منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 371

بيان إبهام موجود في آية قرآنية بآية قرآنية أُخرى منفصلة عنها ، ويبدو أنّ مردّ اعتماده في هذا البيان على مرويات الأئمّة يرجع إلى أنّ السنّة النبويّة تعدّ من التراكيب النصّية الشارحة لمبهم القرآن ؛ إذ تُبيّن وتُفصّل ما أبهم معناه فيه ۱ ؛ «لأنّ الرسول وظيفته التبليغ والبيان» ۲ .
فالتبليغ يؤدَّى بنقل النصّ المنزل إلى الناس ، والبيان يؤدَّى بإيضاح ما أراده سبحانه بالنصّ المُنزَل ، فإذا ما وقع فيه غموض كان الرسول صلى الله عليه و آله هو المُخوّل ببسط معناه وإزاحة اللثام عن دلالته ، وسند هذا التوكيل واضح في النصّ القرآني، وذلك في قوله تعالى: «وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»۳ ، فنجد أنّ مهمّة الرسول صلى الله عليه و آله ـ تأسيسا على ما انطوت عليه هذه الآية من مضمون ـ هي تفصيل القرآن وتيسيره للفهم، سواء وقع ذلك البيان على اللفظ الغامض بتحديده وتشخيصه، أم كان موضعه الكلام الواضح ، فيزيده طواعية ويسرا فيُقرّبه للأذهان ويبسط فيه القول حتّى يكون حجّة على من يدّعي عدم الفهم لدلالة النصّ كاملة .
وفي نصٍّ آخر يقول سبحانه وتعالى : «وَ مَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»۴ ، فنلحظ أنّ هذه الآية قد ألزمت الناس جميعا بوجوب الطاعة للرسول صلى الله عليه و آله ، بدلالة الأمرين: «فَخُذُوهُ» و«فَانْتَهُوا» ، فالأمر منه نافذ والنهي منه جارٍ على سائر الناس ، فإذا كان سبحانه قد عهد إلى الرسول صلى الله عليه و آله تكليفا ـ في آية النحل ـ إيضاح النصّ المقدّس للناس ، فإنّه قد أمر الناس بالمقابل ـ في آية الحشر ـ أن يتولّوا مهمّة الطاعة لما يفصّله الرسول صلى الله عليه و آله ، فتكون مسؤوليتهم التطبيق وأداء المطلوب منهم من دون جدل أو نقاش . وبناءً على دلالتي الآيتين يعدّ «كلّ ما

1.انظر : الإتقان في علوم القرآن : ج ۲ ص ۴۶۷ ؛ مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني : ج ۲ ص ۴۵.

2.مناهل العرفان في علوم القرآن : ج ۲ ص ۴۵.

3.النحل : ۴۴.

4.الحشر : ۷.

صفحه از 406