الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 373

شرح الغريب: أوردها: أدخلها شريعة الماء، وسعد: هو ابن زيد مناة، أخو قائل البيت، وكان أخوه مالك آبل أهل زمانه، حتى قيل فى المثل: آبل من مالك، ثمّ إنّه تزوّج وبنى بامرأته، فأورد أخوه سعد الإبل شريعة الماء، ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، حيث اشتمل بكسائه ونام وإبله فى الورد، فقال مالك هذا البيت، وذهب مثلاً لمن قصّر فى الأمر إيثارا للراحة على المشقّة، وقيل: لمن يريد إدارك المراد بلا تعب ولا مشقّة.
وقوله: مشتمل، أى متلفّف، يقال: اشتمل الرجل بثوبه: تلفّف به وأداره على جسده كلّه حتى لا تخرج منه يده.
المناسبة: تمثّل به أمير المؤمنين عليه السلام حين رفعت قضيّةٌ إلى شريح القاضى فلم يستقصِ فيها، بل اقتصر على طلب البيّنة، فقد روى بالإسناد عن الأصبغ بن نباته، قال: لقد قضى أمير المؤمنين عليه السلام فاستقبله شاب يبكى وحوله قوم يسكّتونه، فلمّا رأى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: يا أمير المؤمنين، إنّ شريحا قضى عليّ قضية ما أدري ما هي. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : «ما هي؟» فقال الشاب: إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبى معهم فى سفر، فرجعوا ولم يرجع، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترك مالاً، فقدّمتهم إلى شريح فاستحلفهم، وقد علمت أنّ أبى خرج ومع مال كثير، فقال لهم: «ارجعوا»، فرجعوا، وعلى عليه السلام يقول هذا البيت. ثمّ قال: «ما يغنى قضاؤك يا شريح! واللّه لأحكمنّ فيهم بحكم ما حكم به أحد قبلى إلا داود النبى عليه السلام ...» إلى آخر الحديث، وفيه أنّه عليه السلام فرّق بين الخصوم، فكان أوّل من فرّق بينهم فى تاريخ الإسلام، ثمّ دعاهم فرادى، حتى أقرّوا بالقتل، فألزمهم المال والدم.
وروى الحديث مختصرا الميدانى فى (مجمع الأمثال) ۱ وأبو هلال العسكرى فى (الأوائل) و(جمهرة الأمثال) ۲ وقال: أراد أنّه قصّر ولم يستقصِ، كتقصير صاحب الإبل فى تركها، واشتماله ونومه.

1.مجمع الأمثال الميدانى، ج ۲، ص ۴۰۷.

2.الأوائل العسكرى، ص ۱۴۳؛ جمهرة الأمثال العسكرى، ج ۱، ص ۹۳، ش ۷۹.

صفحه از 416