الشواهد الشعريّة ومناسباتها فى الكتب الأربعة الحديثية - صفحه 395

الهدف، والمراد أنّ تأييده تعالى جعله لا يُخطئ هدف المودّة، بل يصيب كلّ ما أراد من مدحهم عليهم السلام والثناء عليهم، وإن لم يبالغ فى نزع قوس المحبّة.
المناسبة: روى الشيخ الكلينى بالإسناد عن يونس بن يعقوب، قال: أنشد الكميت أبا عبداللّه عليه السلام شعرا، فقال: أخلص اللّه لى هواى، (البيت) فقال أبوعبداللّه عليه السلام : «لا تقل هكذا (فما اُغرق نزعا) ولكن قل (فقد اُغرق نزعا ولا تطيش سهامى)».
وروى أنّ الكميت أنشد هذه القصيدة الإمام الباقر عليه السلام أيضا ودعا له فقال: «اللهمّ اغفر للكميت» ۱ وفى رواية: «لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك وقلت فينا». ۲
وقال أبو رياش القيسى شارح (الهاشميّات): بلغنا أنّ الكميت أنشد محمّد بن على بن الحسين عليه السلام هذا الشعر، فلمّا انتهى إلى قوله (فما أُغرق نزعا ولا تطيش سهامى) قال له محمّد بن على عليه السلام : «من لم يُغرق النزع لم يبلغ غايته بسهمه، ولكن لو قلت: فقد اُغرق نزعا ولا تطيش سهامى».۳
وفى رواية ابن شهر آشوب أنّ الكميت قال موافقا الإمام الباقر عليه السلام على تصحيحه: يا مولاى أنت أشعر منّى فى هذا المعنى. ۴
ويبدو أنّ الإمام الصادق عليه السلام قد نهاه عن أن يقول (فما أُغرق نزعا) لما يستبطن هذا القول من معنى التقصير فى مدحهم وعدم الاعتناء فى مودّتهم، ولأنّه يدلّ على جواز سهم المحبّة عن هدفه على تقدير المبالغة فى المدح والثناء، ولذلك غيّر عليه السلام العبارة «فقد أُغرق نزعا ولا تطيش سهامى» وهى أبلغ وأكمل فى مقام إظهار المحبّة، ذلك لأنّ الشاعر إذا بالغ فى الثناء على ممدوحه خرج عن الحقّ، وقد يلجأ إلى الكذب فى ما يثبته للمدوح، كما أنّ الرامى إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف، لكنّ المادح لأهل البيت عليهم السلام لا يطيش سهم مودّته عن إصابة الغرض وإن بالغ فى مدّ قوسها إلى حدّ الكمال، لأنّه يصيب هدف الحقّ والصدق، ويكون مطابقا لواقع الحال.

1.الأغانى أبوالفرج، ج ۱۷، ص ۲۴.

2.إعلام الورى، ج ۱، ص ۵۰۹ ؛ رجال الكشى، ص ۲۰۸، ش ۳۶۶ نحوه.

3.شرح الهاشميّات، ص ۳۷ ـ ۳۸.

4.المناقب، ج ۴، ص ۲۰۷.

صفحه از 416