علم الأئمة فى الكافى - صفحه 11

العربيّ ، فهل يعني ذلك التشكيك في هذا التراث كلّه ؟ ! كلّا ، فإنّ علماء الحديث قد بذلوا جهودا مضنيّةً في الحفاظ على هذا التراث وجمع نسخه والمقارنة بينها ، والترجيح والاختيار والتحقيق والتأكّد من النصّ ، شأنهم في ذلك شأن العلماء في عملهم مع النصوص الأُخرى ، من دون أن يكون لمثل هذه التشكيكات أثرٌ في حجّيتها أو سلب إمكان الإفادة منها ، ما دامت قواعد التحقيق والتأكّد والتثبّت ، متوفّرةً ، والحمد للّه .
أمّا تهريج الجهلة بأساليب التحقيق ، وبقواعد البحث العلمي في انتخاب النصوص ، وإثارتهم وجود نسخ مختلفة ، فهو نتيجةٌ واضحةٌ للأغراض المنبعثة من الحقد والكراهيّة للعلم ، وقديما قيل : « الناس أعداء ما جهلوا » .
وثانيا : مناقشة الأحاديث المذكورة ، من حيث أسانيدها ، ووجود رجال موسومين بالضعف فيها .
والردّ على ذلك : إنّ البحث الرجالي ، ونقد الأسانيد بذلك ، لا بدّ أن يعتمد على منهجٍ رجاليٍّ محدّدٍ ، يتّخذه الناقد ، ويستدلّ عليه ، ويطبّقه ، وليس ذلك حاصلاً بمجرّد تصفّح كتب الرجال ، ووجدان اسم لرجل ، والحكم عليه بالضعف أو الثقة ، تبعا للمؤلّفين الرجاليّين وتقليدا لهم ، مع عدم معرفة مناهجهم وأساليب عملهم .
وإنّ من المؤسف ما أصاب هذا علم رجال الحديث ، إذ أصبح ملهاةً للصغار من الطلبة يناقشون به أسانيد الأحاديث ، مع جهلهم بالمناهج الرجاليّة الّتي أسّس مؤلّفوا علم الرجال كتبهم عليها ، وبنوا أحكامهم الرجالية على أساسها ، مع أهميّة ما يبتني على تلك الأحكام من إثبات ونفي ، وردٍّ وأخذٍ لأحاديث وروايات في الفقه والعقائد والتاريخ وغير ذلك .
كما إنّ معرفة الحديث الشريف ، وأساليب تأليفه ومناهج مؤلّفيه له أثرٌ مهمٌّ في مداولة كتبهم والاستفادة منها ، ولقد أساء من أقحم ـ ولا يزال يقحمُ ـ الطلبة في وادي هذا العلم الصعب المسالك ، فيصرفون أوقاتهم الغالية في مناقشات ومحاولات عقيمة ، ويبنون عليها الأحكام والنتائج الخطيرة .
كالمناقشة في أسانيد أحاديث هذا الباب الّذي نبحث عنه في كتاب الكافي للشيخ

صفحه از 18