الأثر التفسيري في روايات «الكافي»، كتاب الزكاة أُنموذجا - صفحه 424

بيان الفرد أو المصداق الأظهر

ما رواه الكليني بسنده عن أبي بصير، قال :
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت، وهو قول اللّه عزّ وجلّ :«رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ»۱. . .۲.
قد تستدعي مناسبة بيان حكم معيّن بيان أحد مصاديق المعنى في الآية أو أحد أفراد معانيها من باب التطبيق ، خصوصا إذا كان الفرد المذكور هو الفرد الأظهر ، وقد يبقى الباب مفتوحا أمام إمعان النظر وحركة الفكر في الآية وغيرها من الآيات ؛ لإمكان إفادة دلالات أُخرى ، وقد أطلق السيّد محمّد حسين الطباطبائي ـ تبعا لما ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ـ مصطلح الجري والتطبيق ۳ ، وهو نظرية «يُراد بها أنّ الآية القرآنية أو أيّ جزءٍ منها ممّا يجري على قواعده العامّة في التفسير ، وهذا يعني أنّ التفسير في ظواهره يستوعب المعاني الأوّليّة لغةً وروايةً ، ولكن هناك بعض المعاني الثانوية الأساسية لاستنباط التفسير يكون إيرادها من قبيل تطبيق المفهوم على المصداق ، أو تطبيق المفاهيم العامّة على أبرز مصاديقها الخاصّة» ۴ .
وذلك أنّ النصّ القرآني يحتمل وجوها ، ويكون تفسيرها بفردٍ معيّن من باب الجري والتطبيق، كانطباق الكلّي على مصاديقه ، أو الطبيعي على أفراده ، فيفسّر بأظهر أفراده للمناسبة أو القرينة ، وقد يركّز على مصداقها المثالي الذي هو أكمل المصاديق ، فإنّ القرآن كما قال عنه الإمام أبو جعفر محمّد الباقر عليه السلام : «حيّ لا يموت، والآية حيّة لا تموت . . .»۵.
وفي هذه الآية كان الفرد الأظهر الذي يتعلّق به الإنسان ممّا تركه هو المال ، ولمّا كان أكمل الأفراد التي تتعلّق بالمال من العمل الصالح هو الزكاة ، كان التفسير بها

1.المؤمنون : ۹۹ ـ ۱۰۰.

2.فروع الكافي : ج ۲ ص ۲۸۹ كتاب الزكاة باب منع الزكاة ح ۱۱.

3.انظر : تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي : ج ۱ ص ۴۱.

4.البحث الروائي في تفسير الميزان لمظاهر جاسم عبد الكاظم : ص ۱۹۷.

5.تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۲۰۳.

صفحه از 433