رساله شيخ بهايى درباره محمّد بن اسماعيل - صفحه 575

]قال الشيخ البهايى فى مشرق الشمسين ما هذا لفظه]:

تبصرة داب ثقة الاسلام رضى الله عنه فى كتاب الكافى ان يأتى فى كل حديث بجميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم عليه السلام ولا يحذف من اول السند احداً، ثم انه كثيراً ما يذكر فى صدر السند محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وهو يقتضى كون الرواية عنه بغير واسطة، فربما ظن بعضهم ان المراد به الثقة الجليل محمّد بن إسماعيل بن بزيع وايدوا ذلك بما يعطيه كلام الشيخ تقى الدين حسن بن داود رحمه الله حيث قال فى كتابه:
إذا وردت رواية، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، ففى صحتها قولان، فان فى لقائه له اشكالاً فتقف الرواية لجهالة الواسطة بينهما وان كانا مرضيين معظمين انتهى. ۱
والظاهر ان ظن كونه ابن بزيع من الظنون الواهية، ويدل على ذلك وجوه:
ألاوّل: ان ابن بزيع من اصحاب أبى الحسن الرضا عليه السلام وأبى جعفر الجواد عليه السلام وقد ادرك عصر الكاظم عليه السلام وروى عنه كما ذكره علماء الرجال فبقاوءه إلى زمن الكلينى مستبعد جداً.
الثانى: ان قول علماء الرجال ان محمّد بن إسماعيل بن بزيع ادرك أبا جعفر الثانى عليه السلام يعطى انه لم يدرك من بعده عليه السلام من الائمة ـ صلوات اللّه عليهم ـ فان مثل هذه العبارة انما يذكرونها فى آخر امام ادركه الراوى، كما لا يخفى على من له انس بكلامهم.
الثالث: انه عليه السلام لو بقى إلى زمن الكلينى ـ نور اللّه مرقده ـ لكان قد عاصر ستة من الائمة عليهم السلام وهذه مزية عظيمة لم يظفر بها احد من اصحابهم ـ صلوات اللّه عليهم ـ فكان ينبغى لعلماء الرجال ذكرها وعدّها من جملة مزاياه رضى الله عنه وحيث ان احدا منهم لم يذكر ذلك مع انه مما تتوفر الدواعى على نقله، علم انه غير واقع.
الرابع: ان محمّد بن إسماعيل الذى يروى عنه الكلينى بغير واسطة يروى عن الفضل بن شاذان وابن بزيع كان من مشايخ الفضل بن شاذان ـ كما ذكره الكشى ـ حيث قال:
ان الفضل بن شاذان كان يروى عن جماعة وعد منهم محمّد بن إسماعيل بن بزيع. ۲
الخامس: ما اشتهر على الألسنة من ان وفاة ابن بزيع كانت فى حيوة الجواد عليه السلام .
السادس: انا استقرينا جميع أحاديث الكلينى المروية عن محمّد بن إسماعيل فوجدناه كلما قيده بابن بزيع فانما يذكره فى اواسط السند ويروى عنه بواسطتين، هكذا محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع واما محمّد بن إسماعيل الذى يذكره فى اول السند فلم نظفر بعد الاستقراء الكامل والتتبع التام بتقييده مرة من المرات بابن بزيع اصلا ويبعد ان يكون هذا من الاتفاقيات المطردة.
السابع: ان ابن بزيع من اصحاب الائمة الثلاثة اعنى الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام فيجمع منهم ـ سلام اللّه عليهم ـ أحاديث متكثرة بالمشافهة، فلو لقيه الكلينى، لكان ينقل عنه شيئا من تلك الأحاديث التى نقلها عنهم ـ سلام اللّه عليهم ـ بغير واسطة لتكون الواسطة بينه وبين كل امام من الائمة الثلاثة عليهم السلام واحد فان قلة الوسائط شئ مطلوب وشدة اهتمام المحدثين بعلو الاسناد امر معلوم ومحمّد بن إسماعيل الذى يذكره فى اوائل السند ليس له رواية عن احد المعصومين ـ سلام اللّه عليهم ـ بدون واسطة اصلا؛ بل جميع رواياته عنهم عليهم السلام انما هى بوسائط عديدة.
فان قلت للمناقشة فى هذه الوجوه مجال واسع، كما يناقش فى ألاوّل بأن لقاء الكلينى من لقى الكاظم عليه السلام غير مستنكر لان وفاته عليه السلام سنة ثلث وثمانين ومائة ووفاة الكلينى سنة ثمان وعشرين وثلثمأة وبين الوفاتين مأة وخمس واربعون سنة، فغاية ما يلزم تعمير ابن بزيع إلى قريب ماة سنة وهو غير مستبعد وفى الثانى نمنع كون تلك العبارة نصا فى ذلك، فلو سلم فلعل المراد بالادراك الرواية لا ادراك الزمان فقط، وفى الثالث بأن المزية العظمى روءية الائمة عليهم السلام والرواية عنهم بلا واسطة لامجرد المعاصرة لهم من دون روءية ولارواية فيجوز أن يكون ابن بزيع عاصر باقى الائمة عليهم السلام لكنّه لم يرهم، قلت اكثر هذه الوجوه وإن امكنت المناقشة فيه بانفراده لكن الانصاف انه يحصل من مجموعها ظن غالب يتاخم العلم بأن الرجل المتنازع فيه ليس هو ابن بزيع وليس الظن الحاصل منها ادون من سائر الظنون المعول عليها فى علم الرجال، كما لايخفى على من خاض فى ذلك الفن ومارسه واللّه اعلم.
إذا تقرر ذلك، فنقول الذى وصل الينا بعد التتبع التام ان اثنى عشر رجلاً من الرواة مشتركون فى التسمية بمحمّد بن إسماعيل سوى محمّد بن إسماعيل بن بزيع، وهم:
محمّد بن إسماعيل ابن ميمون الزعفرانى
ومحمّد بن إسماعيل بن أحمد البرمكى الرازى صاحب الصومعة
ومحمّد بن إسماعيل بن خيثم الكنانى
ومحمّد بن إسماعيل الجعفرى
ومحمّد بن إسماعيل السلحى وقد يقال البلخى
ومحمّد بن إسماعيل الصيمرى العمى
ومحمّد بن إسماعيل البندقى النيسابورى
ومحمّد بن إسماعيل بن رجبا الزبيدى الكوفى
ومحمّد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفى
ومحمّد بن إسماعيل المخزومى المدنى
ومحمّد بن إسماعيل الهمدانى
ومحمّد بن إسماعيل بن سعيد البجلى.
اما محمّد بن إسماعيل بن بزيع، فقد عرفت الكلام فيه، وأما من عدا الزعفرانى والبرمكى من العشرة الباقين فلم يوثّق احد من علماء الرجال أحدا منهم، فإنهم لم يذكروا من حال الكنانى والجعفرى الاّ ان لكل منهما كتاباً، ولا من حال الصيرمى والبلخى الاّ انهما من أصحاب أبى الحسن الثالث عليهم السلام ، ولا من حال البندقى الاّ انه نقل حكاية عن الفضل بن شاذان، ولا من حال الزبيدى والجعفى والمخزومى والهمدانى والبجلى ـ الاّ انّهم من اصحاب الصادق عليه السلام وبقاء احدهم إلى عصر الكلينى، أبعد من بقاء ابن بزيع، وقد حكم متأخروا علمائنا ـ قدس اللّه أرواحهم ـ بتصحيح ما يرويه الكلينى عن محمّد بن إسماعيل الذى فيه النزاع وحكمهم هذا قرينة قوية على انه ليس احداً من اولئك الذين لم يوثقهم احد من علماء الرجال؛ فبقى الامر دائراً بين الزعفرانى والبرمكى، فانهما ثقتان من اصحابنا، لكن الزعفرانى ممن لقى اصحاب الصادق عليه السلام كما نص عليه النجاشى، ۳ فبيعد بقاوءه إلى عصر الكلينى.
فيقوى الظن فى جانب البرمكى، فانّه مع كونه رازيا كالكلينى، فزمانه فى غاية القرب من زمانه لان النجاشى يرويه عن الكلينى بواسطتين وعن محمّد بن إسماعيل البرمكى بثلاث وسائط والصدوق يروى عن الكلينى بواسطة واحدة وعن البرمكى بواسطتين والكشّى، حيث انّه معاصر للكلينى يروى عن البرمكى بواسط وبدونها، وايضاً فمحمّد بن جعفر الأسدى المعروف بمحمّد بن أبى عبد اللّه الذى كان معاصراً للبرمكى توفى قبل وفاة الكلينى تقريب من ست عشرة سنة فلم تبق مزية فى قرب زمان الكلينى من زمان البرمكى جداً، وامّا روايته عنه فى بعض الاوقات بتوسط الأسدى، فغير قادح فى المعاصرة؛ فان الرواية عن الشيخ تارة بواسطة واخرى بدونها امر شايع متعارف لا غرابه فيه، واللّه اعلم بحقايق الامور. ۴

1.رجال ابن داوود، ص ۳۰۶.

2.رجال الكشى، ص ۵۴۳، رقم ۱۰۲۹.

3.رجال النجاشى، ص ۳۴۵، رقم ۹۳۳.

4.مشرق الشمسين، ص ۶۴ ـ ۷۸.

صفحه از 580