منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 370

أمّا ما يشغلنا من هذا الشأن فهو كتاب الكافي للشيخ الكليني، فقد كان هذا المدوّن من المدوّنات التي حظيت بتوظيف المرويات الحديثية في عملية تفسير ما أبهم من النصّ القرآني بالنصّ القرآني نفسه ، فعلى الرغم من أنّ كتاب الكافي للشيخ الكليني يعدّ مدوّنا روائيا ؛ إذ يمثّل أحد أقوى موارد المعرفة الشيعية في نطاق استنباط الأحكام الشرعية وتجلّيات التنظير الفقهي، حيث يركن إليه في كلّ شاردة وواردة لاستنقاء الدلالة الحكمية وإبرائها للنفس والذمّة ؛ فعلى الرغم من هذه النظرة التخصّصية فيه، فإنّه تعرّض في طيّات نصوصه إلى بيان بعض مبهمات النصّ القرآني .
إذ يورد الكليني نصّا روائيا لمعصومٍ ينطوي ذلك النصّ الروائي على منهج تفسير القرآن للقرآن ، فقد وظّف الكليني جملة من النصوص الروائية لبيان نصوص قرآنية أُخرى قد غمض معناها وأبهم المراد منها بدقّة، فكان توظيفه هذا عملاً تفسيريا محضا ، وقد نسب تلك النصوص جميعها إلى الأئمّة عليهم السلام ؛ لأنّهم النخبة الأكثر معرفةً والأعمق غوصا في مكنونات النصّ المعجِز واستجلاء دلالاته الخفية .
ويبدو أنّ الكليني بعمله هذا قد أضفى على سفره الثمين سمةً نفعيةً مزيدةً ؛ إذ من المتسالم عليه أنّ الكافي كتاب رواية وحديث، يستقي منه العلماء والمتبصّرون الأحكام الإلهيّة، ويبنون عليها استنتاجاتهم مشفوعة بالدليل وسبل الإقناع ، على حين أنّ النظرة إلى كتاب الكافي على أنّه مدوّن تفسيري ، أو بتعبير أدقّ مدوّن ينطوي على تفسير ـ فيما أخال ـ لم تكن ملحوظة فيه من قبل ، لهذا يمكن أن يُحسب لهذه النظرة حسابها في إعادة التفكير في تثمين كتاب الكافي على جهة تخصّصية واحدة فحسب .
لقد انطوى الكافي على جملة نصوص روائية مسندة إلى الأئمّة عليهم السلام ، جرى فيها

صفحه از 406