الأثر التفسيري في روايات «الكافي»، كتاب الزكاة أُنموذجا - صفحه 413

النبيّ صلى الله عليه و آله في مواقف عديدة ، وعلى رأسهم أوّل من تكلّم في تفسير القرآن بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو أعلم المسلمين بكتاب اللّه وتأويله بلا مدافع ، بل هو باب مدينة العلم .
عن ابن مسعود أنّه قال :
إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلّا وله ظهر وبطن ، وإنّ عليّا عنده من الظاهر والباطن ۱ .
وهكذا أولاده المعصومون الذين هم نفس رسول اللّه ، وهم المقصودون بالإفهام ، لما كلّفهم اللّه تعالى من قيادة المجتمع وإقامة أحكامه ، وبيان مراده تعالى .
فلا غرو أن يجد الباحث أنّ تفسيرات أئمّة أهل البيت عليهم السلام التي وردت في روايات أصحابهم ، قد حملت معاني وبيانات تفسيرية لها الشأن الأكبر والحظّ الأوفر في إيضاح المراد وإيصاله إلى أفهام عموم الناس ، فقد يرى الباحث عبارة من تفسير المعصوم مختصرة في ألفاظها ، مبسوطة في معانيها، غنية في مدلولاتها ، لا تدانيها عبارات مسهبة تدور حول المعنى، وربّما لا تصل إليه طالما ابتعدت عن المنهل الذي جعله اللّه تعالى الشرعة والمنهاج . وقد تحيط عبارة من عبارات الإمام في تفسير مفردة في آية بكلّ عبارات من تصدّى للتفسير من جمهور المسلمين .
وسيقف البحث عند بعض هذه البيانات التفسيرية ، من خلال أُنموذج من الكتب التي جمع فيها الكليني روايات أهل البيت عليهم السلام ، ألا وهو «كتاب الزكاة» ، حيث ضمّ هذا الكتاب تسع عشرة آية قرآنية، عدا المتكرّر منها ؛ ليدلّل على ما يزعم البحث ، وهو «الأثر التفسيري الواضح لروايات الكافي» .
وبعض هذه الروايات اشتمل على آية أو آيات كشاهد للحكم ، بيد أنّ بعض الروايات كان الأصل فيها سؤال من أحد الأصحاب عن تفسير آية ، ولمّا ضمّت هذه الآية ما ينفع في أحد أبواب الزكاة، عمد الشيخ الكليني لإدراجها في بابها الخاصّ .

1.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۲۰.

صفحه از 433