الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 327

بها المكتبة الإسلامية والعربية، ومع ذلك ما زال أكثر الحديث أرضا خصبةً بكرا، وكنزا لغويا حافلاً بالمفردات الفصيحة والتراكيب البليغة، فهو بحاجةٍ إلى مزيد من الدراسات اللغوية سيّما ما يخصّ نحو الحديث وصرفه وبلاغته.
موقف النحاة من حديث أهل البيت عليهم السلام
حديث أهل بيت النبى صلى الله عليه و آله عترته الميامين هو فى الواقع قبسٌ من نور الكلام الإلهى، وجذوة تضى ء بفصاحة المنطق النبوى الشريف، وهم معدن النبوّة وأعلام الهدى وأهل البلاغة والفصاحة.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّا لأمراء الكلام، وفينا تنشّبت عروقه، وعلينا تهدّلت غصونه»۱وقال الإمام الصادق عليه السلام : «اعربوا حديثنا، فإنّا قومٌ فصحاء».۲
إنّ دراسة موقف النحاة الأوائل من حديث أهل البيت عليهم السلام تكشف هى الأخرى عن فساد الأسباب التى نسبت إلى طلائعهم فى الابتعاد عن الحديث النبوى الشريف.
وربّما يرى البعض للوهلة الأولى أنّ النحاة قد فرّطوا بتلك الثروة اللغوية الزاخرة التى اكتنزها كلامهم عليهم السلام ، ويعذرهم بنحو ما ذكروه من أسباب تحاشيهم للاستدلال بالحديث النبوى الشريف، من الرواية بالمعنى أو عجمة الناقلين!
وهذا ما لا يمكن قبوله مطلقا، لأنّ الشبهة التى علقت بالحديث النبوى من خلال الملابسات التاريخية وموقف السلطة من تدوينه، لا أثر لها فى حديث أهل البيت عليهم السلام حتى يُقال بأنّ حديثهم روى بالمعنى، أو كانت ثمّة فترة بين صدوره وروايته أوجبت فى البين اختلاط الألسن بنقله، ذلك لأنّ تدوين الحديث لم يتوقّف فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام منذ فجر الإسلام حتى آخر عهد صدور الحديث عنهم عليهم السلام أى فى آخر الغيبة الصغرى للإمام المهدى عليه السلام وذلك سنة 329ق ومدوّنات أصحابهم شاهدة على ذلك، وقد بقى بعضها إلى يومنا هذا لاحظ تفصيل هذا الأمر فى كتاب «تدوين السنّة الشريفة» للسيّد محمّدرضا الحسينى الجلالى.

1.نهج البلاغة، ص ۲۳۳ ـ ۳۵۴.

2.الكافى، ج ۱، ص ۵۲، ح ۱۳ كتاب فضل العلم باب رواية الكتاب والحديث.

صفحه از 416