الأثر التفسيري في روايات «الكافي»، كتاب الزكاة أُنموذجا - صفحه 418

وظاهرٌ أنّ صنع المعروف يدلّ على ما تيسّر منه ، واصطناع المعروف لما يتكلّف السعي فيه ، وهذا يعمّ الدلالات الأُخرى ، إلّا أنّ ذكرها جاء لنكتة تأكيدية ، وهي الإلفات إلى أنّ إعارة مطلق المتاع داخل في المعروف ، فيكون دالّاً على الحثّ عليه . وذكر متاع البيت تنبيه إلى دخول الحقير من المتاع في هذا المعروف ، إذ أنّ متاع البيت شامل حتّى للإبرة .
أمّا الحقّ المالي الذي عبّر عنه بالزكاة ، سواء كانت واجبة أو مستحبّة ، فالواجبة حقّ مفروض معيّن ، والمستحبّة ممّا يستحقّه المؤمن على أخيه من باب الإعانة المأمور بها ، فدخلت الزكاة في المعروف ، إلّا أنّ ذكرها بعبارة : «ومنها الزكاة» إيذانا بأنّ الزكاة من المعروف ، ولا يقتصر الخطاب الإلهي عليها ، بل هي وغيرها من الإعانة ممّا أمر الشارع به .
أمّا القرض، فهو لا شك من وجوه المعروف، إذ هو خير من الصدقة كما هو ثابت ، ثمّ إنّ المفسّرين ذكروا من جملة معاني الماعون المال ۱ ، فالقرض حينئذٍ داخل في معناه ، وكأنّ تفسير الإمام أكّد على دخوله فيه .
وعلى هذا، فتفسير الإمام صلوات اللّه عليه جاء على نحو التفصيل بعد الإجمال ، فاصطناع المعروف يدخل فيه ما ذكر من التفسير ، ثمّ فصّل بذكر بعض الأفراد التي تحتاج إلى بيان ، بيد أنّ هذا التفصيل انتظم الفرد الأضعف وهو متاع البيت ، ثمّ ترقّى إلى أفرادٍ أُخرى، مشيرا إلى دخول بعضها التي قد يتصوّر عدم دخولها ، فأكّد على مصداقٍ لم يهتدِ إليه المفسّرون ، ألا وهو أنّ الماعون بمعنى القرض ، في حين أنّه داخل تحت تفسير الماعون بالإعانة المالية ، كما تدخل الهبة والصدقة ، وهما ممّا ذكره المفسّرون ۲ ، بيد أنّ القرض خير من الصدقة ، وهو إعانة مالية لها أثرها

1.انظر : جامع البيان : ج ۳۰ ص ۴۰۷ ؛ تفسير الثعلبي : ج ۱۰ ص ۳۰۵ ؛ تفسير القرطبي : ج ۲۰ ص ۲۱۴ ؛ التسهيل لعلوم التنزيل : ج ۴ ص ۲۲۰ ؛ تفسير الآلوسي : ج ۳۰ ص ۲۴۲.

2.انظر : جامع البيان : ج ۳۰ ص ۴۰۷ ؛ تفسير القرطبي : ج ۲۰ ص ۲۱۴ ؛ البحر المحيط : ج ۸ ص ۵۱۹ ؛ ? فتح القدير للشوكاني : ج ۵ ص ۵۰۰ ؛ تيسير الكريم الرحمن لعبد الرحمن السعدي : ص ۹۳۵.

صفحه از 433