الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 390

قد تسابّ مع أشراف قريش من بنى عبدشمس وهاشم لكان إنصافا فى المهاجاة والمسابّة، ولكان حريا به لأنّهم يوازون آباءه فى الشرف والعظمة.
الشاهد فيه: قوله: (سببت وسبنى بنو عبدشمسٍ) فإنّ هذه العبارة من باب التنازع حيث تقدّم فيها عاملان: وهما قوله: (سببت) وقوله: (سبنى) وتأخّر عنهما معمول واحد وهو قوله: (بنو عبدشمس) والأوّل يطلبه مفعولاً، والثانى يطلبه فاعلاً، وقد أعمل فيه الثانى، ولو أنّه أعمل الأوّل لقال: (سببت وسبونى بنى عبدشمس) بنصب (بنى) وإظهار الضمير فى (سبنى).
وقد استشهد به الشيخ الطوسى فى معرض حديثه عن آية الوضوء، قوله تعالى: «فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» . ۱
ففى حال قراءة الأرجل بالنصب، فإنّ عطف الأرجل على موضع الرؤوس أولى، وذلك لأنّ الكلام إذا حصل فيه عاملان أحدهما قريب والآخر بعيد، فإعمال الأقرب أولى من أعمال الأبعد، وقد نصّ أهل العربية على هذا، وجاء القرآن الكريم وأكثر الشعر بإعمال الثانى دون الأوّل لقربه، وأورد الشيخ عدّة شواهد قرآنية وشعرية منها بيت الفرزدق.

[51[]البسيط]

حتّى شَئاها كَلِيلٌ مَوْهِنا عَمِلٌباتَتْ طِرابا وباتَ اللَّيلَ لم يَنَمِ
القائل: ساعدة بن جُؤيّة الهذلى، من بنى كعب بن كاهل، من سعد هذيل، شاعر، من مخضرمى الجاهلية والإسلام، أسلم وليس له صحبة، قال الآمدى: شعره محشوّ بالغريب والمعانى الغامضة، له ديوان شعر مطبوع. ۲
التخريج: (التهذيب) 1: 215 باب المياه وأحكامها، والبيت من قصيدة طويلة للشاعر، رثى بها من أُصيب يوم مَعْيَط وهو موضع منهم سُراقة بن جُعشم من بنى

1.سورة المائدة (۵): الآية ۶.

2.خزانة الأدب البغدادى، ج ۳، ص ۸۶ ـ ۸۷ ؛ شرح شواهد المغنى السيوطى، ج ۱، ص ۱۹؛ أعلام الزركلى، ج ۳، ص ۷۰.

صفحه از 416