الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 313

بعد استقراء كلام العرب ودراسة مختلف أساليبه، فكان للشعر النصيب الأوفر فى تلك الدراسات، لأنّه أقلّ الفنون الأدبية تعرّضا للتصحيف والتحريف، ذلك لكون الملكة الإنسانيّة أقدر على حفظ الشعر من غيره باستثناء الكتاب الكريم لما يختزن فيه من الوزن والقافية.
ومن هنا أصبحت الحاجة ماسّة إلى الشاهد الشعرى لأغراض الاحتجاج اللغوى، فتوجّهت عناية علماء العربية إلى دراسة النصوص الشعرية وحفظها وشرحها ونقدها، ومن ثمّ الاستدلال بها على صحّة قواعد اللغة والنحو والصرف ومعرفة شواذّها، كما عنوا بمعرفة اسم الشاعر وحدّدوا عصره، وناقشوا فى مدى صحّة نسبة الشعر إليه.
كما اعتنى به سائر المفسّرين والمحدّثين، لغرضٍ أجلّ وأسمى، إذ سخّروا كما هو معلوم طاقات اللغة العربية وآدابها، ويأتى الشعر فى طليعتها، لخدمة النصّ الشرعى المقدّس.
وقد اشتهر عن ابن عباس رضى الله عنه كثرة استشهاده بشعر العرب فى تفسيره، فإذا سئل عن شى ءٍ من القرآن أنشد فيه شعرا، وكان يقول: إذا قرأتم شيئا من كتاب اللّه فلم تعرفوه، فاطلبوه فى أشعار العرب، فإنّ الشعر ديوان العرب ۱

الشاهد فى اللغة

المراد بالشاهد فى اللغة: قول عربى شعر أو نثر، قيل فى عصر الاحتجاج وحدّدوه بالعصر الجاهلى إلى منتصف القرن الثانى الهجرى. ۲

أغراض الاحتجاج

للاحتجاج اللغوى غرضان:
الأوّل: لفظى، وذلك لإثبات صحّة استعمال لفظة أو تركيب وما يتبع ذلك من قواعد فى علم اللغة والنحو والصرف.
الثانى: معنوى، ويتعلّق بإثبات معنى كلمة ما، وما يتبع ذلك من قواعد بلاغيّة فى علم المعانى والبيان والبديع.

1.العمدة ابن رشيق، ج ۱، ص ۹۰ ـ ۹۱.

2.يورد للاحتجاج به على قول أو رأى أو قاعدة المعجم المفصّل، ميشال عاصى وإميل بديع، ج ۲، ص ۷۲۷.

صفحه از 416