الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 320

الدراسات على بحثه فى ضوء المنهج العلمى القويم وميزان النقد النزيه. ۱
واستمرّ واقع الحال على المنع إلى رأس المائة الهجرية الأولى حيث رفع الحظر عن تدوين الحديث وروايته فى زمان عمر بن عبدالعزيز ت 101ق، واقترن ذلك بالكفّ عن سبّ أمير المؤمنين وسيّد الوصيين على عليه السلام من على منابر بنى أُمّية، اقترانا يميط اللثام عن الأهداف السياسية الكامنة وراء المنع من التدوين.
وعليه فإنّ الروايه بالمعنى تقع على عاتق المانعين من تدوين الحديث بالدرجة الأولى، إذ الفترة غير اليسيرة بين صدور الرواية وعصر تدوينها، يجعل منها عرضة لاختلاف اللفظ بسبب وهم الرواة أو نسيانهم، ولهذا أجاز علماء الحديث روايته بالمعنى ضمن شروط خاصّة، فكان ذلك مبرّرا للتشكيك فى حجيّة الحديث الشريف لإثبات قواعد النحو العربى، دفع النحاة المتقدّمين إلى الإنصراف للرواية عن الأعراب ولما يزوَّدهم به رواة الأشعار، إنصرافا استغرق كلّ جهودهم ولم يبق منهم لرواية الحديث ودراسته أدنى بقية.
وقد هيّأت سلطة الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه و آله الأرضية لذلك الإنصراف، فبعد منعها تدوين الحديث وروايته، دعت إلى تعلّم الشعر وجمعه والاهتمام به، فقد كتب عمر بن الخطّاب رسالة إلى أبى موسى الأشعرى عامله على البصرة طلب فيها أن يأمر مَن قبله مِن الناس برواية الشعر لأنّه يدلّ على معالى الأخلاق. ۲ وكتب اُخرى إلى المغيرة بن شعبة عامله على الكوفة وطلب فيها أن يدعو مَن قبله مِن الشعراء ويستنشدهم ما قالوا من الشعر فى الجاهلية والإسلام. ۳
وممّا تقدّم تبيّن أنّه لو استمرّ تدوين الحديث وروايته على ما كان عليه فى عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله لكان الباب أضيق بكثير على جواز الرواية بالمعنى، ولمّا تمسّك النحاة بتلك الذريعة الواهية التى تسبّبت فى إبعاد حديث أفصح من نطق بالضاد عن

1.راجع: تدوين السنّة الشريفة السيد محمد رضا الحسينى الجلالى، ص ۴۱۰ ـ ۴۲۲؛ تاريخ الإسلام الثقافى والسياسى صائب عبدالحميد، ۳۵۳ ـ ۳۸۲.

2.كنز العمال، ج ۱۰، ص ۳۰۰، ح ۲۹۵۱۰.

3.كنز العمال، ج۳، ص ۸۵۰، ح ۸۹۳۵.

صفحه از 416