الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 322

المنثور والمنظور من كلام عرب الجاهلية، واعتمدوه لإثبات قواعدهم النحوية والصرفيّة، وقلّما يخلو كتاب فى قواعد العربية من اختلاف آراء النحاة والمدارس النحوية بسبب اختلاف النقل والرواية فى الحركات أو الكلمات أو العبارات اختلافا يغيرّ المعنى والحكم الإعرابى، ومع ذلك الاختلاف فقد أدخلوا تلك النصوص فى منظومة الاحتجاج.
2. وضع العلماء شروطا مشدّدة لتجويز الرواية بالمعنى، ويأتى على رأسها إصابة المعنى وضبطه، والتى تتطلّب أن يكون الراوى عالما عارفا بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيرا بما يحيل معانيها، بصيرا بمقادير التفاوت بينها، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى، بل يتعيّن عليه أن يؤدّى نفس اللفظ الذى سمعه، لا يخرم منه شيئا، ولا يبدّل لفظا بلفظ. ۱
ولذلك قصروا جواز الرواية بالمعنى على فترة وجيزة لا تتعدّى رجال الصدر الأوّل دون غيرهم، حيث كانت اللغة سليمة والسلائق على سجيّتها لم يصبها فساد أو لحن. ۲
وعليه فالرواة بالمعنى على فرض تبديلهم الألفاظ إنّما كانوا ممّن يسوغ الاحتجاج بكلامهم، وفق دائرة الاستشهاد اللغوى الزمانية، لأنّهم رووا ذلك قبل تغيير الألسنة وابتعاد الناس عن مصادر اللغة الأصلية.
3. لا يمكن تعميم ظاهرة الرواية بالمعنى على كلّ مساحة الحديث النبوى الشريف، فقد وصل إلينا كثير من الأحاديث بمحكم ألفاظها ولم يطرأ عليها أدنى تغيير أو تبديل فى كلماتها، ولا أى لحن أو تحريف فى حركاتها وحروفها، كألفاظ القنوت والتحيّات والأذكار والأدعية فى الأماكن والحالات الخاصّة وغيرها ممّا وقع التعبّد بخصوص ألفاظها وأمر الشارع بتلاوتها بعينها. ۳
وكذلك ما أريد به لفظه الخاص من متون الأحاديث التى يقصد بها الاستدلال على

1.تدريب الراوى السيوطى، ج۲، ص ۹۸؛ المحدّث الفاصل الرامهرمزى، ص ۵۳۰.

2.راجع: تدوين السنّة الشريفة السيد الجلالى، ص ۵۰۸ ـ ۵۰۹.

3.راجع: من أدب الدعاء فى الإسلام السيد الجلالى، ص ۱۷ من مجلّة تراثنا، العدد ۱۴.

صفحه از 416