رساله شيخ بهايى درباره محمّد بن اسماعيل - صفحه 572

فصل

ربّما يخدش كل واحد من هذه الوجوه بنوع من الخدش.
أما الأول: فلأنّ بقاء ابن بزيع إلى زمان الكلينى غير ممتنع بحسب العادة من حيث طول الزمان؛ لأنّ ما بين وفاة الكاظم والعسكرى عليه السلام لايزيد على سبع وسبعين سنة؛ فإنّ وفاة الكاظم عليه السلام سنة ثلاث وثمانين ومائة، والعسكرى عليه السلام سنة ستّين ومائتين، والكلينى رضى الله عنه توفى بعده عليه السلام بثمانية وستين سنة؛ لأنّ وفاته سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فملاقاته فى أوايل عمره، لابن بزيع ليست بذلك البعيد، اذ غاية ما يلزم منه تعمير ابن بزيع إلى مائة سنة أو أكثر بشى ء قليل، لا تبلغ العشر سنين، والتعمير إلى هذا القدر، غير مستنكر.
وأما الوجه الثانى: ففيه، أنّ الرواية عن الشخص الواحد تارة بلا واسطة واخرى بواحدة واخرى باثنتين، غير قليل، كما يرويه الحسين بن سعيد، عن عبداللّه بن سنان، وكما يرويه ابن أبى عمير عنه، وكما يرويه كثير من أصحاب الأئمة عليهم السلام عنهم، وعدم التصريح بابن بزيع، فيما يرويه بلا واسطة، لعلّه اتفاقى.
وأما الثالث: فلأنّ إدراك الإمام( كما يطلق ويراد به إدراك زمانه، و معاصرته فقد يراد به الرواية عنه أيضاً، ولعلّ هذا هو مراد الكشى رحمه الله بإدراكه الجواد عليه السلام ؛ فيجوز معاصرته به بقيةَ الأئمة عليهم السلام من روى الرواية عنهم.
فإن قلت: إدراك مثل هذا الرجل الجليل الشأن لعصر أحد الأئمة عليهم السلام ، مع عدم الرواية عنه أصلاً، أمر مستنكر جدّاً!
قلت: ربّما كان له عذر فى عدم الرواية، إمّا لتقية أو لتعذّر لقائه، لبعد بلد الإقامة أو نحو ذلك وقد لقى كثير من أجلاء هذه الطائفة أئمة زمانهم ولم يتفق لهم الرواية عنهم ـ سلام اللّه عليهم ـ ولعلّ ذلك لبعض الاعذار التى هم أعلم بها منّا.
هذا يونس بن عبد الرحمان، مع علوّ منزلته وجلالة قدره فى هذه الطائفة، كان فى عصر الصادق عليه السلام ولم يرو عنه مع أنّه اجتمع به بين الصفا والمروة كما أورده النجاشى وغيره. ۱
هذا محمّد بن أبى عمير، مع عظم شأنه ورفعة محله، قد أدرك زمان الكاظم عليه السلام ولم يتيسّر له الرواية عنه أصلاً، فلا يبعد (نسخه: يعد) فى أن يكون حال ابن بزيع من هذا القبيل.
وبهذا يظهر الخدش فى الوجه الرابع: فإنّ المزية، هى رؤية الامام عليه السلام إمّا وحدها أو مع الرواية عنه، أمّا محض المعاصرة واتحاد الزمان من غير رؤية ولا رواية، فلا؛ فلعلّ هذا هو الوجه فى عدم تعرّض علماء الرجال لذلك.
وأما الوجه الخامس: فهو مجرد دعوى لم نتحقّقها ولم نجدها فى كلام أحد من علماء الرجال والمورّخين، نعم روى الشيخ فى التهذيب «أنّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع سأل أبا جعفر الجواد عليه السلام أحد قمصاته ليعدّه لكفنه فبعثه إليه وأمره بأن ينزع أزراره» ۲ و معلوم أنّه لا دلالة فى هذه الرواية على شى ء من ذلك.
وأما الوجه السادس: ففيه، أنّه لابعد فى رواية كل من الشيخين عن الآخر، وهذا نوع مشهور يسمى فى علم الدراية بالمدبج، ۳ كأنّ كل واحد منهما يبذل ديباجة وجهه للآخر فى الأخذ عنه، وقد وقع فى الصدر السالف رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين.
وإجازة السيد الجليل تاج الدين بن معية لشيخنا الشهيد ـ قدّس اللّه روحهما ـ روايةَ مروياته واستجازته منه بعد ذلك روايةَ مروياته أيضاً مما اشتهر نقلهما. ۴
فلعلّ حال ابن بزيع مع الفضل بن شاذان، من هذا القبيل.
فهذا ما حضرنى من الكلام على هذه الوجوه، وهو غاية ما يمكن أن يقال فى مقام الخدش فيها.
والحقّ انّ كل واحد منها وإن أمكن تطرق الضعف إليه بانفراده، إلاّ أنّه يحصل من مجموعها، ما يوجب الظن بأنّ محمّد بن إسماعيل هذا، ليس هو ابن بزيع.
وسيما إذا انضم إليها وجه السابع: هو انّ ابن بزيع رضى الله عنه قد روى عن الأئمة الثلاثة أعنى الكاظم والرضا والجواد ـ سلام اللّه عليهم ـ أحاديثَ عديدة من دون واسطة، ولم يرو الكلينى عنه بلا واسطة شيئاً من تلك الأحاديث أصلاً، مع كون الواسطة فيها بين الكلينى وبين المعصوم عليه السلام على ذلك التقدير رجل واحد فقط، وشدّة اهتمام المحدّثين بعلوّ الإسناد أمر معلوم، ولم يوجد لمحمّد بن إسماعيل الذى يروى عنه الكلينى بغير واسطة رواية عن أحد المعصومين ـ سلام اللّه عليهم ـ من دون واسطة، بل كلما يوجد منها فإنّما هو بوسائط عديدة.

1.رجال النجاشى، ص ۴۴۶؛ رجال ابن داوود، ص ۲۰۷، رقم ۱۷۴۳.

2.فى التهذيب: سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل ابن بزيع قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أن يأمر لى بقميص أعده لكفنى فبعث به إلى فقلت كيف أصنع؟ فقال انزع ازراره. (تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۰۴، ح ۸۸۵)

3.الرعاية فى علم الدراية، ص ۳۵۰ ـ ۳۵۱؛ مقباس الهداية، ج ۱، ص ۳۰۱ ـ ۳۰۳.

4.بحار الأنوار، ج ۷۴، ص ۱۶۷؛ الذريعة، ج ۱، ص ۲۴۵ ـ ۲۶۴.

صفحه از 580