الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 393

وأمّا ما قاله السائل: إن كلّ اسم للفاعل إذا لم يكن متعدّيا، فالفعول منه غير متعدٍ، فغلط أيضا، لأنّا وجدنا كثيرا ما يعتبرون فى أسماء المبالغة والتعدية وإن كان اسم الفاعل منه غير متعدّ، ألا ترى إلى قول الشاعر (وأنشد الشاهد).
ثمّ قال: فعدّى (كليل) إلى (موهنا) لما كان موضوعا للمبالغة، وإن كان اسم الفاعل منه غير متعدٍ، وهذا كثير فى كلام العرب، ويدلّ على ذلك أيضا قوله تعالى: «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ»۱ فكلّ ما وقع عليه إطلاق اسم الماء يجب أن يكون مطهّرا بظاهر اللفظ إلا ما خرج بالدليل.

[52[]الوافر]

أقولُ لأُمّ زِنباعٍ أقِرّىصُدُورَ العِيْسِ شَطْرَ بنى تَميمِ
القائل: أبو جُندَب القِرَدى الهُذلى، شاعر جاهلى، عُرف عنه الإباء الشديد والوفاء، وهو مع عشرة إخوة له منهم أبو خِراش الهذلى كلّهم شعراء دُهاة سراع لا يدركهم أحدٌ عَدْوَا، وكان أبو جندب ذا شرّ وبأس، وكان قومه يسمّونه المشؤوم. ۲
ونسبه فى (التهذيب) إلى هذيل، والظاهر تصحيف الهذلى.
التخريج: (التهذيب) 2: 42 كتاب الصلاة باب القبلة. ورواه أبو الفرج الأصفهانى فى (الأغانى). ۳
شرح الغريب: أمّ زِنباع: امرأة الشاعر، وهى من بنى كلب بن عوف، والبيت يقع ضمن قصيدة يخاطب بها الشاعر امرأته، ذكر أبو الفرج (11) بيتا منها فى أغانيه، أقرّ الشى ء: أثبته وأمضاه، وفى (الأغانى): أقيمى، والشطر: النحو والجهة.
الشاهد فيه: قوله: (شطر بنى تميم) أى نحوهم، وقد استشهد به الشيخ الطوسى على أنّ المراد بالشطر فى قوله تعالى: «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).۴ هو النحو، قال: فأوجب اللّه تعالى بظاهر اللفظ التوجّه نحو المسجد الحرام لمن نأى عن المسجد الحرام، والمُراد بالشطر هاهنا النحو... وأنشد البيت.

1.سورة الأنفال (۸): الآية ۱۱.

2.الأغانى أبو الفرج، ج ۲۱، ص ۲۱۵ و ۲۲۳ ـ ۲۲۶ فى ترجمة أبى خراش.

3.الأغانى أبوالفرج، ج ۲۱، ص ۲۲۴.

4.سورة البقرة (۲): الآية ۱۴۴ و ۱۴۹ و ۱۵۰.

صفحه از 416