منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 388

وعلّل الإمام هذا المنحى التحديدي بقوله: «تُقطع الأربع أصابع وتُترك الإبهام ؛ يَعتمد عليها في الصلاة، ويغسل بها وجهه للصلاة» ۱ ، فمن أجل أن يؤدّي السارق صلاته صحيحة بالسجود على راحته وإبهامه وهو موضع السجود الصحيح والكامل لليد، يُترك إبهامه وتُقطع الأصابع الأربعة من أُصولها فحسب .
والأظهر لدينا أنّ الإمام الصادق عليه السلام قد اعتمد في هذا الموضع في بيان دلالة تحديد موضع القطع على قوله تعالى: «وَ أَنَّ الْمَسَـجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا»۲ ، إذ نُقل عن الإمام الجواد عليه السلام أنّه وظّف آية قرآنية في بيان تحديد موضع قطع يد السارق ، ومن الغريب واللّافت للنظر أنّ الكليني لم يورد هذه الرواية وهو في معرض حديثه عن موضع حدّ السرقة، فقد اكتفى بذكر موضع القطع بالروايات المنقولة عن الإمام الصادق عليه السلام فحسب ، ولم يذكر علّة بيان ذلك الحكم التحديدي من التعبير القرآني. أو بتعبيرٍ آخر لم يذكر على أيّ شيء استند الإمام الصادق في ذلك التحديد ؛ لذا نرى من الأجدى أن نبيّن تلك العلّة وذلك السبب الكامن وراء هذا التحديد ، حيث نُقل عن أبي داوود تأويل الإمام الجواد عليه السلام قوله تعالى: «وَ أَنَّ الْمَسَـجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا»۳ على غير معناه الظاهر، وأنّه وظّف الدلالة التأويلية لهذا النصّ لاستنباط حكم شرعي غاية في الأهمّية ؛ إذ تنقل لنا مدوّنات التفسير أنّ الإمام الجواد عليه السلام قد ضمّه والمعتصمَ العبّاسي مجلسٌ واحدٌ، فتناقش الفقهاء والعلماء في المجلس لتحديد مقدار القطع من يد السارق بعد ثبوت السرقة عليه، فأدلى كلٌّ بدلوه ، إذ يروي أبو داوود:
إنّ سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة ]المعتصم] تطهيره بإقامة الحدّ عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه ، وقد أحضر محمّد بن علي [الجواد] عليه السلام ، فسألنا عن القطع في أيّ موضعٍ يجب أن يُقطع ؟ قال : فقلت من الكرسوع ، قال : وما

1.المصدر السابق : ج ۱ ص ۲۲۵.

2.الجنّ : ۱۸ .

صفحه از 406