وانفرد الآلوسي ـ فيما بين أيدينا من كتب التفسير عند الجمهور ـ بالإشارة إلى الزكاة في تفسير قوله تعالى : «رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَــلِحًا فِيمَا تَرَكْتُ»۱ ، وقرن إليها الحجّ بتفسير رفعه إلى ابن عبّاس ، بقوله :
. . . فعن ابن عبّاس رضي اللّه تعالى عنهما: إنّ مانع الزكاة وتارك الحجّ المستطيع يسألان الرجعة عند الموت ۲ .
ثمّ اختار القول بأنّ المراد من : «فِيمَا تَرَكْتُ» التركة، وأيّده بما رواه جابر بن عبد اللّه الأنصاري عن الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله ، بقوله :
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا حضر الإنسان الوفاة، يُجمع له كلّ شيء يمنعه عن الحقّ فيُجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :«رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ». . .۳، ثمّ قال بعد ذلك : وهذا الخبر يؤيّد أنّ المراد ممّا تركت من المال ونحوه۴.
ويلفت البحث إلى جهتين :
1 ـ إنّ دلالة المتروك في قوله تعالى : «رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ»۵ ، تنطبق على ترك زكاة المال بالدلالة التضمّنية ، وهو أظهر المصاديق ، بيد أنّه لا مانع من انطباقه على غيره من العبادات المالية والبدنية ، ممّا يتمنّى المرء أن يرجع إلى الدنيا من أجل امتثاله، ليتخلّص ممّا يراه حين ينكشف عنه الغطاء ويرى هول المطّلع ، أو حين يرى العذاب .
2 ـ ضرورة الجمع بين دلالات النصوص القرآنية ، ببركة تفسير المعصومين عليهم السلام .
وهاتان الجهتان يفادان من متابعة مثل ما رواه الكليني في الكافي ، فجزاه اللّه عن الإسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين .
1.المؤمنون : ۹۹ ـ ۱۰۰.
2.تفسير الآلوسي : ج ۱۸ ص ۶۴.
3.المصدر السابق.