منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 383

أنّ الإثم ممّا ينبغي اجتنابه» ۱ ، فما بالُك إذا كان كبيرا .
وتأسيسا على وجود صفة «كبير» في النصّ ، رأى الطباطبائي أنّ الخمر مصداق صريح للإثم، وأنّ اللّه تعالى قد وصف القتل وكتمان الشهادة والافتراء بالإثم فحسب، ولم يقيّده بالكبر، على الرغم من أنّ سائر ما وصفه سبحانه بالإثم هو مُحرّم. من هنا نستدلّ على أنّ الخمر محرّم أيضا ، بل إنّ حرمته واضحة واجبة؛ لوجود القيد الوصفي «كبير» للإثم ۲ .
وتأسيسا على هذا الاستقراء من الطباطبائي، توصّل في نهاية عرضه لتفسير هذه الآية إلى دلالة القطع الحازمة بتحريم الخمر في هذا النصّ، وذلك في مقولته: «وبالجملة ، لا شكّ في دلالة هذه الآية على التحريم» ۳ . فنلحظ أنّ الطباطبائي قد نفى جنس الشكّ عموما من القول بعدم تحريم الخمر في هذه الآية ، وهذا يوحي بعمق إيمانه القطعي بأنّ الخمر قد حُرّم تأسيسا على هذا النصّ .
ولا يأخذنا الشكّ البتّة في أنّ الطباطبائي قد اطّلع على مرويات الإمام الكاظم عليه السلام في هذا المجال، ولهذا قطع بدلالة الحرمة في هذا النصّ ابتداءً .
5 ـ إنّ استعماله سبحانه لصيغة التفضيل «أكبر من» في قوله : «وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا» ، يدلّ دلالة جلية على حرمة الخمر إذا ما أُسندت هذه الدلالة إلى نطاق الترجيح العقلي ؛ ذلك بأنّ القاعدة العقلية تقول : إنّ ما كان ضرره أكبر من نفعه، فإنّ تركه أولى من العمل به ، فحينما قال: «وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا» ، صرّح برجحان الإثم والعقاب، وذلك يوجب التحريم ۴ ف «إذا زادت مضرّة الشيء عن منفعته، اقتضى العقل الامتناع عنه» ۵ .

1.تفسير الصافي للفيض الكاشاني : ج ۱ ص ۲۴۸.

2.انظر : تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي : ج ۲ ص ۲۰۰.

3.المصدر السابق .

4.التفسير الكبير : ج ۶ ص ۳۸.

5.مجمع البيان للطبرسي : ج ۲ ص ۷۸.

صفحه از 406