيضا قد روى الكلينى عن الأسدى فى باب النهى عن الجسم و الصّورة روايات تدلّ على بطلان القول بالتشبيه و فى باب الجبر و القدر ما يدلّ على فسادهما فكيف ينسب إليه انّه قائل بذلك و كان نسبة «جش» ذلك إليه لما عن بعض الأعلام من انّه كان يروى أخبار الجبر و التشبيه هذا مضافا إلى ما أشرنا إليه من الحكاية الدالّة على انّ له عند مولينا الصّاحب عجلّ اللّه فرجه منزلة و جلالة و لو لم يكن له إلّا قوله عليه السلام فليدفع إليه فانه من ثقاتنا لكفاه.
اعلام تنبيهى قد سمعت كلمات الأصحاب فى ترجمة محمّد بن جعفر الأسدى و عرفت أيضا انها متطابقة فى الدلالة على وثاقته بحيث تطمئنّ به القلوب و يستغنى بملاحظة المطلوب ولكن المستفاد من بعض العبائر انّ ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله يروى فى أوّل سند الكافى من شخصين كلّ واحد منهما مشترك مع الآخر فى اسم نفسه و أبيه بأن يقال فى ترجمة كل واحد منهما محمّد بن جعفر إلا انّ محمّد بن جعفر الّذى هو أحد أشخاص مذكورين فى العدة ملقّب بالأسدى و غيره بالرزّاز فاللازم فى المقام تميز أحدهما عن الآخر نظرا إلى ثبوت الوثاقة لمن فى العدة دون غيره إذ لم يذكر فى حقّة إلّا بأنّه من مشايخ الشيعة و دلالته على أزيد من المدح محلّ تأمّل ولكن حكى عن «سا» ما يسعفنا عمّا هو محتاج إليه فى المقام حيث نقل عنه بعد تلخيص كلامه ان محمّد بن جعفر الذى فى صدر سند الكافى اثنان: أحدهما: الأسدى و هو من مرّ وثانيهما: الرزّاز و توهّم اتّحادهما فاسد لأن الأوّل يكنّى بأبى الحسين و توفّى فى سنة اثنى عشرة و ثلاثمائة و الثانى بأبى العبّاس و سيأتى انّه توفّى فى سنة عشر و ثلاثمائة و لعلّ الدّاعى لتوهّم الاتحاد عدم عنوان الرزاز فى كلام الشيخ و «جش» ولكنه لا التفات إليه بعد قيام الدّليل على التعدد مع انّ الرزّاز و إن لم يكن معنونا فى رجال «جش» لكن ذكره فى رجاله فى كثير من التراجم: منها ترجمة أحمد بن محمّد بن أبى نصر البزنطى حيث قال: له كتب منها كتاب الجامع قرأناه على أبى عبداللّه الحسين بن عبيداللّه قال: قرأته على أبى غالب أحمد بن محمّد ۴ الرزّازى قال: حدّثنى به خال أبى محمّد بن جعفر انتهى و محمّد بن جعفر هذا هو الرزّاز كما صرّح به فى تراجم اخر و يظهر من جملة من التراجم أنّه خال محمّد بن محمّد بن سليمان الرزّازى كما هو الظاهر ممّا حكى عن رسالة أبى غالب إلى ابنه أبى ظاهر فى آل اعين وجدنى امّ أبى فاطمة بنت جعفر بن محمّد إلى ان قال و اخوها أبوالعبّاس محمّد بن جعفر الرزّاز و هو أحد رواة الحديث و مشايخ الشيعة إلى أن قال و كان مولد محمّد بن جعفر سنة ستّ و ثلاثين و مأتين و مات سنة عشر و ثلاثمائة فعلى هذا الاوجه لتوّهم الاتّحاد.
إذا عرفت ذلك نقول: انّ هذا الرّجل يذكره الكلينى رحمه الله بالاسم و الكنية و اللقب جميعا كما فى باب تفسير طلاق السنة و العدة حيث قال أبو على الأشعرى عن محمّد بن عبد الجبّار و محمّد بن جعفر أبوالعباس الرزّاز عن أيّوب بن نوح و تارة يذكره بأحدها أو باثنين منها و الاحتمالات العقليّة بملاحظة الاقتصار على كلّ من الثلاثة و التركيب الثنائى و الثلاثى سبعة و قد وجدنا كلها فى كلامه رحمه الله إلّا الاقتصار بالكنية فقط فما يرويه عن محمّد بن جعفر إن كان مقرونا بأبى العباس و الرّزاد أو الأسدى فلا اشتباه و إن كان مطلقا فإن كانت الراوية عن محمّد بن عبدالحميد أو عن أيّوب بن نوح و محمّد بن عيسى أو محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب أو عبداللّه بن محمّد خالد بن عمر الطّيالسى أو محمّد بن خالد المذكور أو يحيى بن زكريا اللّؤلؤى أو محمّد بن يحيى بن عمران فالظاهر انّه الرزاز و إن كانت الرّواية عن محمّد بن إسماعيل البرمكى أو محمّد بن إسماعيل فقط أو البرمكى كذلك فهو الأسدى و إن كان الغالب إذا كانت الرّواية من الأسدى يذكر أباه بالكنية هكذا محمّد بن أبى عبداللّه و لا يبعد أن يكون الوجه فيه رفع الإشتباه انتهى ملخّص كلامه رحمه الله. ذكر الاستاد سلّمه اللّه فى وجه قوله رحمه الله: فالظاهر انّه الرزّاز ان ما اشير إليه من الترجم المحكيّة عن «جش» و من الرّوايات التى رواها الكلينى عن محمّد بن جعفر ظاهرة فى انّ الراوى عن الجماعة المذكورين هو الرزّاز و امّا انّ الرّاوى عن البرمكى هو الأسدى فقد ظهر ممّا بيّناه أوّلاً فى تحقيق انّ محمّد بن عبداللّه هو الأسدى.
و أمّا الثالث من أشخاص العدّة و هو محمّد بن الحسن فالكلام فيه يقع تارة فى تعينه و اُخرى فى بيان حاله:
أمّا الأوّل: فالمحكى عن المنهج استظهار انّه الصفّار و جزم الاستاد سلّمه اللّه بأنه كذلك معلّلاً بكونه فى طبقة الكلينى و قد مات كما فى ترجمته فى سنة تسعين و مائتين و قد عمّر الكلينى بعده بتسع أو ثمان و ثلاثين سنة و الصريح بالوصف فى بعض روايات الكلينى عنه بواسطة العطار منقول أيضا و ان قال رحمه الله فى «سا» انّ رواية الكلينى عن محمّد بن الحسن فى أوّل السند أكثر من أن يحصى من غير تقييد فى شى ء من المواضع ولكن المحكى عنه انّه رحمه الله جعل عدم تقييده فى موضع قرينة على انّه... امّا الصفّار أو غيره كمحمد بن الحسن البرنانى و نحوه ممّن فى طبقته لكن استبعد ان يقتصر الكلينى على الثانى مع مجهولته و لم يرو عن الصفّار الذى هو من أعاظم المحدثين و كتبه معروفة مثل بصائر الدرجات و نحوه ثم نقل عنه ما هو كالبرهان على تعيين الصفّار و تميزه حيث قال رحمه الله انّه قد أكثر الكلينى رحمه اللهفى الرواية عن محمّد بن الحسن و علىّ بن محمّد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق و منه ما فى باب قلّة عدد المؤمنين من الاصول حيث قال محمّد بن الحسن و علىّ بن محمّد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق و منه فى باب الخضاب من كتاب الزىّ و التجمّل و منه فى باب النبيذ من كتاب الأشربة و إبراهيم بن إسحاق الأحمر كما صرّح به فى كثير من المواضع و فى «ست» فى ترجمته إبراهيم هذا انّ محمّد بن الحسن الصفّار يروى عنه و أيضا فى «جخ» انّ محمّد بن الحسن بن الوليد يروى عن الصفّار و إذا كان هو راويا عن الصفّار مع انّ وفاته كما فى «جش» بعد وفاة الكلينى أربعة عشرة سنة فرواية الكلينى عنه أولى انتهى كلامه اعلى اللّه مقامه.
و امّا الثانى: فالظاهر بل الأصحّ انّه ثقة لتصريح جماعة بوثاقته أو بما يكون أمارة لها فعن «جش» و «صه» انّ محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار كان وجها فى أصحابنا القمّيين ثقة عظيم القدر راجحا قليل السقط فى الرواية و عن «ست» محمّد بن الحسن الصفّار قمّى له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد و زيادة كتاب بصائر الدرجات و غيره و له مسائل كتب بها إلى أبى محمّد الحسن بن على عليه السلام أخبرنا بجميع رواياته ابن أبى جيد عن محمّد بن الحسن بن الوليد عنه وعن المشتركات ابن الحسن الصفّار الثقه عنه محمّد بن الحسن بن الوليد و أحمد بن محمّد بن يحيى عن أبيه عنه.
و امّا الرّابع من أشخاص العدّة: و هو محمّد بن عقيل الكلينى فالظاهر انّه غير معنون فى الرّجال و ذكر الاستاد سلّمه اللّه انّه لم يقف له على ما ذكر فيما عنده من كتب الرّجال و على هذا فلا يمكن التكلّم فيه من جهة المدح و القدح نعم يمكن ان يجعل اعتماد ثقة الإسلام الكلينى رحمه اللهعلى خبره و الرّواية عنه و جعله من العدّة من أمارات المدح كما مرّ نظير ذلك على انّه لو أغمضنا عن ذلك ليكفينا فى تصحيح العدة المذكورة وجود علىّ بن محمّد بن علّان أو محمّد بن جعفر الأسدى أو محمّد بن الحسن الصفّار كلّ واحد منهم فى العدة على الانفراد فضلاً عن اجتماعهم و وجودهم فيها على الاجتماع.
اعلام تنبيهى لايذهب عليك انّ رواية ثقة الإسلام كلينى رحمه الله بواسطة العدة لا ينحصر فى الأشخاص الثلاثة المذكورين و هم أحمد بن محمد بن عيسى و أحمد بن محمّد بن خالد و سهل بن زياد بل يروى بالعدّة المزبورة عن غير الأشخاص المذكورة أيضا بل قد يروى رحمه الله عن العدّة فى غير أوّل السّند و قد تمّ يعبّر بالجماعة دون العدّة و أيضا ان ذلك لا يختصّ بالكلينى رحمه الله بل الشيخ أيضا قد يروى فى صدر السند و بعده أيضا عن العدّة فلابدّ لتميز الجماعة التى يروى عنهم الكلينى رحمه اللهو العدّة التى يروى عنهم الشيخ من ملاحظة امورات خارجة و شواهد لايحة حتى تدلّ على الصّحة.
المقام الثانى: فى بيان أحوال الأشخاص الثلاثة الذين قد مرّ انّ الكلينى يروى عنهم بواسطة العدّة كأحمد بن عبداللّه بن عيسى الأشعرى القمى و أحمد بن محمّد بن خالد البرقى و سهل بن زياد و تذكرهم فى مطالب الأوّل، فى الأوّل منهم و هو أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعرى المكنّى بأبى جعفر و قد تشتّت كلمات الأصحاب فيه فيظهر من بعضهم التوثيق له و إن لم يصرّح به فى كلامه و من آخر التصريح به و من ثالث القدح فيه فاللازم علينا البحث و الفحص فى بيان حاله بما ذكروا فى ترجمته من المدح و القدح فعن «جش» انّه شيخ القميين و وجههم و فقيههم غير مدافع و كان أيضا الرئيس الّذى يلقى السّلطان و لقى الرّضا عليه السلام و له كتب و لقى أبا جعفر الثانى و أبا الحسن العسكرى و عن «ست» و «صه» مثله إلّا انّ فى الأوّل لقى أبا الحسن الرّضا عليه السلام و صنّف كتبا و لم يذكر الآخرين و فيها شيخ قم و وجهها و فقيهها و عن «جخ» فى «ضا» انّه ثقة و جعل الاستاد سلّمه اللّه وثاقة هذا الرّجل و جلالة قدره ممّا لا ينبغى التّأمّل فيه نقله ذلك عن «سا» أيضا و ذكر أيضا بعد ذلك بأن ما مرّ عن «جش» و إن كان ظاهرا فى جلالته و وثاقته إلّا انّ عدم تصريحه بالتوثيق ربّما يشعر بتأمّله فيه و لعلّه لبعض ما تسمع من الاُمور الدالّة على قدحه بل ما عنه فى ترجمة على بن محمّد بن شيرة القاسانى حيث قال علىّ بن محمّد كان فقيها مكثرا من الحديث فاضلاً غمر عليه أحمد بن محمّد بن عيسى و ذكر انّه سمع منه مذاهب منكرة و ليس فى كتبه ما يدلّ عليه انتهى يشعر بتكذيبه و الطعن عليه بأن غمره على علىّ بن محمّد و إسناد المذاهب المنكرة إليه ليس فى موقعه انتهى و بالجملة انّ ملاحظة ما مرّ من الكلمات و إن امكن استفادة التوثيق منها بل بعضها صريحة فى ذلك إلّا ان ما ذكر فى قدحه يعوق عمّا مرّ من الكلمات و يبعد استفادة ذلك منها و قد ذكروا فى قدحه اُمور:
الأوّل: ما مرّ من استناد المذاهب المنكرة و الآراء الفاسدة إليه.
الثّانى: الخبر المحكى عن إرشاد المفيد الّذى رواه الكلينى فى باب الاشارة و النصّ على أبى الحسن الثالث لكن بتغيير غير مغير للمرام حيث قال الحسن بن محمّد عن الخيرانى عن أبيه انّه قال كان يلزم باب أبى جعفر للخدمة التى كان وكّل بها و كان أحمد بن محمّد بن عيسى يجى ء فى السّحر فى كلّ ليلة ليعرف خبر علّة أبى جعفر عليه السلام و كان الرسول الّذى يختلف بين أبى جعفر عليه السلام و بين أبى إذا حضر قام أحمد و خلّى به أبى فخرج ذات ليلة و قام أحمد عن المجلس و خلّى أبى بالرّسول و استدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام فقال الرّسول لأبى: انّ مولاك يقرأ عليك السّلام و يقول لك انّى ماض و الأمر صائر إلى ابنى على و له عليكم بعدى ما كان بى عليكم بعد أبى ثم مضى الرّسول و رجع أحمد إلى موضعه و قال لأبى: ما الّذى قد قال لك قال: خبرا قال: قد سمعت ما قال فلم تكتمه و أعاد ما سمع فقال له أبى: قد حرّم اللّه عليك ما فعلت لأنّ اللّه تعالى يقول: «و «وَ لَا تَجَسَّسُوا»۵ فاحفظ الشّهادة لعلّنا نحتاج اليها يوما ما و ايّاك أن تظهرها إلى وقتها فلمّا أصبح أبى كتب نسخة الرّسالة فى عشر رقاع و ختمها و دفعها إلى عشرة من وجوه العصابة و قال ان حدث بى حدث الموت قبل ان اطالبكم بها فامتحوها و اعملوا بما فيها فلمّا مضى أبو جعفر عليه السلام ذكر أبى انّه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان و اجتمع رؤساء العصابة عند محمّد بن الفرج يتفارضون هذا الأمر فكتب محمّد بن الفرج إلى أبى يعلمه باجتماعهم عنده و انّه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه و يسأله أن يأتيه فركب أبى فصار إليه فوجد القوم مجتمعين عنده فقالوا لأبى: ما تقول فى هذا الأمر؟ فقال أبى لمن عنده الرّقاع: احضروا الرقاع فاحضروها فقال لهم: هذا امرت به فقال بعضهم قد كنّا نحبّ أن يكون معك فى هذا الأمر يشاهد آخر فقال لهم قد اتاكم اللّه تعالى به هذا أبوجعفر الأشعرى يشهد لى بسماع هذه الرّسالة و سأله أن يشهد بما عنده فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبى إلى المباهلة فقال لما حقق عليه قال: قد سمعت ذلك و فى هذه مكرمة كنت اُحبّ أن يكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم فلم يبرح القوم حتّى قالوا بالحقّ جميعا الحديث. و هذا الخبر إن كان صحيحا لكفى فى قدحه وحده لما فيه من وجوه الطعن و أمارات القدح مع ما قيل من انّه إمّا صحيح أو حسن كالصحيح و عن «سا» فى حاشيته الحسين هذا هو الحسين بن محمّد بن عمران بن أبى بكر الأشعرى الّذى وثّقه «جش» و غيره لتصريحه بذلك فى الكافى فى أوّل باب أنّ الأئمة عليهم السلام هم ولاة الأمر و لتصريح «جش» فى ترجمة الحسين المذكور بأنّ له كتابا عنه محمّد بن يعقوب و أمّا الخيرانى فهو الذى وثّقه فى «جخ» و «صه» و جلالته غير خفيّة و أمّا أبوه فالّذى يظهر من هذا الحديث الذى رواه ابنه الثقه انّه من صاحب أسرار الأئمة عليهم السلام و انّه ممّن عليه نهاية التعويل و بالجملة فبعد وثاقة الرواة لا معنى لمنع صحيّته فالحديث إمّا صحيح أو حسن مثله مضافا إلى ما قيل من أنّ كثيرا من الاُمور المذكورة فيه حكاة الخيرانى فعدم معلوميّة والده لو سلم غير مضر فيكون صحيحا من غير اشكال.
الثالث: ما ذكروه فى ترجمة أحمد بن محمّد بن خالد الّذى كان يكثر عن الضّعفاء و يعتمد المراسيل من أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى أبعده عن قم ثم أعاد إليها و اعتذر إليه و لمّا توفّى مشى أحمد بن محمّد بن عيسى فى جنازته حافيا حاسرا ليبرأ نفسه ممّا قذفه به حيث أنّ إعادته إلى قم و اعتذاره عنه و تبرأته نفسه ممّا قذفه به تشعر بأن ما فعله أوّلاً من إخراجه عن قم و قذفه بما قذفه به لم يكن على وجه البصيرة و عن خلوص النيّة و إلّا لما افتقر إلى تداركه و يؤيّد ذلك ما نقل عن «كش» من انّه حكى عن الفضل بن شاذان انّه قال: كان أحمد بن محمّد بن عيسى تاب و استغفر اللّه من وقيعته فى يونس لرؤيا رآها فإن وقيعته فى يونس لكان عن بصيرة و عن نبيّة لم يرجع عنها بمجرّد رؤيا لا حجيّة فيها.
واُجيب عن الوجوه المذكورة:
إمّا عن الأوّل فبان غاية كلام «جش» انّ المذاهب المنكرة غير مذكورة فى كتاب علىّ بن محمّد و هو لا ينافى سماع أحمد تلك المذاهب من لسانه مع احتمال أن يكون مراد «جش» لخطئة أحمد فى اجتهاده حيث ظنّ تلك المذاهب منكرة أو فى الوثوق بقول مدّعى السّماع ان قرا اسمع بصيغة المجهول و كيف كان فلا ظهور لكلامه هذا فى الطعن و التكذيب غاية الأمر انّه محتمل لذلك و الاحتمال لا يعارض ما مرّ فى أوّل كلامه الذى هو صريح فى مدحه و جلالته. أقول: إنّ القدح المزبور لعلّه لاروح له إذ إسناد المذاهب الفاسدة و الآراء الباطلة إليه لا يدلّ بمجرّده على كون ذلك افتراء منه إليه حتى يقتضى إليه قد حافيه للافتراء بل له احتمالات و محامل لايمكن أن يحصى مضافا إلى ما وصل الينا من حمل فعل المسلم و قوله على الصحّة.
و أمّا عن الثانى فباحتمال أن لا يكون مقصوده استماع الكلام أوّلاً لكن لما لاح له بالقرائن انّه أخبار بمماته عليه السلام و النصّ على الامام بعده وجب عليه الإصغاء ليتّضح عليه امام الّذى بعده و لعلّه يؤمى إليه كلام والد الخيرانى حيث قال: قد آتاكم اللّه تعالى به إذ المعصية ليست ممّا آتاه اللّه تعالى و أمّا كتمانه الشهادة أوّلاً فلعلّه لإرادة أن يكون شهادته أبعد عن التهمة إذ لا شبهة انّ الشهادة بعد كتمانها أولاً ثم إظهارها بعد رجوع الأمر إلى المباهلة فى نظر النّاس تكون أبلغ فى القبول من الشهادة فى بدو الأمر و لا ينافيه الداعى الذى ذكره للكتمان لاحتمال كونه لما ذكر و ممّا يؤمى إلى كمال التعويل عليه انّه ما اقام الشهادة اطمأنّوا جميعا و زال عنهم الشّك كما يظهر من قوله فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحقّ جميعا هكذا نقل عن «سا».
أقول: فى كلامه الشريّف محلّ نظر من وجوه:
الأولى: ان استماعه الكلام من غير داعية إلى الاستماع و قصد إليه بعيد جدّا مع ما عرفت من انّ الرّسول قد حدثه على نحو النّجوى بحيث لا يرضيان فى بروز هذا الحديث و اطّلاع النّاس به و مقتضى ذلك لزوم الاحتياط فى أمر الأخبار حتّى كأنه لم يخرج من فضاء فمه شى ء كالهمس ومع ذلك فكيف يسمع من لم يمض فى طيف خياله ذلك.
الثّانى: إنّ قوله رحمه اللهو لعلّه يومى إليه كلام والد الخيرانى الخ، فرية بيّنة إذ لا ايماء فى ذلك الكلام إلى هذا المرام و التعليل بأنّ المعصية ليست ممّا آتاه اللّه تعالى الخ، عليل إذ المراد من قوله: قد آتاكم اللّه تعالى به انّه قد آتاكم اللّه بأحمد بن محمد بن عيسى حيث جعله شاهدا و إن كان تحمله للشهادة حراما لا ما ذكره رحمه الله.
الثالث: انّ كتمان الشهادة أوّلاً لا يمكن أن يكون لأجل ما ذكره من رفع التهمة عن نفسه فإنّه لو كان كذلك لما كان اللّايق أن يماطل الشهادة إلى أن وَصَل إلى كيت كيت و الخبر الأمر إلى المباهلة مع ما نيافى هذا التوجيه ما ذكره أخيرا من الدّاعية إلى كتمان الشهادة و لا يمكن إلى جعل ذلك مؤيّد التوجيه المزبور بل منافاته له ظاهرة.
الرّابع: ان قوله و ممّا يؤمى إلى كمال التعويل عليه الخ، ليس على ما ينبغى إذ الاطمينان انما حَصَلَ من القرائن الخارجة بل من حاله حيث أنكر الشهادة أوّلاً و لا يمكنه إتمام ما قصده من كتمان أمر الشهادة و إبراز ما فى ضميره من الدّاعى المزبور و يحصل من جميع ذلك صدق مقاله لا لأنّه لما فعل ذلك لأجل توفير الاذعان صار الإقرار بعد ذلك اقبل بل لأجل اكذابه بالبرهان من المباهلة و نحوها و بالجملة ان الاعتراف بالقدح أخف من ارتكاب الاعتذار نعم الذى يمكن أن يطمئن به من جهة وثاقته هو عدم قدح أهل الرّجال له صريحا مع ما عرفت من توثيق بعض أهل الرجال له صريحا فالأحسن فى الذب عن هذا الوجه ما عن التعليقة من انّ الظاهر عدم تأمّل المشايخ فى علوّ شأنه و وثاقته و ديدنهم الاستناد إلى قوله و الاعتذار به و لعلّه كان زلّة صدق فتاب أو يكون له وجه صحيح مخفىّ علينا و سيجى ء فى الحسن بن سعيد ما يظهر منه اعتماد ابن نوح بل اعتماد الكلّ عليه انتهى.
و امّا عن الثّالث فيمكن الجواب عنه بأن تجدّد الرّأى فى الموضوعات كالأحكام غير عزيز فلعلّه باجتهاده اعتقد أولاً ان إكثار أحمد بن محمّد بن خالد عن الضّعفاء و اعتماده على المراسيل يوجب وهنا فى الشريعة و إشاعة للأخبار الغير الثابتة بل الكاذبة فاعتقد لذلك انّ المستحسن بل الواجب إبعاده عن قم ليحترز النّاس عنه و لا يقعوا فى المفسدة ثم تبيّن له بعد زيادة اطّلاع على حاله انّ رواياته عن الضّعفاء ليست توجب مفسدة و انها ليست مشتملة على أمر منكر و انّه كان مطمئنّا بها واثقا بصدورها ولو بالقرائن و إن عمله بالمراسيل أيضا كان لذلك و اعتذاره بعد ذلك و تبرئته نفسه لا يدلّ على ان ما فعله أوّلاً لم يكن عن خلوص بل يكفى فى خمس الاعتذار ظهور إن ما فعله أوّلاً كان خطاء فى الواقع و إن كان جائزا بل واجبا عليه فى الظاهر و منه يظهر ضعف التأييد أيضا فإن وقيعته فى يونس ربما كانت واجبة عليه باعتقاده ورجوعه عنها بمجرّد رويّة لاحجيّة فيها غير مسلّم و لعلّه صار قاطعا من رؤيته أو من اُمور منها الروية على خلاف ما اعتقده أوّلاً فرجع لذلك.
أقول: يمكن التمسّك به على كثرة و زهده و ورعه حيث انّه لم يصدر منه خطيئة بل ترك اولى و مع ذلك تاب إلى اللّه توبة نصوحا و استغفر اللّه عمّا فعله بمجرّد روية ذلك فى المنام كما هو شأن الزهّاد الّذى صار الزهد و الورع شعارا لهم بل صار ذلك جبلته لم كما هو المشاهد منهم فى عصرنا أيضا. ثمّ انّ هيهنا اُمورا ينبغى التنبيه عليها:
الأوّل: انّه نقل عن العلّامة رحمه اللهفى مسئلة وجوب الخمس فى أرض الذمّى إذا اشتراها من مسلم قال لنا ما رواه أبوعبيدة الحذّاء فى الموثق قال سمعت أبا جعفر عليه السلام : ربما ذمىّ اشترى من مسلم أرضا فإنّ عليه الخمس و مثله فى الرّوضة حيث قال و رواه أبوعبيدة الحذاء فى الموثق عن الباقر عليه السلام و عن «سا» انّه ورد عليهما بأنّ الحكم بموثقيّة هذا الخبر غير صحيح لأن الشيخ رحمه الله رواه فى باب الخمس و الغنائم من التهذيب بإسناده عن سعد بن عبداللّه عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن أبى أيّوب إبراهيم بن عثمان عن أبى عبيدة الحذاء و رجال هذا السّند كلّهم إماميّون ثقات و لا يمكن القدح فيهم إلّا من جهة أحمد بن محمّد بن عيسى و قد عرفت حاله و لو سلم كونه مقدوحا كان الخبر ضعيفا لا موثّقا.
الثانى: عن «كش» قال نصر بن الصياح أحمد بن محمّد بن عيسى لا يروى عن ابن محبوب من أجل ان أصحابنا يتّهمون ابن محبوب فى روايته عن ابن أبى حمزه ثم مات أحمد بن محمّد فرجع قبل ما مات و كان يروى عمّن كان أصغر سنّا منه انتهى. و عن التعليقه لعلّ لسبب التهمة ان وفاة ابن أبى حمزه كانت سنة خمسين و مائة و بملاحظة سنّ الحسن يظهر ان تولّد الحسن كان قبل وفاته بسنة و ربما يظهره من ترجمة أحمد ابن تهمته لرواية عنه فى صغر سنّه و على تقدير صحّة التواريخ ظاهر انّ روايته عن كتابه و هذا ليس بفسق و لا منشأ للتهمة بل لايجوز الاتّهام بأمثاله سيّما مثل الحسن الثقة الجليل و كذا الحال فى الأخذ فى صغر السّن و لذلك ندم أحمد و تاب على انّ الظاهر من أحوال أكثر مشايخ الرّواية من الكتاب ورود النصّ بذلك عن الائمّة عليهم السلام انتهى كلامه و هو حسن غاية الحسن.
الثالث: عن «كش» أيضا انّ أحمد بن محمّد بن عيسى ما روى قط عن ابن المغيره و لا عن الحسن بن خرزاد و أورد عليه بأن عدم رواية أحمد عن عبداللّه بن المغيرة ان كان لانّه لا يروى عمّن فيه طعن و لذا أخرج البرقى عن قم ففيه انّ ابن المغيرة من الأجلّة الثقات و إن كان لعدم مساعدة الطبقة ففيه منع أيضا لأنه من أصحاب الكاظم والرضا عليهماالسلام و قد مرّ ان ابن عيسى كان من أصحاب الرضا عليه السلام أيضا على انّ روايته عن ابن المغيرة موجودة فى التهذيب فى باب انّ النوم ناقض للوضوء و كذا فى باب العمل فى ليلة الجمعة و يومها و يمكن أن يكون مراد من ابن المغيرة عبداللّه بن المغيرة الخزّاز الكوفى لكونه مع ابن المغيرة المعروف على طبقة و الوجه فى عدم رواية ابن عيسى عنه كونه مهملاً مجهول الحال ولكن يبعده ان الإطلاق لا ينصرف إليه و أمّا الحسن بن خرزاذ بالمعجمة المضمومة و الراء المشدّدة و الزّاء و الذال المعجمة بعد الألف كما عن «ست» فعن «جخ» عدّه فى «دى» و عن «صه» و «جش» انّه قمّى كثير الحديث قالا و قيل انّه غلا فى آخر عمره و فى «تع» الظاهر انّ عدم رواية أحمد عنه من حكاية الغلو الذى نسب إليه قال و فيه ما فيه سيّما كونه آخر العمر و قد روى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى و لم يستثن من رجاله ففيه شهادة على الاعتماد به بل على وثاقته.
تتمّة و بعد ما عرفت من حال أحمد بن محمّد بن عيسى فلنشرع إلى حال أبيه لكونه أيضا من رواة الأخبار و نقله الا فار عن أئمتنا الأخيار فعن «صه» انّ محمّد بن عيسى بن عبداللّه بن سعيد بن مالك الأشعرى أبو على شيخ القميين ووجه الأشاعرة مقدّم عند السلطان و دخل على الرّضا عليه السلام و سمع منه و روى عن أبى جعفر جواد الثانى عليه السلام و عن «جش» مثله مع قوله: له كتاب الحظ روى عنه أبيه أحمد قيل لم يوثقه أصحاب الرجال و كونه شيخ القميين و وجه الأشاعرة لا يفيد التوثيق و ذكر الاستاد سلّمه اللّه بأنّه ان سلم عدم افادته التوثيق كفى فى توثيقه ما من الشهيد الثانى من انّه فى باب الأطعمة و الأشربة من لك في بحث البهيمة الموطوئة جزم بتوثيقه و عن «تع» و جزم به بعض مشايخنا و المعاصر دام فضله فى الوجيزة و ليس بذلك البعيد انتهى ممنا إلى ما عن العلامة من صحيح غيره و عدّه فى «صه» عن القسم الأوّل و بالجملة انّ هذا القدر كان فى توثيقة فلا وجه لمنعه كما سمعه من بعضهم.
المطلب الثانى فى الثانى منهم و هو أحمد بن محمّد بن خالد البرقى و الكلام فيه يقع من جهتين:
الاوُلى انّه لا إشكال على الظاهر فى كونه عن أصحاب مولينا الجواد و الهادى عليهماالسلامو لذا نقل عن الشيخ إيراده من أصحابهما عليهماالسلام و امّا كونه من أصحاب الرضا عليه السلام فيظهر من البعض الاستبعاد فى ذلك مع انّه روى عنه عليه السلام أيضا كما فى كافى فى باب ما عند الأئمة من سلاح رسول اللّه صلى الله عليه و آله و عن «سا» انّه نفى الاستبعاد فى روايته عنه عليه السلام معللاً بأنّ روايته عن والده أكثر من أن يحصى و قد عدّه الشيخ رحمه الله فى أصحاب الكاظم و الرضا والجواد عليهم السلام و لأن أحمد هذا مات فى حياة أحمد بن محمد بن عيسى كما ظهروا مرّ انّه مشى فى جنازته خافيا و قد عدّ الشيخ رحمه اللهفى «ضا» أيضا و غاية ما يمكن ان يقال ان أحمد بن محمّد بن خالد مات سنة ثمانين ومائتين على ما حكاه «جش» عن على بن محمد بن ماجيلويه و هو يكون بعد وفاة مولانا العسكرى عليه السلام بعشرين سنة و هذا ينافى روايته عن مولينا الرضا عليه السلام و فيه أوّلاً ان أحمد بن محمد بن عيسى مات بعد أحمد البرقى كما مرّ مع أنّه كان من أصحاب الرضا عليه السلام فكما انّه لا منافات هنا فكذا هناك بل اولى و ثانيا ان شهادة مولينا الرضا عليه السلام فى سنة ثلاث و مأتين وبينها و بين وفاة البرقى سبع و سبعون سنة فلو فرض انّ عمره وقت شهادته عليه السلام ستة عشرة سنة تكون مدّة عمره ثلاث و تسعين سنة و لا استحالة فى ذلك و قد مرّ انّ وفاة ابن عيسى كان بعد البرقى مع أنه كان من أصحاب الرضا عليه السلام و بالجملة انّه بعد ملاحظة تلك الاُمور لا يبعد جعله من أصحاب الرّضا عليه السلام كما عليه جماعة ولكن قد وجد روايته عن مولينا الصادق عليه السلام أيضا كما حكى وجودها فى المجلس الثامن و الثمانين من مجالس الصّدوق فهل له وجه صحة أم لا والظاهر انّها غير صحيحة بل قطع الاستاد سلّمه اللّه بذلك و جعل ما مرسلته نظرا إلى ان روايته عن مولينا الكاظم عليه السلام أيضا غير ثابته و قد سمعت انّه مات بعد وفاة العسكرى عليه السلام بعشرين سنة فقد أدرك بعض ايّام إمامة مولينا الرّضا عليه السلام و ايّام موالينا الجواد و الهادى و العسكرى عليهم السلام و عشرين سنة من الغيبة الصّغرى لكن روايته عن العسكرى غير معلومة.
الجهة الثّانية ان الظاهر القريب إلى القطع بل المقطوع انّه ثقة لتصريح غير واحد منهم بوثاقته كما عن «جش» و «ست» و «صه» و غيرهم ممّن تأخر عنهم كما عن ابن داود و الشهيد الثانى فى شرح الدراية عند البحث عن المتفق و المفترق و شيخنا البهائى فى مشرق الشمسين و العلّامة المجلسى فى الوجيزة و السيّد فى «سا» و قد صحّح فى آخرها طريق الصّدوق إلى جماعة و هو فيه كطريقه إلى إسماعيل بن رباح و الحرث بن المغيره و حفص بن غياث و حكم بن حكيم و هذا القدر كاف فى توثيقه ولكن ذكر بعضهم له قدحا بأنه يروى عن الضّعفاء أو أكثر الرّواية عن الضعفاء و اعتمد المراسيل و هو فى الحقيقة ليس قدحا فيه كما عن «غض» حيث ذكر بعد القول بأنه طعن عليه القميّون انّه ليس الطعن فيه انما الطعن فيمن يروى عنه فانّه كان لا يبالى عمّن يأخذ على طريقة أهل الاخبار و كان أحمد بن محمّد بن عيسى أبعده من قم ثم أعاده إليها و اعتذر إليه و وجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمّد بن عيسى و أحمد بن محمّد بن خالد لما توفّى مشى أحمد بن محمّد بن عيسى فى جنازته خافيا حاسرا يتبرء نفسه عمّا قذقه به انتهى.
أقول: و فى ذلك شهادة صادقة لصدقه و دليل متقن على وثاقته ان إتيان أحمد بن محمد بن عيسى هذه الأعمال و فعله هذه الأفعال ليس إلّا انّه نسب إليه بشى ء و هُو برئ عنه و قد علم خطاء نفسه بعد ذلك و عن «د» انّه ذكره فى القسم الثانى مع انّه صرّح فى القسم الأوّل بتوثيقه و اعتذر نفسه عن ذلك بأن ذكره فى الضعفاء الطعن ابن الغضايرى فيه و قد عرفت ما فيه من انّ ابن الغضايرى لم يطعن فيه بل تفى ادفعن عنه و ردّ ذلك و جعل ذلك طعنا لمن يروى هو عنه كما عرفت من العبارة المنقولة عنه و ما عن غير موضع «لف» من انّ فيه قولاً بالقدح و جَعَلَ ذلك طعنا فى الرّواية و كذا ما عن المسالك فى بحث إرث نكاح المنقطع من انّه طعن فى صحيحة سعد باشتمالها على البرقى إلى أن قال و ابنه أحمد فقد طعن عليه كما طعن على أبيه فليس فى محلّه إذ القدح المدّعى ليس زيادة عمّا قيل فى حقّه من انّه يروى عن الضعفاء و يعتمد على المراسيل و قد عرفت انّه ليس قدحا فيه كما مرّ عن ابن الغضايرى أيضا و من أنّه أخرج عن قم و قد عرفت انّه أيضا لا يوجب قدحا فيه بل عن «تع» عن جدّه لو جعل هذا اى إخراج أحمد بن محمّد بن عيسى ايّاه قدحا فى ابن عيسى كان أظهر لكن كان ورعا فتلافى ما وقع منه بل عن «تع» انّه تنظر فيما ذكره «لف» و «نك» وعدّ وجهه ظاهرا بملاحظة ما ذكر فى الفوائد و قال: و بالجملة التوثيق ثابت من العدول و القدح غير معلوم بل و لا ظاهر غاية ما ثبت الطعن فى طريقته و غير خفىّ انّ هذا قدح بالنسبة إلى رويّته بعض القدماء و ممّا يؤيّد التوثيق و يضعف الطعن رواية محمّد بن أحمد عنه كثير أو لم يستثن القميّون روايته مع انّهم استثنوا ما استثنوه و كذا إعادته إلى قم و الاعتذار عنه و ممّا يؤيده أيضا تلقى الأعاظم كتابه المحاسن بالقبول و إكثار المعتمدين من الرّواة عنه انتهى. وقد يذكر له قدح آخر أيضا و هو انّ الكلينى رحمه اللهروى حديثا فى باب ما جاء فى الاثنى عشر عليهم السلام ثم قال: و ثنى محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن الصفّار عن أحمد بن أبى عبداللّه عن أبى هاشم مثله قال محمّد بن يحيى فقلت لمحمّد بن الحسن يا أبا جعفر وددت انّ هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبى عبداللّه قال فقال لقد حدّثنى قبل الحيرة بعشر سنين انتهى و عن المنهج بعد نقله هذا لا يخفى انّ هذا يقتضى أن يكون فى قلب محمّد بن يحيى شى ء من أحمد بن أبى عبداللّه و عن الوافى المستفاد منه انّه تحيّر فى أمر دينه طائفة من عمره و انّ أخباره فى تلك المدّة ليست بنقيّة.
أقول فى جواب محمّد بن الحسن لقد حدّثنى قبل الحيرة بعشرة سنين قبل ان يسئلنّه عن وجه ما قاله دلالة قوية على معروفيّة حاله بما لا يرضى النّاس الرواية عنه ولكن ذكروا فى الذب عنه وجُوها و قصدوا اندفاع القدح عنه باحتمالات أكثرها مدفوعة بأن الظاهر خلافها مثل ان قالوا بأن ما ذكر ليس ظاهرا فى أن تحيره كان تحيّرا قادحا فى عدالته بل ربما كان تحيّره بالقياس إلى مثل التفويض و الارتفاع و التعدّى عن القدر الّذى لا يجوز التعدى عنه عند محمّد بن يحيى و محمّد الصفّار و غيرهما من أهل قم و عن «تع» ناقلاً عن جدّه بأنه قال يمكن أن يكون تحيره فى نقل الاخبار المرسلة أو الضعيفة أو للإخراج عن قم و أن يكون المراد تحير الناس فى أمره باعتبار إخراج أحمد إياه و احتمل أيضا أن يكون بهته و خرافته فى آخر سنّه و قيل معناه قبل الغيبة أو فوت العسكرى عليه السلام و لعلّه راجع إلى ما قد يقال من انّ قوله قبل الحيرة لا يدلّ على تحيّر أحمد بل جاز أن يكون زمان الحيرة المعروف الذى تحيّرت فيه أقوام كما يفهم من الأحاديث و عن «سا» انّه اختار هذا الوجه من بين الوجوه المزبورة حيث قال و التحقيق انّ المراد من الحيرة هو تحيّر الناس فى أمر الإمامة و ذلك وقت قبض مولينا العسكرى عليه السلام كما كانت العادة كذلك بعد كلّ امام و قال رحمه الله: إن حمل الحيرة على التحيّر فى المذهب غير صحيح لوضوح ان الحديث المذكور و غيره ممّا اشتمل على إمامة الأئمة الاثنى عشر ممّا يكون الراوى فيه أحمد بن محمّد بن خالد صريح فى خلافه ذكر الاستاد رحمه الله هذا التعليل غير مستقيم و اما التحيّر فى نظرى القاصر كما ان ما ذكره رحمه اللهبعده حيث قال ان قيل انّ المنافى رواية أمثال ذلك حال التحيّر الحادث بعده فلا قلنا يظهر من التحيّر الحادث بعد الرواية ان الرواية الصّادرة منه قبل لم تكن مقرونته بالصّواب و الصحّة فلم يمكن الجواب بكون الرواية قبل الحيرة حاسما للأشكال انتهى لم افهم استقامته أيضا انتهى. و بالجملة لو سلّمنا ما مرّ من القدح فلا يضرّ بوثاقته لما مرّ من تصريح جماعة بوثاقته و إكثار كثير منهم الكلينى رحمه الله من الرواية عنه.
تذييل:
البرقى كما عن «صه» انّه منسوب إلى برقة قم و مثله عن ظاهر «ست» و القاموس أيضا و عن «جش» فى ترجمة والده هكذا ينسب إلى برق رود قرية من سواد قم على واد هناك و عن المنتهى الذى وقّفنا عليه من نسخ «جش» ينسب إلى برق رود بالقاف و الدالّ المهملة لكن فى «جخ» جعله برفروذ بالفاء و الذال المعجمة.
و إذا عرفت حال أحمد بذكر ما قيل فيه مدحا و قدحا فلا بأس أن نشير إلى نبذ من أحوال أبيه لكونه أيضا من رواة الأخبار مع وجود الاختلاف فيه ما بين الأخيار و قد كتب بعض السّادة الأجلّة رسالة منفردة فى حاله و نقله الاستاد سلّمه اللّه بعد تلخيصه فى رجاله فنذكر ما ذكره ما الاستاد ملخّصا عنه لعلّه ينفع و يفيد قال: قال رحمه الله قد اختلف مقالة الأعلام فى محمّد بن خالد البرقى الّذى عدّه الشيخ فى رجال ساداتنا الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام فقال «جش»: انّه كان ضعيفا فى الحديث و عن «غض» انّ حديثه يعرف و ينكر و انّه يروى عن الضّعفاء كثيرا و يعتمد المراسيل و العلّامة فى صلوة الكسوف من المنتهى بعد ان نقل رواية رواها الشيخ عن محمّد بن خالد البرقى عن أبى عبداللّه عليه السلام انّ عليّا عليه السلام صلّى فى كسوف الشمس ركعتين فى أربعة سجدات و أربع ركوعات و طعن فيها بأنّها لم يعمل بها أحد من علمائنا و بأنها معارضة لأحاديث المتقدّمة و بأنّها رواها محمّد بن خالد تارة عن الصّادق عليه السلام و تارة عن أبى البخترى و ذلك يوجب نظر «ق» التهمة فيه قال و أيضا ان محمّد بن خالد ضعيف فى الحديث و الشهيد الثانى فى بحث توارث الزوجين بالعقد المنقطع من «لك» ذكر ان محمّد بن خالد وثّقه الشيخ و ضعّفه «جش» و الجرح مقدّم و ظاهر حال «جش» انّه أضبط الجماعة و أعرفهم بحال الرّجال هذا غاية ما يمكن أن يذكر فى جرحه.
و أمّا ما يذكر فى مقابله فكثير فإن الشيخ وثّقه فى «ضا» و كذا العلّامة فى «صه» و قال فيها أيضا بعد نقل ما مرّ عن «غض» و «جش» و الاعتماد على قول الشيخ أبى جعفر الطوسى من تعديله و ذكره ابن داود تارة فى باب الممدوحين وثقه و اُخرى فى باب المجروحين و سكت عنه و وثّقه المجلسى رحمه الله فى الوجيزة و ذكره الصدوق رحمه الله فى باب اللقطة من باب الفقيه مترضّيا و وثّقه المحقّق الأردبيلى فى الزكوة عند البحث عن جواز إخراج القيمة و كذا فى مسئلة نجاسة البول و الغائط و لا يعارض من هذه التصريحات ما مرّ عن «غض» و «جش» لعدم دلالته على ضعف الرّجل فى نفسه بل على ضعفه فى الحديث من جهة انّه يروى عن كلّ أحد لا ما مرّ عن المنتهى و «لك» مع انّ الظاهر كونهما مأخوذين عن «جش» مضافا إلى معارضة الأوّل ممّا مرّ عن خلاصة و الثانى أيضا بما حكى عنه من انّه قال فى حاشية على «صه» الظاهر انّ قول «جش» لا يقتضى الطعن فيه نفسه بل فيمن يروى عنه على انّ الأوّل قد صحّح الحديث فى كتب الفقهيّة كثيرا و فى سنده محمّد بن خالد من ذلك ما فى «لف» فى مسئلة الصّلوة فى جلد الخز و صحيح فى آخر «صه» أيضا عدّة من طرق الصدوق منها طريقه إلى إسماعيل بن رياح و طريقه إلى الحرث بن المغيرة و طريقه إلى حكم بن حكيم و فيها محمّد بن خالد.
ثمّ اعلم انّ ما ذكره رحمه الله من رواية محمّد بن خالد عن مولينا الصادق عليه السلام يستدعى أن يكون محمّد بن خالد من أصحابه عليه السلام و هو خلاف ما مرّ عن الشيخ رحمه اللهحيث انّه لم يعدّه من أصحابه و أيضا الرّواية الّتى نسبها إلى الشيخ مذكورة فى صلوة الكسوف من زيادات «يب» و فى باب عدد ركعات صلوة الكسوف من الاستبصار ولكن بزيادة أبى البخترى هكذا عن محمّد بن خالد عن أبى البخترى عن أبى عبداللّه عليه السلام و لم نجدها فى «يب» و لا فى الاستبصار بدون أبى البخترى ولو فرض كونه مرويّا كذلك فى موضع آخر فالظاهر انّه من إسقاط الكتاب و قد وجد فى روضة الكافى أيضا قبل حديث قوم صالح بقليل هكذا علىّ بن إبراهيم عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «و كنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها بمحمّد صلى الله عليه و آله » هكذا و اللّه نزل بها جبرئيل على محمّد صلى الله عليه و آله ولكنه يحتمل الإرسال بإسقاط الرّاوى كما فى الرّوضة أيضا حيث قال: محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه إلى أبى عبداللّه عليه السلام قال: «الحمّى يخرج فى ثلاث الخ» و أغرب من ذلك ما يظهر من المجالس الثامن و الثمانين من مجالس الصدوق من رواية ابن محمّد و هو أحمد عن أبى عبداللّه عليه السلام ولكنه محمول على السقط كما مرّ انتهى كلامه ملخّصا فثبت من ذلك انّ الأب أيضا ثقة كالإبن و لا يضرّ ما ذكر من القدح كما سمعت فى أوّل كلامه نظرا إلى توثيق جماعة من العدول الذى لا يعارضه ما مرّ من القدح مضافا إلى ما قيل أيضا من ان قول «جش» ضعيف فى الحديث يحتمل أن يكون من قبيل فوّلنا فلان ضعيف فى النحو إذا كان لا يعرف منه إلّا القليل و أن يكون المراد روايته عن الضّعفاء و اعتماده على المراسيل و مع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال انتهى و قد عرفت انّ الاحتمال الثانى ليس طعنا فيه بل طعنا عمّن يروى عنه كما مرّ عن «غض» و الاحتمال الأوّل ليس فيه شائبة طعن مع انّه لا ثالث لهما من الاحتمال و كلاهما ممّا لم يقدحا فيه بل عن «تع» انّه كثير الرواية و مقبولها و رواياته مفتى بمضنونها و قد أكثر المشايخ من الرواية عنه و كذا أحمد بن محمّد بن عيسى مع انّه ارتكب بالنسبة إلى من يروى عن الضّعفاء ما ارتكب و كذا القميّون قال فظهر ما فى «لك» حيث قال الجرح مقدّم و «جش» أضبط لأنّ الجرح مفقود و «جش» مدحه حيث قال بعد قوله كان ضعيفا فى الحديث و كان أديبا حسن المعرفة بالأخبار و علوم العرب و له كتب مع انّ تقديم الجرح مطلقا غير مسلّم و الاضبط ربما يقدم عليه غيره لمرجّح كما هنا هذا كلامه.
المطلب الثالث: فى الثالث منهم و هو سهل بن زياد و قد اضطربت كلمات علماء الرّجال و اختلفت أقوالهم فيه حيث يظهر من بعضهم توثيقه و من الآخر تضعيفه بل قد يصرّح شخص فى موضع بتوثيقه و فى موضع آخر بقدحه و تضعيفه كما عن الشيخ الطوسى حيث قال فى موضع انّه ثقة و قال فى عدّة مواضع انّه ضعيف و عن «جش» انّه ضعيف فى الحديث انّه غير معتمد فيه و كان أحمد بن محمّد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ و الكذب و أخرجه من قم إلى الرّى و عن «غض» انّه كان ضعيفا جدّا فاسد الرّواية و المذهب و كان أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعرى أخرجه من قم و أظهر البرائة منه و نهى الناس عن السّماع منه و الرّواية عنه و يروى المراسيل و يعتمد المجاهيل و مثله عن «صه» و كذا عن غيره غير ذلك ولكن المحكى عن «تع» الميل إلى وثاقته حيث تصدى لدفع ما قيل فى حقّه من القدح وقد ظنّى و انّ منشأ التضعيف حكاية أحمد بن محمّد بن عيسى و إخراجه من قم و شهادته عليه بالغلوّ و الكذب و هذا ممّا يضعّف التضعيف و يقوى التوثيق عند المنصف المتأمّل سيّما المطّلع على حالة أحمد و ما فعله بالبرقى و قاله فى علىّ بن محمد بن شيرة ورد «جش» عليه و قال «مَ دَ» انّ أهل قم كانوا يخرجون الراوى بمجرّد توهّم الريب و فى ترجمة محمّد بن ارومة ما يقوم به سيّما انّه صنّف كتابا فى الرّد على الغلاة و ورد عن الهادى عليه السلام انّه برى ء ممّا قذف به و مع ذلك كانوا يرمونه بالغلوّ و ممّا يؤيّده كثرة رواية الكلينى عنه مع كثرة احتياطه فى أخذ الرّواية و احترازه عن المتّهمين مضافا إلى كونه كثير الرواية و أكثر رواياته مقبولة مفتى بها على انّ قول «جش» ضعيف فى الحديث و غير معتمد فى الحديث لا يدلّ على ضعف نفسه و جرحه بل يشعر بالعدم و لذا حكموا بعدم المنافاة بين قول «جش» ثقة و قول «جش» ضعيف فى الحديث كما فى محمّد بن خالد البرقى و يشير إليه انّهم فرّقوا بين قولهم فلان ثقة و فلان صحيح الحديث إلّا ان «يق» ان هذا القول من «جش» و إن لم يدلّ على التضعيف إلّا انّه يفهم من قوله و كان أحمد بن محمّد بن عيسى الخ، و فيه تأمّل لعدم ظهوره فى اعتماده عليه بعد ملاحظة تقييده الضعيف بالحديث و إضافته إليه فإن ديدنهم فى التضعيف عدم التقييد و الإضافة ثم نقل عن جماعة عدّ بعضهم حديثه من الصحاح و بعض الآخر عدّه من مشايخ الاجازة و ثالث غير ذلك لكن كتب استاد الاستاد رحمه الله رسالة منفردة فى حاله و لخّصه الاستاد فى رجاله و لا بأس أن نذكر ملخّص ما ذكره الاستاد سلّمه اللّه و إن طال الكلام لكونه كاشفا لحجاب الإدراك عن وجه المرام على نهج الذى تصنيفه المقام قال قال رحمه الله ان الذى يدلّ على قدحه اُمور:
منها: قول الشيخ فى «ست» انّه ضعيف و مثله قال المحقق و العلّامة من جملة من كتبها.
و منها: ما فى «كش» من انّ الفضل بن شاذان لا يرتضى أبا سعيد الآدمى و يقول هو أحمق و فيه انّه لا يدلّ على فسق و لا فساد عقيدة.
و منها: ما عن الغضايرى من أن سهلاً كان ضعيفا جدّا فاسد الرواية و المذهب و كان أحمد بن محمّد بن عيسى أخرجه عن قم و أظهر البرائة منه و نهى الناس عن السّماع منه و الرواية عنه و يروى المراسيل و يعتمد المجاهيل.
و منها: ما فى «جش» من أنّه كان ضعيفا فى الحديث غير معتمد فيه و كان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ و الكذب و أخرجه من قم إلى الرى و فى ألاوّل ان الدّاعى كما ذكره «غض» لا يبعد أن يكون هو كلام ابن عيسى مضافا إلى ضعف تضعيفاته و الظاهر ان كلاهما هو الباعث لذكر العلّامة و ابن داود ايّاه فى المجروحين وأمّا كلام «جش» فهو لا يدلّ على ضعف الرجل فى نفسه بل ظاهره انّه ضعيف فى الحديث لروايته عن الضعفاء فعليه توثيق الشيخ لاينافى قوله نعم توثيقه معارض بتضعيفه فى «ست» و لكن الظاهر من الرجال حيث قال فى ترجمته محمّد بن على بن الحسين بن بابويه له مصنفات كثيرة ذكرناها فى «ست» و مثله فى ترجمة الكلينى و محمّد بن مسعود و غيرهما انّ تصنيف الرّجال مؤخر عن «ست» فيكون التوثيق فيه دليلا على إعراضه عمّا فى «ست» من التضعيف فيحكم بموثقته حديث بناء على انّ التعارض بين التوثيق المذكور و بين ما ذكره «غض» من تعارض العموم و الخصوص مطلقا إذ لفظ ثقة ظاهر فى كون الرجل إماميّا عادلاً ظابطا فعند التعارض بالتصريح على فساد العقيدة يحمل على انّ المراد الموثقية مضافا إلى إمكان القول بذلك بعنى بالموثقية و لو لم يعلم تأخر الرجال عن «ست» فى التضعيف كما لا يخفى على المتأمل الخبير. هذا على تقدير فساد العقيدة و كونه غاليا و هو ممنوع فان الذى يظهر من تتبع الأخبار الصادرة عن سهل انتفاء الغلوّ عنه و لعلّ نسبة الغلوّ إليه و إلى اضرابه من قبيل ما قاله المحقق الاستاد منان الظاهر من القدماء سيّما القميين منهم و ابن الغضايرى انّهم كانوا يعتقدون للائمّة عليهم السلام منزلة خاصّة و كانوا يعدون التعدى عنها ارتفاعا و غلوّا على حسب معتقدهم و ذكر «جش» و غيره فى ترجمته ان له كتاب التوحيد و معلوم ان تصنيف كتاب ينافى المصير إلى الغلوّ بالمعنى المردود و الظاهر من «جش» عدم تسليم تلك النسبة حيث نسبها إلى ابن عيسى.
و أمّا ما يدلّ على مدحه فوجوه أيضا:
منها: توثيق الشيخ له فى «دى».
و منها: انّ «جش» قال فى ترجمته و قد كاتب أبا محمّد العسكرى عليه السلام على يد محمّد بن عبد الحميد العطّار إلى أن قال له كتاب التوحيد و قال و له كتاب النوادر أخبرنا محمّد بن محمّد قال حدّثنا جعفر بن محمّد عن محمّد بن يعقوب قال حدّثنا علىّ بن محمد عن سهل بن زياد و رواه عنه جماعة انتهى و هو يدلّ على مدحه من جهة كونه ممّن كاتب العسكرى عليه السلام لاسيّما على يد محمّد بن عبد الحميد الّذى وثّقه النجاشى و العلّامة و من جهة كونه صاحب كتاب التوحيد و غيره و من جهة اطباق جماعة من فحول المحدّثين على الرواية من كتابه سيّما مثل المفيد رحمه الله إذ الظاهر انّه المراد من قول «جش» أخبرنا محمّد بن محمّد و شيخه ابن قولويه الّذى هو المراد من جعفر بن محمّد فى كلامه.
و منها: روايته من ثلاثة من أئمّتنا الجواد و الهادى و العسكرى عليهم السلام كما فى «جخ».
و منها: كثير الرّواية و قد دلّت جملة من النصوص على انّ منزلة الرّجال على قدر روايتهم عنهم عليهم السلام ففى أوّل رجال «كش» عن أبى عبداللّه عليه السلام : «اعرفوا منازل الرّجال منّا على قدر رواياتهم عنّا» و فى آخر: «اعرفوا منازل الناس منّا» و هذا الأخير رواه فى اصول الكافى فى باب النّوادر من كتاب فضل العلم بدون كلمة «منّا» و الظاهر انّ هذه الكلمة فى الحديثين الاوّلين فى موضع الحال و المعنى أعرفوا منازل الرجال حال كونهم من موالينا و شيعتنا و حينئذٍ لايدلّ الحديثان على كون كثرة الحديث دليلاً على المدح مطلقا و أمّا دعوى ظهور الروايات المذكورة فى كون الرواية عنهم من غير واسطة و كثرة رواية سهل عنهم من غير واسطة غير مسلّمة فمدفوعة بأن الدّعوى المذكورة و إن كانت مسلّمة بالنسبة إلى كتب الرّجال سيّما رجال الشيخ لكنها غير مسلّمة فى العرف العام و الأخبار محمولة على المعانى العرفيّة على أنّ كثرة الرّواية عنهم عليهم السلام ولو بواسطة تدلّ على اهتمام الرّاوى فى اُمور الدّين و هو فضيلة ومدح له غاية الامر انّه لم يستفد من تلك الرّوايات و لذا تراهم يتمسّكون فى مقام المدح بكثرة الرواية ثم الظاهر من قوله عليه السلام : «على قدر روايتهم عنّا» انّ المراد من حيث الكم و فى أوّل رجال «كش» عن الصّادق عليه السلام : «اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتّى يكون محدّثا» فقيل له: أو يكون المؤمن محدّثا؟ قال: يكون منفهما و المنفهم المحدّث انتهى و مقتضاه اعتبار الكيف لكن لا منافاة قوله أو يكون المؤمن محدّثا كان السائل فهم من قوله عليه السلام : «حتى يكون محدّثا» المحدّث من اللّه أى يسمع كلامه تعالى و لذا استبعد و أجاب يكون مفهما ملهما من جانب اللّه و قوله عليه السلام : و المفهم المحدّث لعلّ المراد منه ان الملهم منه تعالى بمنزلة المحدّث منه تعالى و لذا أطلق عليه المحدّث.
و منها: إكثار المشايخ العظام سيّما ثقة الإسلام فى الكافى. قال المحقق الاستاد رحمه الله: لم أجد من أحدٍ من المشايخ القدماء تأمّلاً فى حديث بسببه حتّى انّ الشيخ مع انّه كثيرا ما تأمّل فى أحاديث جماعة بسببهم لم يتّفق له فى كتبه مرّة ذلك فى حديث بسببه بل و فى خصوص الحديث الّذى هو واقع فى سنده ربما يطعن بل و يتكلّف فى الطّعن من غير جهته و لا يتأمّل فيه أصلاً و الإنصاف بعد ملاحظة إطباق أئمّة الرجال على المقالات المتقدّمة و اشتهار الحكم بالضعف بين الأجلة انّه يشكل التعلّق بحديثه عند انتفاء المؤيّد الخارجى نعم يرجح قوله عند المعارضة بالضعيف الذى لم يثبت فى حقّه مثل المدايح المذكورة كلّاً أو بعضا.

1.و هم الّذين يروى بواسطتهم عن أحمد بن محمد بن خالد. «منه رحمه الله».

2.أى احتمال الثانى من الاحتمالين المذكورين فى العنوان المذكور لا الثانى مقابل الأؤّل. «منه رحمه الله».

3.وهو فى بيان توثيق الشخص الثالث من أشخاص العدّة الّذى هو أحمد بن عبد اللّه بن اُميّة «منه رحمه الله».

4.وجدت حاشية فى رجال الاستاد سلّمه اللّه فى ترجمه أحمد هكذا: أحمد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكر بن أعين الثقة الجليل القدر. «منه رحمه الله».

5.سوره حجرات، آيه ۱۲.

صفحه از 500