الأثر التفسيري في روايات «الكافي»، كتاب الزكاة أُنموذجا - صفحه 419

العظيم في المجتمع .
ومن مقارنة ما جاء من التفسير في هاتين الروايتين مع ما ذكره المفسّرون من دلالة لفظ الماعون في الآية الكريمة ، يظهر استيلاء كلام المعصوم عليه السلام على كلام غيره ، وذلك يحثّ المشتغل في التفسير على تتبّع الروايات التي تناثرت في كتاب الكافي ، دون الاقتصار على المصادر التفسيرية التي يكون بعض التفسير فيها تطويل بلا طائل ، بعدما ورد عن أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم من التفسير ، فهم مكلّفون بالبيان ، إذ نصّبهم اللّه تعالى أعلاما لدينه ، فكأنّ لسان حال تفسيراتهم يخاطب من اتّبع السبل التي لا تغني عن الحقّ شيئاً ، حاكيةً ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، إذ يقول :
أين تتيهون ، ومن أين تؤتون ، وأنّى تؤفكون ، وعلام تعمهون ، وبينكم عترة نبيّكم ، وهم أزمّة الصدق ، وألسنة الحقّ۱.

بيان ضابطة في التمييز بين صنفين

ما رواه الكليني من سؤال أبي بصير للإمام الصادق عليه السلام عن قوله تعالى : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَـمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»۲ ، حيث بيّن الإمام أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام حال الفقير والمسكين ، قائلاً:
الفقير الذي لا يسأل الناس، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهدهم۳.
وكأنّ تفسير الإمام عليه السلام انصبّ على بيان شدّة الحاجة وضعفها بين الفقير والمسكين ، وأردفه ببيان أشدّهما حاجةً ، متضمّنا التفريق بين الفقير والمسكين ،

1.عيون الحكم والمواعظ للواسطي : ص ۱۳۰.

2.التوبة : ۶۰.

3.فروع الكافي : ج ۲ ص ۲۸۷ كتاب الزكاة باب فرض الزكاة ح ۱۶.

صفحه از 433