حتّى صارت إلى الحسين عليه السلام ، لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه وعلى أبيه، ولو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا، ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسن عليه السلام ، فجرى تأويل هذه الآية : «وَأُوْلُواْ الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَـبِ اللَّهِ» .
ثمّ صارت من بعد الحسين لعليّ بن الحسين عليه السلام ، ثمّ صارت من بعد عليّ بن الحسين إلى محمّد بن علي عليه السلام . وقال : الرجس هو الشكّ ، واللّه لا نشكّ في ربّنا أبدا 1 .
وللمفسّرين في معنى «أولي الأمر» قولان آخران :
الأوّل : عن أبي هريرة ـ وفي روايةٍ عن ابن عبّاس وميمون بن مهران والسَّريّ والجَبّاني والبَلخِي والطبري ـ أنّهم الأُمراء .
الثاني : قال جابر بن عبد اللّه ـ وفي روايةٍ عن ابن عبّاس ومجاهد والحسن وعطاء وأبي العالية ـ أنّهم العلماء 2 .
وهذان القولان بعيدان كلّ البعد عن مضمون الآية الشريفة وأنّ المراد بأولي الأمر هم الأئمّة عليهم السلام ، بنصّ الرواية التي أثبتناها أوّلاً عن الإمام الصادق عليه السلام ، إذ لا يجوز إيجاب طاعة أحد مطلقا إلّا من كان معصوما مأمونا منه السهو والغلط، وليس ذلك بحاصل في الأُمراء ولا العلماء، وإنّما هو واجب في الأئمّة الذين دلّت الأدلّة على عصمتهم وطهارتهم ، فأمّا من قال المراد به العلماء، فقوله بعيد ؛ لأنّ قوله : «وأولي الأمر» معناه أطيعوا من له الأمر، وليس ذلك للعلماء .
فإن قالوا : يجب علينا طاعتهم إذا كانوا محقّين، فإذا عدلوا عن الحقّ فلا طاعة لهم علينا . قلنا : هذا تخصيص لعموم إيجاب الطاعة لم يدلّ عليه دليل .
1.أُصول الكافي : ج ۱ ص ۲۸۷ ـ ۲۸۸.
2.التبيان : ج ۳ ص ۲۳۵ ؛ وانظر : مجمع البيان : ج ۳ ص ۱۱۳ ؛ تفسير الرازي : ج ۲ ص ۱۷۹ ؛ تفسير القرطبي : ج ۵ ص ۲۵۸.