إشارات إلى تفسير الإمام الصادق (ع) في أُصول الكافي قراءة تحليلية.. - صفحه 446

عَظِيمًا» ؟ فقال : الطاعة .
وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي الصبّاح، قال :
سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ وجلّ : «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ» ؟ فقال : يا أبا الصبّاح، نحن واللّه الناس المحسودون 1 .
ففسّر عليه السلام الكتاب بالنبوّة ، والحكمة بالفهم والقضاء ، والمُلك العظيم بالطاعة ، كما أنّه فسّر الناس في الآية الكريمة بالأئمّة عليهم السلام ، فإنّهم هم المحسودون حقّا . وقد أقسم الإمام كما في نصّ الرواية لتثبيت ذلك في نفس السائل ؛ لأنّ القسم ضرب من التوكيد درج عليه العرب، والإمام لا يخالف سنن العرب في كلامهم .
وإطلاق الكتاب على النبوّة باعتبار أنّه مستلزم لها ، أو باعتبار أنّه عبارة عن المكتوب، وإيتاء النبوّة كان مكتوبا في اللوح المحفوظ بقلم التقدير . وقوله : قال : الفهم والقضاء ، يعني أنّ الحكمة عبارة عن العلم باللّه وأسرار التوحيد والقوانين الشرعية والقضاء بين الناس بالعدل، فهي عبارة عن الحكمة النظرية والعملية وبناء الخلافة عليهما . قوله : فقال : الطاعة ، أي طاعة الخلق لهم في خصالهم وأفعالهم وأقوالهم وعقائدهم، وهي مُلك عظيم لا يوازيه شيء 2 .
وأكّد الإمام الرضا عليه السلام هذه الرواية وهو يفسّر قوله تعالى الذي ذكرناه، قال : «يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، والمُلك هنا الطاعة لهم» 3 .
وقد أخذ كثير من المفسّرين بهذه الرواية، فمنهم من أثبتها بألفاظها، كالعيّاشي والقمّي وغيرهما 4 ، ومنهم من نقل لهذه الآية تفسيرا قريبا لما روي عن الإمام، لكنّه

1.أُصول الكافي : ج ۱ ص ۲۰۶.

2.شرح أُصول الكافي : ج ۵ ص ۲۵۹.

3.مسند الإمام الرضا للعطاردي : ج ۲ ص ۱۱۵.

4.انظر : تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۱۶۸ ؛ تفسير القمّي : ج ۱ ص ۱۴۰ ؛ مجمع البيان : ج ۳ ص ۱۰۸ ؛ تفسير نور الثقلين : ج ۱ ص ۴۹۰.

صفحه از 469