الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 378

شرح الغريب: ثبير: جبل بمكّة، العرانين: جمع عرنين، وهو الأنف، واستعارها هنا لأوائل المطر، والوبل: مصدر وبلت السماء وبلاً، إذا أنت بالوابل، وهو ما عظم من القطر، وضمير (وبله) راجع إلى السحاب فى بيت قبله.
وفى الديوان: كأنّ أبانا فى أفانين وَدْقِهِ، وأبان: اسم جبل، وأفانين وَدْقِهِ: ضروب وَدْقِهِ، والودق: المطر، والبِجاد: كساء مخطّط من أكسية الأعراب يتّخذ من وبر الإبل وصوف الغنم، والمزمّل: اسم مفعول بمعنى الملفّف، وقد شبّه الشاعر الجبل وقد غطّاه الماء والغُثاء بشيخ قد تلفّف بكساء مخطّط.
الشاهد فيه: قوله (مزمّلِ) فقد جرّه لمجاورته (بجاد) مع كونه صفة لكبير، وكان حقّها الرفع. وقد أورده الشيخ الطوسى عند كلامه عن فرض الأرجل فى الوضوء على قراءة جرّ الأرجل فى قوله تعالى: «وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ»۱ فقد قيل: إنّها مجرورة بالمجاورة للرؤوس، ولا يوجب ذلك اشتراكها معها فى الحكم، كما قال الشاعر (وأنشد البيت) والمزمّل من صفات الكبير لا البجاد، وأبطل الشيخ هذا النوع من الأعراب من عدّة وجوه ذكرناها فى الشاهد (11).
ومنها: أنّ الأعراب بالجوار إنّما استحسن بحيث ترتفع الشبهة فى المعنى، ألا ترى أنّ الشبهة زائلة فى قوله (مزمّل)، فمعلوم أنّه من صفات الكبير لا البجاد، وليس هكذا الآية، لأنّ الأرجل يصحّ أن يكون فرضها المسح كما يصحّ أن يكون الغسل، والشكّ فى ذلك واقع غير ممتنع، فلا يجوز إعمال المجاورة فيها لحصول اللبس والشبهة، ولخروجه عن باب ما عهد استعمال القوم الجوار فيه.
وذكر الشيخ أيضا أنّ الآية المباركة لا يمكن حملها على البيت، لأنّ الأعراب بالجوار صحّ فى البيت لعدم وجود حرف العطف، وقد تضمّنت الآية حرف العطف، ولا حكم للمجاورة مع وجود حرف العطف.
ونضيف هنا وجهين يخرجان البيت من الحمل على الجوار:
1. ذكر أبو على الفارسى وابن جنّى وابن الشجرى وغيرهم أنّ (مزملاً) ليس على

1.سورة المائدة (۵): الآية ۶.

صفحه از 416