الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 312

وفى صدر الإسلام أصبح الشعر إحدى أهمّ أدوات الإعلام الفعّالة التى تقف إلى جانب السيف للذود عن الدعوة الإلهية الحقّة ورفع راية التوحيد وبسطها على وجه المعمورة، حتى أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال فى شعراء الصدر الأوّل: «هؤلاء النفر أشدّ على قريش من نضح النبل» ۱ وفى رواية: «والذى نفسى بيده، لكأنّما ينضحونهم بالنبل». ۲
وترك الرعيل الأوّل من الشعراء الإسلاميين ديوانا شعريا حافلاً بذكر الوقائع والفتوحات والأحداث المهمّة والخطيرة التى مرّت بها الدعوة الإسلامية فى عصرها المتقدّم.
وكان فى طليعة اُولئك الشعراء شيخ البطحاء وعمّ سيد الأنبياء أبو طالب رضى الله عنهالذى انبرى للدفاع عن رسالة التوحيد وإعلاء مبادئها، وعبّر عن عمق نصرته ومحبّته وولائه للرسول صلى الله عليه و آله ورسالته فى أيّامها الأولى وإرهاصاتها المبكّرة.
وبعد توسّع الفتوح الإسلامية واختلاط العرب بغيرهم من الأقوام المجاورة، شاع اللحن على الألسن وفشا فى أوساط الناس، فوضع أبو الأسود الدؤلى قواعد النحو العربى ونقّط المصحف نقاط الإعراب، ليقوّم ما فسد من اللسان ويحافظ على لغة القرآن.
وقد فعل أبو الأسود ذلك بتلقين من أمير المؤمنين على عليه السلام ، وهو أوّل من سنّ العربية ووضع قواعد نحوها، وألقى أُصوله وجوامعه إلى أبى الأسود الدؤلى، باتّفاق أغلب علماء اللغة ومؤرّخيها. ۳
وقد سُئل أبو الأسود: من أين لك هذا العلم؟ فقال: لقّنت حدوده من على بن أبى طالب عليه السلام . ۴
وأخذ الدارسون عن أبى الأسود أُصول قواعد العربية، فكانت الأساس الأوّل الذى أُقيم عليه صرح الدراسات اللغوية والأدبية، حيث دوّنت اُصول اللغة والنحو والصرف

1.العمدة ابن رشيق، ج ۱، ص ۹۲.

2.مجمع البيان الطبرسى، ج ۷، ص ۳۲۶.

3.راجع: معجم الأدباء ياقوت، ج ۱۲، ص ۳۴؛ و ۱۴: ۴۲، المزهر السيوطى، ج ۲، ص ۳۹۷؛ الخصائص ابن جنّى، ج ۲، ص ۸ ؛ خزانة الأدب البغدادى، ج ۱، ص ۲۸۱؛ شذرات الذهب ابن العماد، ج ۱، ص ۷۶؛ شرح ابن أبى الحديد، ج ۱، ص ۲۰؛ صبح الأعشى القلقشندى، ج ۱، ص ۳۵۰ و ۴۲۰؛ و ج ۳، ص ۱۵۱؛ فهرست ابن النديم، ص ۵۹ .

4.وفيّات الأعيان ابن خلّكان، ج ۲، ص ۵۳۷؛ مرآة الجنان اليافعى، ج ۱، ص ۱۶۲؛ الإصابة، ج ۲، ص ۲۴۲.

صفحه از 416