ويُلحظ أنّ الإمام يستعمل أُسلوب التوكيد بالقسم إذا فسّر القرآن تفسيرا عقائديا لتثبيت ذلك في نفس المتلقّي . والقسم أُسلوب من أساليب العربية المعتبرة .
وقد شرح المازندراني هذه الرواية شرحا واضحا لا لبس فيه، قال :
يُحتمل أن يراد بالأسماء الحسنى أسماؤهم عليهم السلام ، وإنّما نسبها اللّه إليه لأنّه سمّاهم بها قبل خلقهم، كما دلّت عليهم بعض الروايات ، ويُحتمل أن يراد بها ذواتهم ؛ لأنّ الاسم في اللغة العلامة، وذواتهم القدسية علامات ظاهرة لوجود ذاته وصفاته، وصفاتهم النورية بيّنات واضحة لتمام أفعاله وكمالاته، وإنّما وصفهم بالحسنى ـ مع أنّ غيرهم من الموجودات أيضا علامات وبيّنات ـ لِمَا وجد فيهم من الفضل والكمال، ولمع منهم الشرف والجلال، ما لا يقدر على وصفه لسان العقول ، ولا يبلغ إلى كنهه أقطار الفحول، فهم من مظاهر الحقّ وأسمائه الحسنى وآياته الكبرى، فلذلك أمر سبحانه عباده أن يدعوه ويعبدوه بالتوسّل بهم والتمسّك بذيلهم ۱ .
ولم يلتفت كثير من المفسّرين من الفريقين إلى هذه الرواية الشريفة ، فجاء تفسيرهم لهذه الآية تفسيرا طبيعيا، فقالوا : «إنّ للّه الأسماء الحسنى فادعوه بها»، وفسّروا الأسماء بالعلامات الدالّة على ذاته سبحانه، وأخذوا يعدّدون بعض سماته تعالى تلك .
والحقّ أنّ كلّ تفسير بعد تفسيرهم عليهم السلام باطل؛ لأنّهم هم القرآن الناطق، وهم الراسخون في العلم، وفي بيوتهم نزل القرآن، وهم بتفسيره وتأويله أعلم من سائر الخلق .
وقد روي عن الإمام الرضا عليه السلام ، قال :
إذا نزلت بكم شدّة، فاستعينوا بنا على اللّه ، وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها۲.
1.شرح أُصول الكافي : ج ۴ ص ۲۲۱.
2.تفسير الصافي : ج ۲ ص ۲۵۴.