منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 379

الابن بزوجة الأب المتوفّى»، وهو ما سماه سبحانه بالفاحشة المُبطّنة ؛ ذلك بأنّ زواج الابن بزوجة الأب أمر خارج عن نطاق الشريعة، ومن ثمّة يكون الأداء الزوجي في هذه الحال ناءٍ عن أصل التشريع وحلّية المباشرة .
أمّا لفظة «البغي»، فقد خصّصها سبحانه بقوله : «بِغَيْرِ الْحَقِّ» ؛ لكي لا تختلط مع البغي بحقّ ، وثمّة مصداق لداعي هذا التخصيص والإيضاح من النصّ القرآني، وهو قوله تعالى : «وَلَا تَعْثَوْاْ فِى الأَْرْضِ مُفْسِدِينَ»۱ ، فقد قيّد سبحانه العثو بقوله «مفسدين»؛ لأنّ من العثو ما لا يؤدّي إلى الإفساد، وهو ردّ الظلم على الظالم، فهو في ظاهره يمثّل العثو في الأرض، بيد أنّ نيّة العمل هي الاصطلاح وردّ الظلم على أهله ۲ .
لذا كان التحديد بقوله تعالى: «بغير حقّ» واجب وله مصداق توضيحي في النصّ القرآني ، أمّا لفظة «البغي» فقد صَمَتَ عن بيانها الإمام؛ لأنّ البغي يدلّ على معنى الظلم . والمتتبّع للسياقات القرآنية سيجد أنّ لفظة «البغي» في النصّ القرآني تدلّ على معنى الظلم عموما بلا استثناء ۳ ، والظاهر أنّه لا حاجة للإمام إلى أن يُوضّح هذه المفردة؛ ذلك بأنّ الظلم محرّم بأنواعه كافّة، يقول سبحانه : «ذَ لِكَ وَ مَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ»۴ ، وفي موضعٍ آخر قال سبحانه : «إِذْ دَخَلُواْ عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَ اهْدِنَآ إِلَى سَوَآءِ الصِّرَ طِ»۵ ، ولوضوح الأمر اكتفى الإمام ببيان لفظتي الفواحش والإثم فحسب .

1.الأعراف : ۷۴.

2.انظر : التبيان للطوسي : ج ۱ ص ۲۶۹ ؛ الجوهر الثمين لعبد اللّه شبّر : ج ۱ ص ۱۰۲ ؛ وللاستزادة انظر : دلالة الحال في التعبير القرآني بين التأسيس والتأكيد للباحث، وهو بحث منشور في مجلّة القادسية / جامعة القادسية ، العددان (۳ و ۴) ۲۰۰۶ م : ص ۱۱۲.

3.انظر على سبيل المثال : سورة الشورى : ۳۹ ؛ سورة آل عمران : ۸۳ ؛ سورة المائدة : ۵۰ ؛ سورة يونس : ۲۳.

4.الحجّ : ۶۰.

5.سورة ص : ۲۲.

صفحه از 406