الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 386

التخريج: (التهذيب) 1: 73 / 187 باب صفة الوضوء، والبيت فى ديوان الشاعر من قصيدة طويلة مطلعها:

عَفَت غَيْقَةٌ من أهلها فحريمُهافبرُقةُ حِسْمى۱قاعُها فصريمُها
وأورده الأنبارى فى (الإنصاف)، والبغدادى فى (الخزانة). ۲
الغريم: الدائن أو صاحب الحقّ، والممطول: غير المؤدّى له حقّه، يُقال: مَطَله فى الدين، إذا لواه وسوّف فى قضائه، ولم يؤدّه فى وقت استحقاقه، والمُعنّى: اسم مفعول من (عنّى) يُقال: عنّاه، إذا كلّفه ما يشقّ عليه، وكان سببا فى عنائه وشقوته.
الشاهد فيه: قوله: (قضى كلّ ذى دينٍ فوفّى غريمه) وقد استشهد به الشيخ الطوسى على أنّ الكلام إذا حصل فيه عاملان أحدهما قريب والآخر بعيد، فإعمال الأقرب (وهو الفعل الثانى) أولى من إعمال الأبعد.
والعبارة التى هى موضع الشاهد من باب التنازع، فقد تقدّم عاملان وهما قوله (قضى) وقوله (وفّى) وتأخّر عنهما معمول واحد، وهو قوله (غريمه) وكلّ واحد من العاملين المتقدّمين يطلب المعمول المتأخر مفعولاً، وقد أعمل الشاعر العامل الثانى منهما فى لفظ المعمول، والدليل على أنّه أعمل الثانى هنا أنّه لم يصل ضمير المعمول بالعامل الثانى، لأنّه لو كان قد أعمل الأوّل لوجب أن يقول: (قضى كلّ ذى دين فوفّاه غريمه) على أن يكون التقدير قضى كلّ ذى دين غريمه فوفّاه.
وقد أورد الشيخ الطوسى هذا الشاهد فى معرض حديثه عن آية الوضوء، قوله تعالى: «فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق «فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ»۳
فقد قيل: إنّ قراءة نصب الأرجل لا تقتضى إلا الغسل، ولا تحتمل المسح، لأنّ عطف الأرجل على موضع الرؤوس فى الإيجاب توسّع وتجوّز، والظاهر والحقيقة يوجبان عطفها على اللفظ لا الموضع.

1.غَيقة: اسم موضع، وكذلك حِسمى.

2.ديوان كثير، ص ۳۲۸؛ الإنصاف فى مسائل الخلاف الأنبارى، ج ۱، ص ۹۰، ش ۴۵؛ خزانة الأدب، ص ۲۲۳.

3.سورة المائدة (۵): الآية ۶.

صفحه از 416