الأثر التفسيري في روايات «الكافي»، كتاب الزكاة أُنموذجا - صفحه 408

وتعالى ، بقوله : «وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»۱ ، ونهض من بعده أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، فهم الراسخون في العلم ، وهم عدل القرآن الذي أكّد عليه النبيّ صلى الله عليه و آله في مواقف عديدة ، وعلى رأسهم أوّل من تكلّم في تفسير القرآن بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو أعلم المسلمين بكتاب اللّه وتأويله بلا مدافع ، بل هو باب مدينة العلم .
عن ابن مسعود أنّه قال :
إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلّا وله ظهر وبطن ، وإنّ عليّا عنده من الظاهر والباطن ۲ .
وسار على منهجه الأئمّة المعصومون عليهم السلام من بعده ، فكانوا حملة القرآن ودعاة القرآن ومفسّري القرآن، كما كانوا عدل القرآن ۳ .
ولمّا كان الكليني قد جمع الكثير ممّا روي عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ، استدعى ذلك تتبّع هذه الروايات والنظر فيما حملته من التفسير ، وإن كان ترتيبها بحسب تبويبٍ يبتعد في نهجه عن المنحى التفسيري التسلسلي ، إذ إنّ هذه الروايات التفسيرية قريبة في ترتيبها للتفسير الموضوعي ، وإن لم يكن مقصودا .
وقد أخذ البحث كتاب الزكاة أُنموذجا لما يفترضه من وجود ذلك المنحى التفسيري ، ومحاولاً تسليط بعض الضوء على جملة من البيان التفسيري في آيات فسّرتها روايات رواها الكليني عن المعصومين عليهم السلام ، واستعراض بعض ما جاء في تلك الآيات من البيان لدى مفسّري جمهور المسلمين ، ليتّضح مدى فائدة الانتهال من علوم أهل البيت عليهم السلام ، وعدم إحاطة غيرهم بكثير من المعاني ، إن لم يخبطوا فيها .
اقتضت طبيعة البحث على اشتماله على مقدّمة مقتضبة ، والتعريف بالكليني

1.النحل : ۴۴.

2.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۲۰.

3.انظر : المقداد السيوري وجهوده التفسيرية للباحث : المقدّمة.

صفحه از 433