منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 369

وهذا النمط الأخير هو ما يعنينا، وهو ما يصدق عليه في الوقت ذاته تسمية «منهج تفسير القرآن بالقرآن»، وهو عملية عرض ما أُبهم في النصّ القرآني على نصّ قرآني آخر؛ لورود بيان النصّ الأوّل وإيضاحه في ذلك النصّ الآخر، بغضّ النظر عن درجة إبهام النصّ الأوّل وطبيعته، فما زال النصّ الآخر كاشفا للأوّل، فهو تفسير له ، فقد ترد لفظة غامضة الدلالة ـ سواء كانت عامّة أم مطلقة أو مجملة ـ في موضعٍ من آيةٍ قرآنية، ويرد لها بيانٌ وكشفٌ في موضعٍ آخر من آيةٍ قرآنية أُخرى، وبإجراء عملية عرض المبهم على الواضح يتحقّق منهج تفسير القرآن بالقرآن .
ويعدّ منهج تفسير القرآن بالقرآن من أقدم المناهج التفسيرية، وأكثرها تطبيقا وانطباقا على حقيقة الدلالة المطلوبة ۱ ؛ لأنّ كلام اللّه تعالى يُفسّر بعضه بعضا، والمتكلّم هو الأعلم بمراده ومضمون كلامه ، وما أبانه سبحانه بنفسه أولى بالقبول والانصياع ممّا أبانه الناس على مقدار عقولهم واجتهادهم في نطاق النصّ .
لهذا ينظر إلى منهج تفسير القرآن بالقرآن على أنّه المنهج الأصدق في التفسير والأكثر ثقةً، والأبعد عن مجانبة الحقيقة ؛ لأنّه صادر من الذات المقدّسة (المتكلّمة) ذاتها .
من هنا «حظي هذا المنهج باهتمامٍ واسعٍ، خاصّة عند المفسّرين في القرن الأخير ، بحيث اتّخذه بعض المفسّرين منهجا رئيسا لهم، كما يتّضح ذلك في تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي ، وتفسير الفرقان للدكتور محمّد الصادقي الطهراني ، والتفسير القرآني لعبد الكريم الخطيب ، وآلاء الرحمان للبلاغي» ۲ ، والبيان للسيّد الخوئي، وغيرها .

1.انظر : المبادئ العامّة لتفسير القرآن الكريم لمحمّد حسين الصغير، ضمن كتاب (دراسات قرآنية) : ص ۸۱ ؛ ومباحث في علم التفسير لعبد الستّار حامد : ص ۱۶۴ ؛ ودروس في المناهج والاتّجاهات التفسيرية للقرآن لمحمّد علي رضائي : ص ۴۳.

2.ودروس في المناهج والاتّجاهات التفسيرية للقرآن : ص ۴۳ ، وللاستزادة في بيان نشأة هذا المنهج وتطوّره انظر : تفسير القرآن بالقرآن لياسر كاصد الزيدي ، وهو بحث منشور في مجلّة آداب الرافدين ، جامعة الموصل : العدد ۱۲ ص ۲۸۵ ـ ۳۲۴.

صفحه از 406