منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 382

وقد أكّد الرازي ملازمة الإثم للخمرة في إجابته على من قال: «الآية لا تدلّ على أنّ شرب الخمر إثم ، بل تدلّ على أنّ فيه إثما ، فهَب أنّ ذلك الإثم حرام، فلِمَ قلتم : إنّ شرب الخمر لمّا حصل فيه ذلك الإثم وجب أن يكون حراما» ۱ ، فأجاب الرازي مؤسّسا إجابته على قاعدة ملازمة الإثم للخمر بقوله : «لأنّ السؤال كان واقعا عن مُطلق الخمر ، فلمّا بيّن تعالى أنّ فيه إثماً ، كان المراد أنّ ذلك الإثم لازم له على جميع التقديرات ، فكان شرب الخمر مُستلزما لهذه الملازمة المحرّمة ، ومستلزم المحرّم محرّم ، فوجب أن يكون الشرب محرّما» ۲ .
4 ـ وظّف سبحانه لفظة «كبير» لبيان دلالة التحريم في الآية ، إذ وردت لفظة «إثم» مطلقة؛ لأنّها نكرة في سياق إثبات، فقيّدها سبحانه بالنعت «كبير» ؛ ليوضّح بهذا النعت مراد النصّ من أنّ صفة الإثم في الخمر ليست صفة مبهمة حتّى يخال القارئ أو المتلقّي بأنّ هذا الإثم قد يكون صغيرا ، ذلك بأنّ من دواعي التنكير تصغير الأشياء وتحقيرها ، فمن أجل أن لا يخطر هذا التوقّع الدلالي على النصّ، حسم سبحانه المضمون بالصفة «كبير» للدلالة على حرمة الخمر ؛ لأنّ إثمهما ليس بإثمٍ صغيرٍ يمكن أن يُغفر أو يُتغاضى عنه ، بل هو كبير، وهذا الكبر يستلزم الابتعاد عنه، وكلّ ما كان إثمه كبيرا فهو محرّم بالضرورة .
ويبدو أنّ الطوسي قد استوثقت لديه القناعة في أنّ هذا النصّ يحتوي على دلالة تحريم الخمر، بناءً على إتباع لفظة «إثم» بالصفة «كبير»، إذ قال : «إنّه ـ يعني اللّه ـ قد وصفها بأنّ فيها إثما كبيرا ، والكبير محرّم بلا خلاف» ۳ ، فلا أضرّ من الكبير .
ولا داع من القول بأنّ الإثم الكبير هو مباح من حيث الممارسة والأداء، وإلّا لِمَ وصفه اللّه تعالى بأنّه كبير ، ولهذا «لمّا نزلت هذه الآية، أحسّ القوم بتحريمها وعلموا

1.التفسير الكبير : ج ۶ ص ۳۹۸.

2.المصدر السابق : ص ۳۹۹.

3.التبيان : ج ۲ ص ۲۱۳ ؛ وانظر : فقه القرآن في شرح آيات الأحكام لقطب الدين الراوندي : ج ۲ ص ۲۷۷.

صفحه از 406