الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 357

مقتضية للمسح، لأنّ موضع الرؤوس موضع نصب بوقوع الفعل الذى هو المسح عليه، وإنّما جُرّ الرؤوس بالباء، وعلى هذا لا ينكر أن تُعطف الأرجل على موضع الرؤوس لا لفظها فتنصب، وإن كان الفرض فيها المسح، كما كان فى الرؤوس كذلك، والعطف على الموضع جائزمشهور فى لغة العرب... (وأورد الشاهد).
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ هذا البيت رُوى بخفض حرف الروى (ولا الحديدِ) وبعده أبيات مجرورة، وهى:

أكلتم أرضنا فجرزتموها۱فهل من قائم أو من حَصيدِ
فَهَبنا أُمّةً ذهبت ضَياعايزيدُ أميرها وأبو يزيدِ
أَتَطْمَعُ فى الخلود إذا هلكناوليسَ لنا ولا لك من خُلُودِ
ذروا خونَ الخلافةِ واستقيمواوتأميرَ الأراذل والعبيدِ
وأعطونا السَّويةَ لا تَزُرْكُمجُنودٌ مُردفاتٌ بالجنودِ
ولا يخفى أنّه لا شاهد فى هذا البيت على هذه الرواية، وذلك مردودٌ بكونه من شواهد سيبويه والزجّاج وابن هشام والرضى الأسترآبادى وغيرهم، وقد رووه منصوبا، واستدلّوا به على جواز حمل المعطوف على موضع الباء وما عملت فيه، وهو نفس الغرض الذى ذكرناه أوّلاً، ورواية الخفض تبطل الاستدلال والغرض، وذكر الأنبارى أنّ من زعم أنّ الرواية (ولا الحديد) بالخفض فقد أخطأ، لأنّ البيت الذى بعده:

أديروها بنى حربٍ عليكمولا ترمُوا بها الغَرَضَ البعيدا
وقالوا: إنّ سيبويه قد سمع من العرب مَن يُنشد هذا البيت بالنصب، فكان إنشاده حجّة.
ووافق بعض العلماء بين الروايتين، باعتبار البيت من قصيدتين مختلفتين؛ واحدة مخفوضة الرويّ، واُخرى منصوبة، وقال إنّ ذلك أمرٌ لا يُنكر لأنّ الشعراء قد يستعير بعضهم من كلام بعض، فمن روى البيت بالنصب روى معه الأبيات المنصوبة، ومن رواه بالجرّ روى معه الأبيات المجرورة.

1.جرز الشى ء: قطعة واستأصله، وفى رواية: فجردتموها.

صفحه از 416