علم الأئمة فى الكافى - صفحه 12

الكليني ، فقد جهل المناقش أُمورا من مناهج النقد الرجالي ، ومن أُسلوب عمل الكليني ، فخبط ـ خبطَ عَشْواء ـ في توجيه النقد إلى الكافي .
فمن ناحية : إنّ قسم الأُصول من الكافي إنّما يحتوي على أحاديث ترتبط بقضايا عقائدية ، وأُخرى موضوعات لا ترتبط بالتعبّد الشرعيّ ، كالتواريخ وأحوال الأئمّة ومجريات حياتهم .
ومن المعلوم أنّ اعتبار السند ، وحاجته إلى النقد الرجالي بتوثيق الرواة أو جرحهم ، إنّما هو لازمٌ في مقام إثبات الحكم الشرعيّ ، للتعبّد به ؛ لأنّ طريق اعتبار الحديث توصّلاً إلى التعبّد به متوقّفٌ على اعتباره سنديّا ، بينما القضايا الاعتقادية ، والموضوعات الخارجيّة لا يمكن التعبّد بها ؛ لأنّها ليست من الأحكام الشرعية ، فليس المراد منها هو التعبّد بمدلولها والتبعيّة للإمام فيها ، وإنّما المطلوب الأساسي منها هو القناعة والالتزام القلبي واليقين ، وليس شيء من ذلك يحصل بالخبر الواحد حتّى لو صحّ سنده ، وقيل بحجّيته واعتباره ؛ لأنّه على هذا التقدير لا يفيد العلم ، وإنّما يعتبر للعمل فقط .
نعم ، إنّ حاجة العلماء إلى نقل ما روي من الأحاديث في أبواب الأُصول الاعتقادية ، لمجرّد الاسترشاد بها ، والوقوف من خلالها على أساليب الاستدلال والطرق القويمة المحكمة الّتي يتّبعها أئمّة أهل البيت عليهم السلام في الإقناع والتدليل على تلك الأُصول ، ولا يفرّق في مثل هذا أن يكون الحديث المحتوي عليه صحيح السند أو ضعيفه ، ما دام المحتوى وافيا بهذا الغرض وموصلاً إلى الإقناع الفكري بالمضمون .
وليس التشكيك في سند الحديث المحتوي على الإقناع مؤثّرا لرفع القناعة بما احتواه من الدليل ، وكذا الموضوعات الخارجيّة ، كالتواريخ ، وسنيّ الأعمار ، وأخبار السيرة ، ليس فيها شيءٌ يتعبّد به حتّى تأتي فيه المناقشة السنديّة ، وإنّما هي أُمور ممكنة ، يكفي ـ في الالتزام بها ونفي احتمال غيرها ـ ورودُ الخبر به .
فلو لم يمنع ـ من الالتزام بمحتوى الخبر الوارد ـ أصلٌ محكمٌ ، أو فرعٌ ملتزَمٌ ، ولم تترتّب على الالتزام به مخالفة واضحة ، أو لم تقم على خلافه أدلّةٌ معارضةٌ ، كفى الخبر الواحد في احتماله لكونه ممكنا ، وإذا غلب على الظنّ وقوعه باعتبار كثرة ورود

صفحه از 18